المعارض المثير للجدل مبارك الفاضل في حوار الساعة مع (المجهر) "1-2"
اتهم القيادي السياسي المعارض “مبارك الفاضل المهدي” الإمام “الصادق المهدي” بمحاولة اغتيال شخصيته سياسياً، وأنه يصطف بذلك مع (الإنقاذ) عقب اتهام الإمام له بأنه يرشو وزراء في دولة الجنوب للتهرب من الجمارك. وقال إن “الإمام” لم يعزز كلامه ببينات أو مستندات، واتهم في حواره مع (المجهر) المؤتمر الوطني بأنه تنكر لنصوص وروح الاتفاقيات السياسية التي وقعها مع خصومه. ورأى أن صعود الفريق “بكري حسن صالح” لمنصب النائب الأول لرئيس الجمهورية يمكن أن يقود إلى انفراج وطني.
وقال «الفاضل» إن الحوار بين المعارضة والحكومة ليس غاية في حد ذاته بل وسيلة للاتفاق على معالجة أزمة الحكم. ولإبداء حسن النوايا بين الأطراف نادى بالدعوة لعقد مؤتمر دستوري جامع تحت رعاية الآلية الأفريقية، يتم تكليفها بالتشاور مع الحكومة والمعارضة بشقيها السياسي والمسلح حول الأجندة والضمانات، والترتيبات الانتقالية المطلوبة، خاصة آليات التنفيذ.
فإلى مضابط الحوار..
} اتُُّهمت من قبل الإمام “الصادق المهدي” بأنك ترشو وزراء في الجنوب لتسهيل أعمالك التجارية هناك ؟
-كان غريباً بالفعل أن يدخل الخط “ابن عمي” الإمام “الصادق المهدي” كمروج لمثل هذه الأكاذيب عبر شريط فيديو نشرت مضمونه صحف الخرطوم، اتهمني فيه بأن الرئيس “سلفاكير ميارديت” شخصيا اشتكي بأنني أقوم برشوة وزرائه، من أجل السماح لشركاتي بتوريد سلع إلى دولة جنوب السودان “دون سدادي لجمارك الدخول، وقال إنني أقاسم هؤلاء الوزراء الأرباح.
} هل ذلك حدث بالفعل؟
-هذا طبعاً اتهام كبير من زعيم سياسي وديني كبير، يسيء للرئيس “سلفاكير” بمثلما يسيء لوزرائه قبل أن يسيء لشخصي، كما أنه يسيء أكثر للإمام ابن عمي، إذ لم يستطع أن يعزز كلامه ببينات او مستندات، وهو بذلك يصطف مع (الإنقاذ) الخصم في محاولة لاغتيال شخصية ابن عمه، ويستعمل في ذلك وسيلة غير شريفة لإقصائه من منافسته على زعامة الحزب، وهو لا شك المتدين العاكف على تفسير القرآن يعلم بما جاء في كتاب الله عن الأرحام وعن ترويج أحاديث الإفك.
} لماذا برأيك يتم الترويج لمثل هذه الاتهامات ؟
-يبدو أن استقلاليتي المالية وابتعادي عن “عطايا الإنقاذ ” التي تروض القادة السياسيين قد وحدت بين (الإنقاذ) و(العاجزين) من مستلمي عطاياها، في محاولة هدم كسبي من عرق جبيني ، حتى أتساوى معهم في التسول من أموال الشعب المنهوبة وأبيع قضية الوطن، ولكن هيهات.
} ولكن هذا الاتهام تكرر من آخرين ؟
-العداء لشخصي أنتج في محاولة يائسة للتشويش على علاقتي بالإخوة في جنوب السودان من خلال بث هذه الإشاعات التي بدأها عراب الانفصال والعنصرية الذي نشر في صحيفته أني أمتلك مصنعاً للبيرة في “جوبا” وواصلتها صحف ووكالات محسوبة على النظام .
} هل أنت ترشو فعلاً لتمرير أعمالك؟
-أعمالي في الجنوب لا علاقة لها بمشروعات الحكومة من أساسه، فنحن نعمل في مجال صناعة مواد البناء والإنشاءات والنقل والخدمات الجوية، وهي كلها أنشطة حرة ولقد ابتعدناً والحمد الله عن أي عمل شابته شبهات فساد، كصفقة العيش أو عقود الطرق وأي مشتريات حكومية مهما كانت المغريات.
} لماذا ظللت باقياً هناك ؟
-إن استثماراتنا وتواجدنا الشخصي مع أشقائنا في جنوب السودان ليس هدفه المكسب فقط بل غايته الأسمى ترميم العلاقة بين الجنوب والشمال وإعادة بناء جسور الثقة بين الشعبين من أجل بناء اتحاد مستقبلي بين البلدين.
} من أجل ذلك فقط؟
-لقد فصلت (الإنقاذ) الجنوب لتحتكر السلطة لنفسها في الشمال، ولم تكتف بذلك بل أقفلت الحدود ومنعت التجارة بين البلدين، وأعاقت التواصل بين الشعبين، وقفلت فروع البنوك التجارية السودانية في الجنوب قبل الاستفتاء على تقرير المصير، وباعت مبانيها المميزة، تاركة الساحة للبنوك الكينية واليوغندية والإثيوبية وبنوك جنوب أفريقيا لتسيطر على مفاصل الاقتصاد في جنوب السودان.
} ما هي رؤيتك للحوار مع الحكومة وما هي شروطك للانخراط في حوار أو تسوية سياسية شاملة ؟
بداية أسجل وأذكر بموقف المعارضة المبدئي في “التجمع الوطني الديمقراطي” بقبول الحل السلمي لأزمة الحكم في السودان في مقررات مؤتمر “أسمرا” للقضايا المصيرية في يونيو(1995) ثم التأكيد على ذلك في قرارات مجلس القيادة في نهاية عام (1999) بعد توقيع حزب الأمة على إعلان مبادئ الحل السلمي في “جيبوتي”، لقد سعينا في “التجمع الوطني الديمقراطي” مع المجتمع الدولي والإقليمي ضمنا لمبادرة (الإيقاد) منذ إعلانها في العام (1994)، وسعينا لأن يكون الحل السلمي شاملاً للحرب وأزمة الحكم، ولكن (المؤتمر الوطني) ونظام (الإنقاذ) ظل يرفض ويصر على التفاوض الثنائي والحلول الجزئية، كان ذلك موقفنا ونحن جميعاً نحمل السلاح وقتها.
} ولكنكم قبلتم بالتفاوض الثنائي وقتها؟
-نعم قبلنا بالتفاوض الثنائي والحلول الجزئية في (جيبوتي) بين حزب (الأمة) و(الإنقاذ)، وفي المملكة العربية السعودية في مدينة “جدة” بين “الميرغني” و”طه”، وكذلك في “أبوجا “والدوحة” بين حركات دارفور والإنقاذ، وكذلك في القاهرة بين “التجمع الوطني الديمقراطي” و”الإنقاذ” وأخيراً في “نيفاشا” بين الدكتور “جون قرنق” والإنقاذ وتمت بضمانة دولية وإقليمية وعليه وضعنا السلاح وانخرطنا في نماذج من المشاركة في الحكم مع “المؤتمر الوطني”.
} من الذي نكص أنتم أم “المؤتمر الوطني”؟
-للأسف تنكر “المؤتمر الوطني” لنصوص وروح هذه الاتفاقيات، ورفض إنفاذ التحول الديمقراطي كما رفض إعادة قومية الدولة بفصل حزبه عن أجهزة الدولة وأموالها في ما عرف بسياسة “التمكين”، فكانت النتيجة انفصال الجنوب وعودة الحرب في النيل الأزرق وجنوب كردفان واستمرار الحرب في دارفور وتدهور الوضع الاقتصادي واستفحال أزمة الحكم.
} ماهو موقفك الحالي من الحلول السلمية ؟
-الآن الموقف المبدئي من الحل السلمي التفاوضي بالنسبة لشخصي أو للمعارضة بشقيها السياسي والعسكري لم يتغير، ولكن لابد لنا أن نعتبر بهذه التجارب الفاشلة، فالحوار ليس غاية بل وسيلة للاتفاق على معالجة أزمة الحكم، وتحقيق السلام، كما أن الحوار لا ينطلق من فراغ بل من الواقع الماثل على أن يعتبر بالتجارب السابقة.
} ماذا تعني بـ”الاعتبار بالتجارب السابقة” ؟
-الواقع يسجل بأن الإنقاذ جاءت بانقلاب عسكري بتخطيط وتدبير وتنفيذ من الجبهة الإسلامية القومية بقيادة “حسن الترابي” مع بعض العسكريين، وقد ترتب على حكمها تبعات كثيرة وخطيرة أهمها الدمج بين الحزب وأجهزة الدولة منهياً قومية أجهزة الدولة، وقد أكد الرئيس “البشير” ذلك مؤخراً، إلى جانب مصادرة الحقوق والحريات واحتكار السلطة والثروة بالقوة مما نتج عنه حروب أهلية أدت إلى مجازر وإلى إراقة دماء سودانية غالية وإلى عزلة دولية وإقليمية خانقة وفساد وأزمة اقتصادية، وأخيراً إلى إجهاض التحول الديمقراطي وتزوير الانتخابات مما أدى إلى مغادرة الجنوب للدولة الأم وتفاقم مشكلات البلاد وازدياد الاحتقان السياسي.
} إذن كيف يبدأ الحوار في رأيك ؟
-الحوار لابد أن يبدأ من حيث انتهت إليه الاتفاقيات السابقة التي تنكر لها (المؤتمر الوطني) وأهمها ما نصت عليه اتفاقية “نيفاشا” من ترتيبات للتحول الديمقراطي واستعادة قومية الدولة، كما أن الحوار لابد أن يتأسس على اعتراف الإنقاذ بالمأزق التاريخي الذي أدخلت فيه البلاد خلال (25) سنة من حكمها واستعدادها لتصفية الوضع الشمولي الحالي.
} هل تتوقع أن تكون الأمور سهلة ؟
-هذا المشوار يبدأ ببناء جسور الثقة من خلال إجراءات تهييء المناخ للحوار.. وأهمها إعلان المصالحة الوطنية الشاملة .
} وفقاً لأية مطلوبات ؟
-لابد من قبول إنهاء الحرب من خلال الموافقة على حل جذور المشكلة في إطار الحل الشامل لأزمة الحكم في البلاد، وثانياً وقف العدائيات، وتسهيل الإغاثة الإنسانية في مناطق الحرب، وفي المجال السياسي يتطلب إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والأسرى، بالإضافة لاحترام وثيقة الحقوق والحريات المضمنة في الدستور الانتقالي الحالي للعام (2005)، وإلغاء أو تجميد النصوص المتعارضة معها في القانون خاصة جواز الاعتقال التحفظي وقانون النظام العام.
} لكن كل هذه المطالب تتطلب اتفاقاً سياسياً؟
-لإبداء حسن النوايا يمكن الدعوة لعقد المؤتمر الدستوري الجامع تحت رعاية الآلية الأفريقية، على أن يتم تكليفها بالتشاور مع الطرفين الحكومة والمعارضة بشقيها السياسي والمسلح على الأجندة والضمانات، والترتيبات الانتقالية المطلوبة، خاصة آليات التنفيذ.
} ألا ترى أن هذه الشروط تعيق بدء الحوار؟
-كلا، فهذه الإجراءات يمكن أن يتم الاتفاق عليها بين الطرفين بالتنسيق مع الآلية الافريقية، على أن تعلن بالتزامن حتى لا تبدو وكأنها شروط وإذعان، بل تعتبر إعلاناً لحسن النوايا وخطوات عملية مطلوبة لإنجاح الحوار.
} أعلن حزب الأمة القومي والمؤتمر الوطني تحديد آلية ومدىً زمنياً للحوار كيف تنظر لهذه الخطوة؟
-من حيث الشكل فإن أي تأكيد على مبدأ الحوار من الأحزاب السياسية يعتبر أمراً إيجابياً، ولكن نجاح قيام حوار شامل ومثمر لابد أن يتأسس على ترتيبات وضمانات من جهة إقليمية محايدة مثل آلية الاتحاد الأفريقي، ويستند إلى إعلان نوايا وخطوات تمهيدية تعزز الثقة بين أطراف الحوار، وبخلاف ذلك فإننا قد كررنا التجارب الفاشلة السابقة للحوار، مثل مؤتمر “كنانة”، واتفاق “التراضي الوطني” ونعيد سيناريو الاتفاقيات الفاشلة السابقة، وبالتالي نجعل من الحوار مناورة وتكتيكاً يفاقم من الاحتقان السياسي وعدم الثقة بين الحكومة والمعارضة.
} ما هي قراءتك للتحولات السياسية للحكومة؟
-التحولات السياسية داخل النظام يجب أن تقاس بمدى انعكاسها على حل أزمة الحكم في البلاد، وتحقيق السلام، وحتى الآن لم تأت التشكيلة الجديدة للنظام بأي برنامج سياسي يخاطب هذه الأزمة، بل كل ما جاءت به لا يخرج عن شعارات وعموميات ، ولذلك في غياب المضمون يبدو أن التغييرات يغلب عليها صراع داخلي على السلطة.
} ألم يطرأ أي تغير في نظرك على بنية الحكم؟
خروج “الإسلاميين” وصعود الفريق “بكري حسن صالح” إلى منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية، يمكن أن يقود إلى انفراج وطني .
} لماذا برأيك ؟
لكون “القوات المسلحة” ظلت تتحمل العبء الأكبر لأخطاء وأطماع المبعدين من رموز “الإسلاميين”.
} ما هو موقع “مبارك الفاضل المهدي” الآن ومن يمثل؟
-موقعي ومواقفي معروفة في الخارطة السياسية الحزبية والقومية، فأنا أتزعم تيار الوحدة والتغيير في حزب الأمة، وهو تيار قوي تسنده قرارات اللجنة المركزية وغالبية جماهير الحزب، وفي المجال القومي أدعو لإسقاط الوضع الشمولي القائم بالوسائل السلمية، من خلال الانتفاضة الشعبية أو بالضغط الشعبي الذي يجعل النظام يوافق على الحل التفاوضي السلمي بتفكيك دولة الحزب الواحد واستعادة دولة الوطن من أجل تحقيق السلام والتحول الديمقراطي المنشود، وهي أيضاً دعوة مسنودة بجماهير الحزب وقرارات أجهزته.
} ولكنك بعيد عن هذه الجماهير؟
-أنا على تواصل مع كل القوى الفاعلة في الساحة الداخلية والخارجية.