رأي

بلادنا الغنية الفقيرة

بلادنا كبيرة المساحة وبها العديد من المناطق مختلفة المناخات. فهناك مناخ البحر الأبيض المتوسط، وبإمكانه إنتاج محاصيل في تلك البيئة. وفيه مناطق تصلح كمشتى لمن يريدون قضاء وقت وجوّ مشمس بعيداً عن الجليد والبرد. وهؤلاء لا مانع لديهم من دفع أي مبالغ مقابل قضاء ليالٍ في المنطقة التي بها المناخ الذي يحلمون به. ولدينا ساحل طويل على البحر الأحمر يمكن تطويره ليكون موقعاً سياحياً من الدرجة الأولى كما فعل المصريون مع ساحلهم على البحر الأحمر.
في أي بلد في العالم استفاد السكان من ذلك التنوع واستغلوه لمصلحة البلد ما عدا في السودان. ليس فقط الاستغلال السياحي ولكنه الاستغلال الاقتصادي المثمر، فحتى البلاد كبيرة المساحة تخصص أي منطقة لمحصول أو لصناعة محددة. ويكون معروفاً أن تلك المنطقة متخصصة فيه.
لدينا مناطق ينتشر فيها معدن الذهب وأخرى غنية بالنحاس وثالثة تكثر فيها الغابات ورابعة تنتج الفول والقمح وهناك مناطق بها الآلاف من أشجار الهشاب أي أنها تنتج الصمغ، وهناك مناطق تنجح فيها زراعة الذرة وتستطيع أن تنتج إنتاجاً يكفي كل أفريقيا. ولكننا للأسف ما زلنا نركز على حوض النيل وحده، نتكدس فيه إلى أن أصبح كل السودان متواجداً على حوض النيل أو هو يستعد للهجرة إلى العاصمة دون أي تفكير في المخاطر المترتبة على هذا التركيز دون تعمير.
هناك مناطق في السودان تنتشر فيها المراعي لفترة ستة أشهر في العام وهي الفترة الكافية لإنتاج خراف للتصدير وأيضاً الألبان. لقد جرت محاولة في عهد الفريق “عبود” لإنتاج الألبان المجففة ببابنوسة، وقد فشل هذا المشروع لأنهم نسوا أن القبائل البدوية لا تقيم طول العام في تلك المنطقة.. وبالإمكان تطوير مزارع الألبان وجعلها مستمرة طوال العام ولو باستجلاب العلف من مناطق أخرى. ولكننا بعد فشل ذلك المشروع لم نحاول مرة أخرى. وأخذنا نردد أن إنتاج الألبان مستحيل. ونسي هؤلاء أن فصل الأمطار يمتد لستة أشهر ويبقى الماء لمدة شهرين بعد الأشهر الستة. أي بالإمكان إقامة مزارع في منطقة جنوب النيل الأزرق يتوفر لها الماء ثمانية أشهر في العام وهي الفترة اللازمة لإنتاج خراف للتصدير. لم نفكر في تخصيص منطقة النيل الأزرق لتربية الماشية رغم غزارة الأمطار هناك أو يبدأ الخريف أحياناً في مارس ويستمر حتى نوفمبر.
بلادنا غنية بتنوعها ولكننا لم نحاول الاستفادة من ذلك وتركنا كل شيء في صورته البدائية. لم نحاول تطوير المواصلات مع أنها مهما كانت تكلفتها تخدم المنطقة لمائة عام قادمة.. والآن نقل أي سلعة من منطقة لأخرى مكلف لأننا تركنا السكك الحديدية لحالتها البدائية ولم نحاول تطويرها.
حتى الطرق البرية يفترض أن يكون أي طريق سفري عريضاً بحيث يسع مسارين منفصلين، واحد للذهاب والآخر للإياب كما هو الحال في السعودية والدول الأوروبية حيث يستطيع الفرد أن يركن سيارته ويطوف بها عدة دول دون خشية من حوادث بسبب الطرق العريضة. متى نتحرك للاستفادة من ثرواتنا الكثيرة؟
> سؤال غير خبيث
متى تتحرك الدول لتطوير الطرق والمرافق؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية