المشهد السياسي

مخرجات شورى الوطني والتحديات..!!

انعقد هذا الأسبوع، وبشكل طارئ، مجلس شورى المؤتمر الوطني، الآلية المؤسسية القومية التي تحدد المسار والبناء وخريطة الطريق في مثل هذه الظروف الحالية التي شهدت داخل الحزب والدولة قرارات (التغيير) وما صحبها أو توقع البعض ما سيصحبها. وأكثر من هذا أو فضلاً عنه خطاب الوثبة في مساء 27 يناير الماضي، الذي تطرق فيه السيد رئيس الحزب والجمهورية إلى الحوار الوطني والقومي مع الأحزاب السياسية، وتلك التي تحمل السلاح ولديها رغبة في السلام والخيار السياسي في تحقيق الأهداف بعيداً عن حمل السلاح وتأجيج الصراعات القبلية والجهوية.
ما عرف بخطاب (الوثبة) الذي سبقته تطلعات إلى المفاجآت، وقد كانت كبرى مفاجآته حضور القيادات الحزبية المعارضة كالسيد “الصادق المهدي” والدكتور “الترابي” والدكتور “غازي صلاح الدين”، ما كان يلزمه الكثير من الوضوح والقبول لدى كبرى المؤسسات الحزبية، وهي مجلس شورى الحزب القومي، الذي انعقد بشكل طارئ وسريع.. ليصبح كل شيء على درجة من الوضوح والقبول لدى الحزب.
وتلك لعمري خطوة مؤسسية حزبية- والبلد مقبلة على حوار وطني جامع يتوقع أن تكون له مخرجاته التي تردم الفجوة بين الأحزاب السودانية (حاكمة ومعارضة)– يتوقع من الآخرين، وبخاصة أحزاب المعارضة، أن تحذو حذوها، ذلك أن الأمر يهمها بذات القدر وربما أكثر، فثمة ما يدعو لذلك وهو كثير. وما يشار إليه هنا هو (الانتخابات العامة) التي لا يفصلنا عنها سوى عام واحد، وما تطالب به أحزاب المعارضة من حكومة قومية ووضع دستوري انتقالي كما يقول تجمع ما يسمى بأحزاب أو تحالف الإجماع الوطني.
ويلفت الانتباه في مجلس شورى المؤتمر الوطني الطارئ الأخير ما لا غنى عن الإشارة إليه، وقد جاء بعد قرار التغيير الأخير الذي شمل قيادات سياسية ودستورية لها تاريخها وبصماتها في الدولة والحركة الإسلامية والمجتمع إجمالاً. فهؤلاء، وهم كبار، كانوا جميعاً حضوراً في اللقاء المذكور، مما يعني أن قرار (التغيير) لم يحدث آثاراً سلبية في الحزب شأن ما يحدث في أحزاب أخرى، وذلك تطور سياسي وحزبي له مغزاه.
فالسادة “علي عثمان محمد طه”، والأستاذ “أحمد إبراهيم الطاهر” والدكتور “الحاج آدم”، والدكتور “نافع علي نافع”، كلهم أظهرتهم الكاميرا جلوساً وحضوراً في الاجتماع المشار إليه كغيرهم من الأعضاء.. وهذا ما يؤكد على أن قرار (التغيير) وغيره من قرارات في الحزب تخرج في إطار مؤسسي.
وعليه، فإن الحزب عندما يؤمن على الحوار الوطني الجامع الذي لا يستثني أحداً، ويؤكد على الانتخابات العامة وقيامها في مواعيدها المحددة دستورياً ويترك الباب من بعد مفتوحاً لغير ذلك من أجندة، يرد بشكل مباشر على ما يدعوه الحزب الشيوعي السوداني وضعاً انتقالياً كاملاً يزول بموجبه النظام الحاكم اليوم وتحل محله حكومة قومية.. ويرد على آخرين يقولون بتأجيل الانتخابات كالمؤتمر الشعبي..!
المؤتمر الوطني لم يقل ما قال عن الانتخابات المزمعة وكفى، إنما دعم ذلك ببعض المؤشرات كما جاء في الصحف. وأعنى بذلك قولهم باحتمال أن يصبح النائب الأول لرئيس الجمهورية، وقد ضار شخصية سياسية، مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية في الانتخابات الرئاسية القادمة.. والمؤتمر القومي للحزب والذي سينعقد في أكتوبر– تشرين أول القادم، ستكون أبرز أجندته الانتخابات التشريعية والرئاسية التي يتوجب التحضير لها منذ وقت مبكر وبما يحقق النجاح فيها للحزب.
هاتان النقطتان:
{ قيام الانتخابات العامة في حينها.
{ ثم الترتيب والتحضير لخوضها منذ الآن..
تقولان إن المؤتمر الوطني لا يرى في تأجيل الانتخابات العامة، فضلاً عن قيام وضع انتقالي بديل لوضع ولدته انتخابات عام 2010، غير تغيير للنظام سلمياً وبرضاه وموافقته في حوار وطني.
الانتخابات- والحال هكذا- تشكل تحدياً لما يتوقع من مخرجات للحوار الوطني المزمع الذي يعد له البعض مذكرات ووجهات نظر ومرئيات يدفع بها لأطراف الحوار، كما يرشح هذه الأيام من أخبار عن حزب الأمة القومي وزعيمه الإمام “الصادق المهدي”.
وما تزال مذكرة “المهدي” المذكورة في طي الكتمان، لا يعرف المراقب والمتابع للشأن السياسي إن كان حزب الأمة القومي مع الانتخابات في مواعيدها أو تأجيلها.. إلا أن المشكل في أحزاب الحوار الوطني، ومنها الأمة القومي، هو أنها على غير استعداد لممارسة ذلك النوع من أدوات التغيير الديمقراطي أو الحضور الشرعي في الساحتين الدستورية والتشريعية. ولذلك أسبابه بطبيعة الحال، لأن الأحزاب المعارضة:
{ عانت في ربع القرن الأخير من الانقسامات والتشققات، وغير ذات كبير صلة أو اتصال بجماهيرها في القواعد والأطراف.
{ وتعاني ضعف الإمكانات والمعينات التي تؤهلها للمبارزة الانتخابية المزمعة، وقد طرأ عليها من المتغيرات الكثير. وليس المقصود المال وحده هنا، وإنما التنظيم وترتيب البيت من الداخل.
إن الحوار الوطني مطلوب ومرغوب، وحان الوقت في ظل المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية وأثرها الجاري والمحتمل على الوطن أن يلتئم الشمل السياسي، ويتفق أهل السياسة والرأي والفكر والدولة على خريطة طريق تحقق الهدف والمصلحة العامة.
مخرجات اجتماع مجلس شورى المؤتمر الوطني الطارئ، لم تنس الشأن الحزبي الداخلي، حيث إنه قرر تكوين آلية عليا لمحاسبة قيادات الحزب وأعضائه على صعيد المركز والولايات، ثم لجان أخرى لمتابعة ومراجعة عضوية الحزب في الولايات.. وغير ذلك من الشؤون والهموم الحزبية الخاصة بالمؤتمر الوطني.
وهذه أيضاً من المخرجات التي يتعين على الآخرين الإفادة منها وإنزالها على أحوالهم الحزبية التي تبدو أنها في حاجة إليها.. لكن ولأننا نعنى في هذا (المشهد السياسي) بمخرجات اجتماع مجلس الشورى القومي الطارئ للمؤتمر الوطني، نهتم أيضاً بردود أفعال الأحزاب المعارضة على ذلك كما ظهر على صفحات الصحف من أخبار وتقارير.
ففي صحيفة (الرأي العام) بالاثنين جاء في بيان لتحالف قوى الإجماع الوطني أنه يمسك بشروطه الأربعة للحوار، ومنها (القبول بالوضع الانتقالي الكامل وعدم الدخول في أي انتخابات تجرى وتدار تحت إشراف المؤتمر الوطني..!).. والحال كذلك، فإن الفجوة بين الوطني وتحالف قوى الإجماع بعيدة للغاية، رغم أن الانتخابات تشرف عليها قانوناً وإجراءات سلامة ونزاهة المفوضية القومية وكل المراقبين للشأن من محليين وإقليميين ودوليين.. فهي لا يفرض عليها الوطني تحت القانون والرقابة سلطاناً.
وجاءت تصريحات السيدين (كمال عمر– الشعبي) و(نجيب الخير– الأمة القومي) تمشي مع إفادات بيان قوى الإجماع قدماً على قدم ورجلاً برجل.. إلا أنهما ليسا ممن ينظر إلى ما يقولان على أنه تعبير عن حزبيهما، كما سبق أن أشرنا وذكرنا في مشهد سياسي سابق.
الحوار الوطني الشامل المطروح على الساحة السياسية يواجه بعض التحديات كما جاء في مخرجات شورى الوطني وأطروحات بعض الأحزاب والفعاليات.. ولكن: تفاءلوا الخير تجدوه..!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية