رأي

حديث لا بدّ منه (9)

} كما قل .. فإن الأخ “سعد عوض”، محافظ المديرية الشمالية، كان قمة في الأدب والأداء ومثالاً حياً للإداري الناجح، وكان نائبه الأخ” سيف الدين الزبير محمد الملك”، وكان ملكاً بحق وحقيقة في تعامله ومساندته لنا في مسيرتنا هذه، لأنهم يعلموننا جيداً.. وقال “سعد عوض الله” و”سيف الدين” معاً: لا نخاف من أناس لهم دين وخلق ومرتبطون بالمساجد. وفي هذه إشارة لأعضاء لجنة المتابعة.
} وتم الاجتماع في قاعة المدير العام للسكة الحديد، وكان وقتها المهندس “وصفي”، وهو مهندس حاذق وإداري صارم وصاحب قرار، أنزله الله منازل الأبرار وطيب الله ثراه، وكذلك الأخ العقيد أمن” فوزي”، ووجوه غريبة لم نشهدها من قبل. وفتح النقاش: (ماذا تريد لجنة المتابعة إذا فازت بدوائر النقابة أن تعمل.. وقد نما إلى علمنا أنكم إذا فزتم بدوائر النقابة سوف يكون هدفكم الأساسي هو إسقاط النظام وسوف تعوقون مسيرة العمل)؟ وكان معي إخوة من لجنة المتابعة، “حسين محمد الحسين”، “عثمان المك”، “محمد عثمان عباس”، “محمد عثمان الضيف”،و “عبد الرحيم أحمد الحسن”، زبعضهم مضى إلى الله في الخالدين، تقبلهم الله بواسع رحمته.
} قلت لهم: نحن ليس لنا أهداف بخلاف الارتقاء بمرفق السكة الحديد والنهوض به وتحسين وضع العمال، وهمنا الأول يتلخص في رفع الروح المعنوية للعمال ومعالجة الإحباط الذي أصابهم من تصرفات النقابة السابقة، ونحن لا نريد تسييس النقابة، بل هدفنا الذي نحن بصدده استقلالية النقابة وبعدها من التيارات السياسية حفاظاً على وحدة العمال، ومن ثم نطالب إدارة السكة الحديد ثم الدولة بتوفير الإسبيرات من أجل صيانة كل قاطرة متوقفة داخل الورش أو خارجها. والحوار كان ساخناً، وكنا جادين في طرحنا. ثم رفع الاجتماع.. وهذه الحيثيات رفعت للأخ الأستاذ “سعد عوض” محافظ المديرية، وقال إنه سعيد بذلك (وهذا هو المتوقع، وقد فوتم الفرصة على من أراد تعويقكم وقد نجحتم في طرحكم المسؤول.. عليه سوف أرفع التقرير للجهات العليا من أجل حسم الموقف واعتماد سحب الثقة وإجراء الانتخابات).
} ورغم ذلك تطاول الأمر، وقد أخذ يدب في نفوس العمال أن هنالك تآمراً، خاصة أن الإدارة بدأت ترفع تقارير بأن لجنة المتابعة سببت لهم إزعاجاً أكثر من اللازم. وفكرنا بأن الأمر لن يحسم بهذه الكيفية التي صبرنا عليها كثيراً، والأمر قارب الخمسة أشهر، ونحن لجنة متابعة ولسنا نقابة منتخبة، وقضايا العمال كثيرة، فأوعزنا للعمال بالعودة للاعتصامات، ومرة أخرى دخلنا في جولات واعتصامات جديدة، عمت كل أقسام السكة الحديد.
} بعد هذه المواقف شعر نظام مايو بالإحراج، رغم موافقته على سحب الثقة، وقد تم ذلك في وقت وجيز ولا زالت المراوغات تترى. واجتمع السيد مساعد الأمين العام للمنظمات الفئوية – وكان وقتها الرجل المهذب” أبو القاسم هاشم” – بالنقابة السابقة المطالب بحلها، وألزمهم بتقديم استقالتهم، وذلك لأنهم أرادوا أن يحفظوا لهم ماء وجهوهم، لأنهم قالوا (نحن كقيادة للنقابة السابقة أحرقنا مراكبنا ويعاملنا النظام بهذه الكيفية ويوافق على سحب الثقة، ونحن السند الحقيقي لثورة مايو الظافرة ويمكن لأعداء النظام من الإمساك بزمام النقابة ونحن نعلم أنهم يريدون إسقاط النظام من خلال النقابة)؟
} لكن الأخ “أبو القاسم هاشم” طيب الله ثراه ألزمهم بتقديم الاستقالات إكراماً لمواقفهم، والمعلوم أن الثقة قد سحبت منهم بشهادة اتحاد نقابات عمال السودان ومكتب العمل بعطبرة والاتحاد الفرعي للنقابات بالمديرية الشمالية.. ثم تم الإعلان عن الانتخابات للنقابة العامة عبر مكاتب العمل.. غكيف جرت الانتخابات في هذه الأجواء المشحونة بالمواقف المتعددة؟! هذا ما نقف عليه في عمودنا القادم إن شاء الله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية