رأي

قرارات مصيرية

} أحياناً نتخذ قرارات تكون مؤثرة في مستقبلنا التعليمي والمهني، ولكننا نجد أنفسنا ملتزمين بها رغم تأثيراتها السلبية في مرحلة من المراحل. أول قرار ندمت عليه في البداية، ولكن اتضح أنه القرار الصحيح في النهاية، كان قرار دخولي المدرسة الابتدائية، إذ أنني صممت على دخولها رغم أن سني وقتها كان فقط خمس سنوات لأن أخي الأكبر الذي عمره سبع سنوات كان بحاجة إلى رفيق له في مشوار المدرسة من البيت في “القوز” إلى “الرميلة”، ورغم أن مدير المدرسة أصر على أن لا أكون ضمن التلاميذ، إلا أنني رفضت ذلك بشدة وبكيت كثيراً إلى أن رق قلبه وسمح لي بالجلوس كمستمع. وعندما جاء الامتحان فوجئ الجميع بأنني نجحت في كل المواد بتفوق، فسمحوا بانتقالي للصف الثاني وأنا لم أصل السادسة من عمري. وكانت تلك بداية انطلاقتي.
} عندما كنت في الخامسة اتخذت القرار الصحيح، ولكن وأنا في الثلاثينيات اتخذت قراراً غبياً لازلت نادماً عليه. تقدمت للالتحاق بدبلوم العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم، وقد درسنا القانون الدولي ونظريات العلاقات الدولية والاقتصاد الدولي وغيرها، وكانت الدراسة باللغة الانجليزية لمدة (12) شهراً دون أية إجازة سوى شهر واحد خلال رمضان، وكانت دراسة شاقة جداً زاد من مشقتها أننا كنا نعمل وندرس في وقت واحد، إذ كنت آنذاك أعمل في (صحيفة الإنقاذ).
} ويبدو أن الإنهاك الشديد الذي أصابني خلال دراسة هذا الدبلوم كان خلف تصميمي أنني لن أواصل في الدراسات العليا مهما كانت المغريات، ولهذا ما أن تسلمت شهادة العلاقات الدولية التي تضمنت إعداد بحوث تم نقاشها في الفصل حتى قررت ألا أقترب من مبنى الجامعة مرة أخرى لمدة عامين على الأقل. وكان قراراً غبياً، إذ واصل باقي زملائي دراساتهم ونالوا الماجستير والدكتوراة.
} أقنعت نفسي أنني لست بحاجة إلى دراسات عليا لأني لن أفارق مهنة الصحافة ولا أحلم بالعمل في الجامعة، لم أحس أنني ارتكبت خطأً في هذا القرار إلا بعد أن كتبت أول مقال بعد الدبلوم ولم أضع لقب (دكتور) قبل اسمي، لأني توقفت حتى عن المرور بشارع الجامعة، لذا شعرت أن العودة للكراسات القديمة والملخصات أمر مرهق. ليتني تحملت عامين آخرين من الإرهاق وحصلت على الدكتوراة. بالمناسبة الدرجة التي تحصلت عليها تعامل في “بريطانيا” على أنها ماجستير أي أن الحاصل عليها يبدأ تحضير الدكتوراة.
} تأثرت بالدكتور “حسن مكي” وكنت أود أن أتخصص في الصراع الدولي على شرق أفريقيا، لكن الصحافة بنجاحاتها ومشاكلها أخذتني بعيداً عن أحلام الدراسات العليا، وبمرور السنوات تكاسلت فكان قراري الغبي بعدم المواصلة في الدراسات العليا.
> سؤال غير خبيث
هل من الممكن البدء في الدراسات العليا الآن وقد بلغت الستين؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية