مجرد سؤال

نحن أهل الطيب (الأبى يبيع «النعجة»)!!

راعي الأغنام بالمملكة العربية السعودية «الطيب يوسف الزين» والذي تم تداول قصته الشهيرة مع الشباب والذين حاول اختبار أمانتهم عندما طلبوا منه أن يبيع لهم (نعجة).. هذا الراعي كان مثالاً للأمانة والنزاهة التي دعانا الله سبحانه وتعالى لها وهو مثال ممتاز لكل السودانيين الذين يعملون بدول المهجر.
هذا الراعي البسيط والذي دعته الظروف المعيشية القاسية إلى ترك وطنه وأهله وأحبابه فقط من أجل أن يوفر لهم عيشة هنيئة وعيشة رغدة.
رغم الحاجة الماسة والفقر إلا أن أمانته وإيمانه القوي بالله سبحانه وتعالى وقفت سداً منيعاً لبيعه (النعجة) بعد أن عرض عليه (200) ريال، بل وقال لهم بالحرف الواحد (والله لو أديتوني 200 ألف ريال ما ببيعها)… سبحان الله… فالأغنام أمانة في عنقه وهو لم يخن الأمانة التي حملها الإنسان وكان كما وصفه الله سبحانه وتعالى هنا بأنه كان ظلوماً جهولاً قال تعالى في (سورة الأحزاب الآية 72) (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا).. صدق الله العظيم
إنها الأمانة التي رفضت السموات والأرض والجبال أن تحملنها، رفضها للأمانة له معانٍ ودلالات لكون حمل الأمانة من أصعب الأشياء فهو بحاجة إلى إيمان قوي ونزعة دينية قوية تصدك عن خيانة الأمانة.. فالمال فتنة وكذا كل الأشياء المرتبطة بالمال.. فالأغنام التي يرعاها الراعي السوداني تعتبر مالاً كثيراً فهي تقع في الفتن، وممكن جداً أن يغريك الشيطان لتخون الأمانة وتمد يدك للحرام، وقد لا يتم اكتشافك المرة الأولى والثانية والثالثة والله يعطيك الفرصة لكي تصحح أخطاءك (يمهل ولا يهمل).
الراعي غرس في نفوسنا أشياء قيمة وإيمانيات ستظل راسخة في الأذهان مدى الحياة وذلك عندما قال للشباب (إذا صاحب الغنم ما شافني الله شايفنى وبعدين في الشبر أقول شنو؟؟) (الشبر) لم يفهمه الشباب وهو بلغتنا نحن السودانيين هو القبر (الشبير) كما يقول المداح وهم يوصفون الموت والقبر.
يا لها من رسالة نحن حقيقة بحاجة إليها في زمن لهتنا الدنيا ومشاغلها عن معانٍ سمحة كثيرة.. جاء «الطيب يوسف الزين» ليذكرنا بها.. فهو من «شرق سنار» كما قال، فالتحية للسودان وأهل «سنار» ومملكة الفونج وعمارة دقنس.. سنار الشيخ «فرح ود تكتوك» الذي ترك لنا بصمات دينية وتربية دينية، أيضاً بلغة بسيطة وسهلة يفهمها كل الناس بل وستظل إرثاً دينياً وأمثالاً يحتذى بها (كل يا كمي قبال فمي) وقصة ابنته التي جاءته تشكو زوجها وتبكي وبطريقة جميلة جداً استطاع أن يعيدها لمنزل زوجها ودونكم قصة الإبريق الذي تهشم وبكى عليه حينها فهمت الابنة ما يقصده ورجعت إلى منزل زوجها، وكذلك قصة الشاب الذي كان يطاردونه فلجأ إلى الشيخ «فرح» وقال له اختبئ في كوم القصب هذا وعندما جاء الذين يطاردونه سأل الشيخ منه ورد لهم أنه في كوم القصب هذا ولكنهم لم يصدقونه وعندما انطلقوا خرج الشاب من كوم القصب مذعوراً وقال للشيخ: لماذا تخبرهم بمكاني إلا أن رد «ود تكتوك» كان درساً لنا جميعاً عندما قال للشاب: (إذا لم يخرجك الصدق فإن الكذب لا يخرجك) يا سبحان الله دروس وعبر تعلمناها من الشيخ «فرح» والآن نتعلمها من حفيده.
شكراً للسوداني البسيط الطيب وأنت سفارة للسودان في «السعودية».. سودان الكرم والعزة والقران ونار القران.
ستظل فخراً لنا مدى الحياة ونحن مازلنا نتذكر حديثك بأن الغنم ماحقتك وصاحبها مافي والله شايفني وكان السماء والأرض انطبقن والشبر والقبر.
أين نحن من هذه المعاني في زمان كثرت فيه الفتن وخيانة الأمانة وأكل أموال الناس بالباطل.. في زمان كثرت فيه الاعتداءات على المال العام.. أموال الكافة وليست أموال شخص واحد.. إنها خيانة الأمانة التي حملناها وقبلنا بأن نحملها رغم أن السموات والأرض والجبال رفضن حملها وأشفقن من حملها.
وأخيراً نقول للسودانيين المقيمين بالسعودية (أقدلوا بكل فخر واعتزاز فانتم أهل الطيب الأبى يبيع «النعجة»).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية