حوارات

"محمد ضياء الدين" رئيس اللجنة السياسية بتحالف قوى الإجماع الوطني في حوار الشفافية:

خطوة المؤتمر الشعبي، التي جاءت مفاجئة للقوى السياسية بقبوله الحوار غير المشروط مع المؤتمر الوطني، بعد قطيعة اقتربت من عامها الخامس عشر.. جعلت التوقعات تنذر بمستقبل ضبابي لعلاقته بقوى الإجماع الوطني، خاصة وأن الأخيرة كانت قد رفضت تماماً فكرة الحوار مع (الوطني) دون تحقيق مطالبها التي تكون عربوناً.
وفي ظل هذه التوترات والافتراضات، بات الإجماع قاب قوسين أو أدنى من أن يفقد حزبين من الأحزاب المهيمنة وذوات القاعدة الجماهيرية الأكبر.. عقب تجميد حزب الأمة نشاطه مؤخراً، وذهاب الشعبي في طريق الحوار مع (الوطني).
(المجهر) جلست إلى القيادي بقوى الإجماع الوطني والناطق باسم حزب البعث الاشتراكي “محمد ضياء الدين” للحديث حول وضع (الشعبي) بالتحالف بعد التطورات الأخيرة بالساحة السياسية.

} المؤتمر الشعبي وتحالف قوى الإجماع الوطني.. مستقبل مهدد بالخلاف بعد موافقة الأول على الحوار مع (الوطني)..؟
– على الرغم من أن قوى الإجماع الوطني قد وضعت متطلبات للحوار مع الوطني.. وكان موقفها واضحاً حيال ذلك، إلا أن الشعبي أظهر وجهة نظر أخرى عبر عنها بدخوله مفاوضات مع الوطني بدون اشتراطات، وهذا شأنه.
أما قوى الإجماع الوطني فموقفها واضح، وهذا الأمر بالتأكيد سيكون له ما بعده. أما في ما يتعلق بموقف التحالف من حزب المؤتمر الشعبي فقد ذكر أن الأخير ما زال جزءاً من قوى الإجماع الوطني ولم يصدر بشأنه أي قرار، ونترك له خيار تحديد علاقته بالتحالف، كما سبق لقوى الإجماع أن تركت لحزب الأمة خيار تحديد علاقته، بالإجماع، لأننا لا نملك (فيتو) على تنظيم ما يتعلق بخياراتنا، لكن الموقف الموحد خير من الموقف الذي يظهر قوى الإجماع كأنها لا تستطيع التعبير والاتفاق كمنظومة واحدة.
} قراءتكم لخطوة المؤتمر الشعبي التالية.. هل اقترابه أكثر من (الوطني) سيقلل سقف مطالبه كواحد من أحزاب قوى الإجماع؟
– تطورات الحوار هي التي ستحدد مآلات العلاقة مستقبلاً بين الشعبي والوطني من جهة، والمعارضة من جهة أخرى، ونحن كإجماع وطني على ثقة من أن هذا النظام لن يستطيع الالتزام بأي تعهدات مع أي طرف من الأطراف، والتجربة خير برهان، فالوطني في كل اتفاقياته التي أبرمها سابقاً مع أطراف سياسية، ورغم توصله إلى اتفاق معها، إلا أن هذه الاتفاقيات لم تجد طريقها للتنفيذ.. لذلك نحن فقدنا الثقة فيه وفي تعهداته، وأنا أعتقد أن (الشعبي) لن يتوصل إلى أي اتفاق سياسي مع (الوطني) إلا إذا توصلا إلى أن يعيدا لحمتهما التنظيمية ويعودان حزباً واحداً.
} ولكن الشعبي تحدث عن أن دخوله في الحوار مع (الوطني) إجرائي، ولا يختلف معكم في المطلوبات ولكن في طريقة المطالبة؟
– نعم هذا ما قاله حزب المؤتمر الشعبي، وهذا هو أس خلافه معنا، فالمناخ العام للحوار غير مهيأ.. إذ كيف تدخل في حوار مع انعدام الحريات والقوانين التي تتيح لنا التواصل مع جماهير الشعب، كيف ندخل في حوار والقوانين مفقودة، كيف يدخل في حوار وهناك حرب دائرة والنظام ما زال مستمراً في منهجه؟!
لذلك كان طلبنا أن يستبق الحوار تهيئة المناخ، و(الوطني) لا بد له من يهيئ للحوار قبل جلوسه مع الأطراف الأخرى، وهذه المطلوبات نحن نعتبرها واجبات، فمثلاً هل سوف نجلس لنتناقش مع (الوطني) حول الحريات، وماذا سنقدم له في هذا الشأن وهي عبارة عن سلطة خاضعة بيد الحزب الحاكم.
أظن أنه بقرارات من (الوطني)، يمكنه أن ينزل هذه الواجبات إلى أرض الواقع، وعندها يمكن أن تقول إن (الوطني) جاد في دعوته للحوار، وإلا فهو يريد الحوار لأجل الحوار فقط، وهذا ما أفقد الحوار كل المضامين التي من شأنها أن تجعل منه مدخلاً لمعالجة قضايا البلد. لذلك نحن نطلب تهيئة المناخ أولاً، وغير ذلك ليس أمامنا سوى المطالبة بإسقاط النظام وإقامة وضع انتقالي يشارك فيه كل أبناء الشعبي لمرحلة محددة، ينجز بنهايته انتخابات حرة ونزيهة.
} ولكن ألا ترى أن (الوطني) بدأ مؤخراً في تقديم تنازلات من شأنها أن تظهره كطرف جاد في الحوار؟
– (الوطني) بهذه الخطوات يريد أن يضيف لحزبه بعض الأحزاب لإعطائه شرعية، ويطرح فكرة الحكومة القومية كـ (سمكرة) لما تسمى محكومة الوحدة الوطنية، بإضافة بعض القوى المحسوبة على المعارضة.
نحن لا نطالب بحكومة قومية وإنما بسلطة انتقالية، وإذا كان (الوطني) جاداً عليه القيام بجملة من الإصلاحات، لأنه دون ذلك فلن يكون هنالك أي حوار، وإنما نحسب بهذه الخطوة أنه حريص على بقاء مؤسساته ورموزه وحريص على استقطاب بعض القوى السياسية التي تدعم موقفه وبرنامجه.
} بم تفسر التغييرات الأخيرة في الحكم وذهاب قيادات الصف الأول؟
– ذهاب هذه القيادات لا يعنينا في شيء، وكلهم اعتبرهم أبناء مدرسة المؤتمر الوطني.
} إذا قدم الوطني بعضاً من متطلباتكم، ألا يجعلكم ذلك تتراجعون خطوات ليتم التقارب بينكم.. وتجلسون في طاولة الحوار؟
– إذا قدم الوطني التنازل في قضية الحريات والحرب وتداعياتها، وتبعها بالإفراج عن المعتقلين، عندها يمكننا أن ننظر في جملة هذه التطورات، ولكل حدث حديث.
} خطاب الرئيس الأخير تحدث عن الحريات ضمن خطط المرحلة القادمة؟
– أعتقد أن الحريات لا تحتاج إلى خطابات، وإنما قرارات جادة بإلغاء كافة القوانين المقيدة لها.
} في رأيك لماذا قبل (الشعبي) الحوار مع (الوطني) فجأة بعد قطيعة دامت (15) عاماً؟
– أعتقد أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها الدولة والقرارات الجريئة للمؤتمر الوطني بإحالة بعض كوادره من الصف الأول إلى التقاعد السياسي، إضافة إلى استمرار الحوارات ذات الطابع الاجتماعي التي تطورت إلى حوارات سياسية بين الشعبي والوطني، والوعود التي قدمها الوطني للشعبي بوجود إصلاحات جذرية وحقيقة داخل الحزب على مستوى الدولة، من شأنها أن تعيد للمؤتمر الشعبي بعض ما فقده في مرحلة سابقة.. كل هذه التداعيات أدت إلى إعادة الشعبي النظر في موقفه السياسي، فقرر ابتداء قبول دعوة الوطني لحضور خطاب الرئيس، ثم أعلن عن مبدأ الحوار متجاوزاً مسألة الاشتراطات، وأخيراً قال إن مسألة إسقاط النظام يمكن أن تؤثر على جملة الواقع السوداني، وبذلك أصبح موقف الشعبي أقرب لموقف “الصادق المهدي” الذي عبر عنه في وقت سابق ووجد على إثره هجوماً عنيفاً من الشعبي.
كل هذه التداعيات السياسية هي التي جعلت الشعبي يتخذ هذه القرارات الأخيرة التي لم تفاجئ المراقبين السياسيين فقط وإنما فاجأت حتى بعض أعضاء حزب المؤتمر الشعبي.
وأتوقع أن استمرار الشعبي في حواره مع الوطني سيفقده كثيراً من قواعده وكوادره، خاصة في أوساط الشباب والطلاب.
} يقال إن هناك اجتماعات مغلقة تمت بين الوطني والشعبي قبل أن يأتي الأخير مشاركاً في حضور خطاب الرئيس.. هل تعتقد أن الوطني قدم إغراءات للشعبي تجاوزت سقف مطالبه وجعلته يتنازل؟
– أذكر أن هنالك وعوداً قدمت للمؤتمر الشعبي من قبل الوطني، سواء عن طريق رسمي أو غير رسمي، وهي التي جعلت شيخ “حسن” يحضر خطاب الرئيس، وما كان له أن يحضر ما لم تكن هنالك ضمانات واضحة تجعل “الترابي” طرفا أصيلا في المشاركة وحضور الخطاب.
} مقاطعة: هل لديك معلومات تؤكد وجود هذه الضمانات وما شكل هذه الضمانات؟
– ما أستطيع أن أؤكده هو أن هناك ضمانات مقبولة وذات طابع سياسي قدمت للشعبي.. وقد توصله عن طريق استمرار حواره للمشاركة مع الوطني، وقد تصل لوحدة الحزبين بعد قطيعة (15) عاماً، وقد توصل لاتفاق يعيد وحدة الإسلاميين المفقودة. هذا الأمر متروك للطرفين وإلى أي مدى يمكن للمؤتمر الوطني أن يقدم تنازلات بغرض إعادة شيخ “الترابي”.
} في قراءتك.. هل تعتقد أن وحدة الإسلاميين قادمة كما توقعها الشعبي في تصريحاته؟
– طبيعي جداً أن تكون هنالك أشواق للوحدة بين الأطراف الإسلامية، كما نحن حريصون كقوميين على وحدتنا، وهو شأن من لا خلاف عقائدي أو أيديولوجي بينهم، ولكن الإشكالية ليست في الخلافات العقائدية بقدر ما هي في المواقف السياسية التي فرقت العقائديين من ذوي التوجيه الأيديولوجي الواحد.
} جمد الأمة نشاطه بالتحالف سابقاً.. والآن يسير الشعبي في طريقه.. وقد يكون مؤشراً لإضعاف قوى الإجماع وكسر قوته، ما تعليقك؟
– أؤكد أن الحزبين الأمة والشعبي ما يزالان طرفين رئيسيين في قوى الإجماع الوطني، على الرغم من أن (الأمة) وضع اشتراطات محددة وربطها بعودته لتحالف قوى الإجماع.
} وماذا كان رد قوى الإجماع على اشتراطات الأمة؟
– قوى الإجماع رفضت هذه الاشتراطات في اجتماع الأحزاب الأخير، وتركت لحزب الأمة قراره في يده بالعودة أو الانفصال عن الإجماع، لذلك فحزب الأمة الآن عملياً عضويته مجمدة لحين توفيق أوضاعه.
أما الشعبي فرغم الخلاف الذي بيننا في وجهات النظر إلا أنه ما يزال شريكا أصيلا في الإجماع، وأستطيع أن أؤكد أن الأوزان السياسية ليست أحزاباً، فلو كل القوى السياسية ذهبت لتحاور الوطني وتبقى حزب واحد أو حتى رجل واحد لمثل الأغلبية في تحديده للموقف الوطني الصحيح المرتبط بقضايا النضال الوطني.. فالأغلبية فمع من يقف في صف حقوق الجماهير.
} تحدثت عن اشتراطات لحزب الأمة ليعود لقوى الإجماع ما هي هذه الاشتراطات؟
– في مسالة الموقف من النظام وحواره معه، بالإضافة إلى الهيكلة، وهي القضايا الرئيسية التي طرحها، ونحن لا نقف ضدها ولكن قلنا إنه يجب أن لا تكون اشتراطات، لأنه ليس من قواعد العمل الجبهوي إدارة حوار مع طرف بشروط، لأن بروز أي موقف أو رؤية جديدة يجب الاتفاق حولها بدلاً من وضع شروط أولاً حتى لو كانت هذه الاشتراطات مقبولة.
} في رأيك ما الذي أوصل حزب الأمة لوضع اشتراط لحواره معكم بعد حواره مع الوطني؟
– أؤكد ليك أن هنالك مسائل داخلية وأخرى إقليمية ودولية فرضت على الكثير من الأطراف إعادة النظر في قراءتها للموقف السياسي الداخلي، بما فيهم المؤتمر الوطني نفسه، أما نحن فموقفنا واضح ونستمده من جماهير شعبنا، وبالتالي المؤثرات الخارجية لا تؤثر علينا كثيراً، لذلك نطالب كل القوى السياسية بالسودان أن تنظر لمصلحة البلد وأن لا تتأثر بالقرارات الأجنبية حتى لا تصبح رهينة لإرادتها. وكلنا نعرف إلى أي نتيجة قادت نيفاشا الشعب السوداني وقواه السياسية. فكل الرعايات الدولية في الاتفاقيات السابقة دمغت بالفشل.. لذلك فنحن حريصون على أن يكون حوارنا وطنياً سودانياً.
