ألا ليت الشباب يعود يوماً!!
جلسة مؤانسة كما سماها أصحاب الدعوة وهم يحشدون عدداً من قادة العمل الصحفي بالبلاد بعد ظهر (الثلاثاء) الماضي للاستماع لرؤى وأطروحات أمين شباب المؤتمر الوطني الجديد الأستاذ «حامد ممتاز» وأركان حربه من قياداته شباب الوطني في أمانات المكتب التنفيذي.. وهي مبادرة تستحق التقدير على الفكرة أولاً، ثم على الطرح الواضح للبرامج والمشروعات والمفاهيم ذات السعة الوطنية التي تتجاوز السقف الحزبي إلى رحابة الوطن. وهذا ما مثله حضور الأخ د. «شوقار بشار» رئيس الاتحاد الوطني للشباب السوداني.
مفردة الشباب في حد ذاتها مدعاة للحيوية والنشاط واتساع الآمال والطموحات والرهان على المستقبل.. ومن هنا جاء تخوف معظم المتداولين في هذه المؤانسة من الأخوة رؤساء تحرير الصحف من أن تغرق الأمانة الجديدة في التفاصيل والشعارات والإحصائيات ذات الأرقام البارزة التي تهتم بالكم ولا تلقي بالاً للكيف، وتتنافس على الظهور والتطاول لمقامات الكبار والقيادات مما ينتج عزلة كبيرة بينها وقواعدها التي تحتاج إلى أن تجدها قرب أعمدة الشوارع.. وصحون البوش ودافوري الحواري وتحويل الرصيد، وفوق هذا وذاك صف الصلاة الأول بالمساجد. لقد طرح الأساتذة الأجلاء رؤيتهم ونصيحتهم للأخ أمين الشباب بكل شفافية ووضوح، واعتراف بأن شباب اليوم له قضاياه الخاصة ومفرداته المتجددة وقلقه وتطلعه وخوفه من المجهول.. في ظل عطالة متفشية، وواقع ولع بالمنكر، وثورة اتصالية وتكنولوجية تهز أركان القيم وتهدد النسيج الأخلاقي لمجتمعاتنا المحافظة تخترق الحجب، وتكشف السوءات في ظل نظام عالمي رأسمالي مادي بغيض، وتشظٍ واحتراب ودمار شامل لقدرات وإمكانات أمتنا الإسلامية العربية والأفريقية التي تنتظر وتأمل في شبابها الكثير، وهي تحديات ينبغي ألا نترك الشباب يجابهها وحده، فلا بد له من مصدات سياسية واقتصادية واجتماعية تتبناها الدولة وتدعمها وتشجعها، وتفتح لها طريق الأمل وبساط المشاركة المنتجة، والتوظيف الأمثل لهذه الطاقات المتركزة في العاصمة ولها امتدادات مقدرة في ولايات البلاد المترامية، بل وحتى مهاجر الاغتراب. ومن هنا ينبغي أن تطرح مشروعات كبيرة حتى ولو كانت قليلة (فأفضل الذكر أدومه وإن قلّ).
كما يجب إعادة النظر في المشروعات السابقة التي تصدت لها هذه الأمانة والاتحاد كالزواج الجماعي والتشغيل والتدريب المهني والتحويلي.. وفتح الأذهان والأبواب لأصحاب الأفكار المنتجة والولاء الوطني العام ليلجوا إلى هذه الدور الواجب فتحها ونشرها في كل أصقاع بلادي، حتى لا يلجأ الشباب إلى المخابئ و(الجخانين) فيستهلك قواه البدنية والعقلية في السراب.
شكراً «حامد ممتاز»، د.«وليد سيد»، د.«عمر كابو» و»عز الدين» ورفاقهم، فقد كانت بحق جلسة مؤانسة تحقق عبرها المطلوب من العصف الذهني وطرح الأفكار والمبادرات، واكتمل الإمتاع بالكرم والضيافة الراقية، وانحل الجدل بين أبي حيان التوحيدي وبروفيسور «أحمد أبو سن» في أيهما أسبق المؤانسة أم الإمتاع، فللتوحيدي مرجعه الضخم (الإمتاع والمؤانسة) ولبروفيسور «أبو سن» كتابه اللطيف (المؤانسة والإمتاع).. فقد تحقق الغرضان من هذا اللقاء الذي أثق في أن أمانة الشباب قد سجلت كل كلمة فيه، آملين أن نرى ما طرح واقعاً يمشي بين شباب السودان في مقبل الأيام.. وألا ليت الشباب يعود يوماً.