الراحل «عوض محمد أحمد»..عاش للقلم ونذر حياته للكتابة
} يبدو أن علاقتنا مع الحزن والأسى أصبحت علاقة أبدية، كما أن الصدمات والفواجع صرن يحطن بنا من كل جانب، وما أن نفيق من تأثير صدمة رحيل رفيق أو نخرج من غيبوبة حزن على فراق زميل، وقبل أن نبتلع مرارة خبر رحيل عزيز، نفاجأ في اليوم التالي بخبر آخر مليء بالقسوة يعلن عن رحيل أعز عزيز.
} آخر هذه الفواجع باغتتنا صباح يوم السبت الماضي، معلنة عن رحيل الزميل والصديق والأخ الإنسان النادر والصحفي الماهر «عوض محمد أحمد» الذي فارق دنيانا الفانية بهدوء الكبار وصبر الأبطال تاركاً وراءه سيرة ناصعة البياض ومسيرة حافلة بالإبداع في مجال الصحافة والإعلام. و»عوض محمد أحمد» يعتبر من جيل شباب الصحافة الذين ساهموا بقوة في إحداث ثورة تغيير في الصحافة الفنية والانتقال بها إلى مرحلة التطور والحداثة والمواكبة والتميز، كما ساهم في نجومية العديد من المبدعين الشباب في المجالات كافة.
} (قوون)، (الأضواء)، (الحلوة) و(الدار) وغيرها من الصحف، شهدت انحيازه لكل مبدع صاحب قضية وموساندته لكل صاحب موهبة صادقة.
} عاش للقلم ونذر حياته للكتابة، كل كتاباته كانت ذات قيمة وإضافة، فلم يكن يميل للإثارة الرخيصة وقلمه لم ينزلق يوماً نحو صحافة الابتذال والابتزاز، ولم يعرف أساليب الاستهداف والتشفي والتخفي، كان نظيف القلب وشفيف الروح ورشيق العبارة.
وضوح أخير:
} «عوض محمد أحمد» هذا الشاب الخلوق على الرغم من تقلده للعديد من المناصب في عدد من الصحف، وبرغم ما حقق من نجاحات في جميع المواقع التي عمل بها، إلا أن ذلك كله لم يغير في طبعه وطريقة تعامله مع الآخرين ولم يؤثر ذلك في (معدنه الأصيل).
} عندما أصابه مرض (السرطان) اللعين أشفقنا عليه وكنا نخشى أن ينهزم للمرض ويتحول لشخص ضعيف، ولكن رغم التأثير الذي ظهر على جسده النحيل، إلا أنه فاجأنا بعزيمته وقوة إرادته وشجاعته وظهر كعادته رجلاً قوياً وصامداً قادر على الوفاء بالتزاماته المهنية والاجتماعية، بل وفاجأ الجميع بحضور قوي في كل الفعاليات والأنشطة الثقافية الأدبية والفنية وفي المناسبات الاجتماعية.
} كانت تربطني به علاقة رائعة الجمال، وعندما عاد من «القاهرة» نويت زيارته بمنزله وتواعدنا أنا والزميل «حمزة علي طه» لنسجل له زيارة خاصة، لكنه سبقني وفاجأني بزيارة في مكتبي مهنئاً ومباركاً انضمامي لصحيفة (المجهر)، بل وقدم لنا اثنين من إبداعاته الصحفية التوثيقية، قمت بنشرها في (منوعات المجهر) في نفس الأيام التي زارنا فيها (مطلع سبتمبر)، الأولى تناول فيها السيرة الإبداعية للفنان الصومالي «أحمد ربشة»، والثانية كتب فيها عن تجربة الموسيقار الفنان «أسامة بكلو».
} حقاً رحيل «عوض محمد أحمد» يعتبر خسارة للصحافة، فلا أحد يستطيع أن يملأ الفراغ الذي تركه.
} نسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يعوض شبابه الجنة، ويلهم أسرته الصغيرة والكبيرة الصبر والسلوان ويجعل البركة في ذريته.
(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)