} الاتحاد الأوروبي كان قد دعا القوى السياسية لحوار في ألمانيا؟
– ولماذا ألمانيا.. لماذا لا نتحاور في ميدان أبو جنزير أو قبة “المهدي” أو حتى القصر الجمهوري؟ هل فقدنا الثقة في أنفسنا ليكون أي عقد لدولتنا يحتاج إلى مأذون من الخارج؟
نحن نؤكد على أن الحوار لا بد أن يكون داخليا ويشمل حتى حملة السلاح.. لا بد من إشراكهم في الحوار لنصل إلى حل يعبر عن إرادة السودانيين، ويمنع البلد من الانزلاق نحو المجهول.
} ما رؤية قوى الإجماع تجاه الانتخابات التي أعلن الوطني أنها ستقوم في وقتها؟
– المعارضة قررت مقاطعة الانتخابات في ظل إصرار الوطني على خوضها، وأكدت أن النظام غير الديمقراطي لا يمكن أن يخرج انتخابات ديمقراطية.. والدستور الدائم أيضاً لا يمكن صياغته في ظل وطن متشظٍّ، نصفه يعيش في حرب والنصف الآخر حريته مصادرة. المعارضة لن تقبل بوضع الدستور إلا في المرحلة الانتقالية. أما إذا أراد الوطني أن يجري الانتخابات في ظل هيمنته السياسية، فليقمها كما يريد، هذا شانه، أما الإجماع فترفضها رفضاً باتاً.. فليفز بالإجماع السكوتي.. وقد علمنا أن الانتخابات ستكلف البلد ما لا يقل عن (800) مليون دولار، فليوفر هذا المبلغ لتقديم مساعدات إنسانية للنازحين والفقراء وليفز بالتزكية أو الإجماع.. ونحن راضون عن ذلك.
} ولكن إذا فضلت بعض الأحزاب التابعة لقوى الإجماع الوطني خوض هذه الانتخابات؟
– الذين يتوافقون مع المؤتمر الوطني عليهم أن يقبلوا بنسبة الحركة الشعبية في البرلمان بدون انتخابات، وأن يديروا البلد بأغلبية المؤتمر الوطني. نحن لن نهتم بأمر الانتخابات الآن، وجل اهتمامنا هو ترتيب أنفسنا والعمل وسط القطاعات الشبابية والمرأة، ونحن حريصون على ترتيب أنفسنا وإعادة جولة المعركة ضد النظام، وهمنا الأكبر هو إسقاطه، لذلك لا نهتم الآن بهوامش الأمور التي يطرحها الوطني لمزيد من تعقيد المشهد السياسي.
} يتهم البعض المعارضة بالضعف ؟
– نعم، لأنه إذا كانت المعارضة قوية لما بقي الوطني بالحكم يوماً واحداً.. ولكن أظن أن تراكم حركة النضال الجماهيري سيؤدي إلى تحقيق هدفنا عاجلاً أم آجلاً، ودونكم ما حدث عندما استقطب “نميري” بعض الأحزاب المعارضة، ولكن دخول هذه الأطراف هل منع الشعب من إسقاط النظام؟ لذلك من يريد أن يشارك هذا النظام ويكتب لنفسه سوء الخاتمة فليشاركه.. والحزب الحاكم يستقوي الآن بالأحزاب التي ينعتها بالضعيفة.
} البعض يرى أن الحراك والحوار الذي يخوضه الوطني الآن لأجل تجميل وجهه للانتخابات القادمة؟
– لا أعتقد ذلك، فالوطني يعمل الآن لأجل إنقاذ سلطته وكوارده.
} حتى إذا أخذنا في الاعتبار زهد الوطني من قيادات الصف الأول وتوقع البعض إعلان الرئيس عدم الترشح في الانتخابات القادمة؟
– نحن لا نناضل ضد أشخاص بل ضد سياسة، ومن يقوم بوضعها هو الحزب الحاكم، لذلك فنحن نناضل ضده حتى إذا تم إبعاد “علي عثمان” أو غيره.
} قوى الإجماع الوطني.. أين تقف الآن.. وهل هنالك أحزاب انضمت إليه حديثاً؟
– الآن لدينا أكثر من (19) حزباً بالإضافة إلى عدد كبير من منظمات المجتمع المدني والقطاعات المختلفة، وكل يوم هنالك قطاعات تطلب الانضمام للقوى من داخل العاصمة أو الولايات. لذلك نستطيع الآن أن نقول إن قوى الإجماع أصبح قلب المعارضة الحقيقي بالسودان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية