وزير الدفاع في القاهرة.. البحث في ملفات المسكوت عنه !!
يزور وزير الدفاع الفريق أول ركن “عبد الرحيم محمد حسين” اليوم (الثلاثاء) جمهورية مصر العربية، ويلتقي خلال زيارته التي تستغرق يومين نظيره المصري المشير “عبد الفتاح السيسي” لبحث ومناقشة جملة من القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك.
وبينما توقعت بعض وسائل الإعلام السودانية عن ملفات قضايا الحدود والتنقيب عن الذهب والتسلل وتهريب السلاح عبر الحدود كأبرز الملفات التي سيتطرق إليها وزيرا الدفاع السوداني والمصري خلال لقائهما بالقاهرة، قالت مصادر إن ملفات إستراتيجية سيتم فتحها والتعاطي معها بشكل فوري ومباشر ما يشير إلى بداية حقبة جديدة في تاريخ البلدين اللذين يشهدان توترات أعقبت الإطاحة بجماعة “الإخوان المسلمين” من على سدة الحكم في مصر في الثلاثين من يونيو الذي يصادف تاريخ انقلاب “إسلاميي السودان”.
وكان رئيس حزب الوفد المصري “السيد البدوي”، عقد يوم (الأحد) الماضي اجتماعاً مغلقاً مع السفير السوداني “كمال حسن علي” بمقر الحزب بالقاهرة، تلاه مؤتمر صحفي مشترك، أكدا خلاله عمق العلاقات المصرية السودانية ودعم السودان لخارطة المستقبل والتطورات السياسية كافة في مصر، ودعم السودان لمصر. وكشفا عن اتفاق بين الحكومتين المصرية والسودانية على نشر دوريات عسكرية مشتركة على الحدود بين البلدين للحد من عملية تهريب السلاح، وأشاد “البدوي” في الوقت ذاته بالتنسيق بين البلدين وسعي السودان المستمر لدعم مصر في القضايا المختلفة، مشيراً إلى زيارات مرتقبة لمسؤولين سودانيين للقاهرة في الأيام المقبلة. وقال فيه سفير السودان بمصر إن الحديث حول دعم الخرطوم لجماعة “الإخوان المسلمين” ومدهم بالسلاح عن طريق الحدود الجنوبية عارِ تماماً من الصحة”، مبيناً أن السلطات السودانية عرضت على الجانب المصري تشكيل قوة مشتركة لحماية الحدود ومنع تهريب السلاح.
وفي رده على سؤال وجهته صحيفة (اليوم السابع) المصرية حول اتهامات المعارضة السودانية للحكومة وحزب المؤتمر الوطني” بدعم الجماعات الإرهابية في مصر، قال “كمال حسن علي” إن هناك بالفعل عمليات تهريب سلاح تتم على الحدود المصرية السودانية، مؤكداً في الوقت ذاته على عدم وجود عمليات تهريب ممنهجة ومنظمة.
وقال إن الحديث حول دعم النظام السوداني والرئيس “عمر البشير” لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين ومدهم بالسلاح عن طريق الحدود الجنوبية لمصر عارٍ تماماً من الصحة.
وأوضح “حسن” خلال كلمته إن السلطات السودانية والرئيس السوداني عرضوا على قيادات الجيش المصري والرئاسة تشكيل قوة مشتركة من الجيشين لحماية الحدود المشتركة، ومنع تهريب السلاح والإخلال بالأمن العام بالبلدين.
وفي الخرطوم يرى مراقبون أن زيارة وزير الدفاع “عبد الرحيم محمد حسين” إلى مصر تمثل منعطفاً مهماً في هذا الوقت لطبيعة العلاقات بين السودان ومصر وتقاطعات الأمن الداخلي في مصر وملف المياه، وإجمالي العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، وخيارات المستقبل في ظل التطورات المتسارعة في الإقليم. ويرى مراقبون ومحللون سياسيون إن التطورات السياسية الأخيرة في السودان على علاقة مباشرة بهذه الزيارة التي يتوقعون أن تمثل مرحلة جديدة؛ لجهة أن القرار السياسي السوداني قد حسم وبات في أيدي العسكريين بعيداً عن سيطرة “إسلاميي” السودان وهومايعود بنتائج إيجابية في مسار علاقات السودان ومصر،ويجعل التقارب في القضايا الإستراتيجية أكثر ترجيحاً فتحلل السلطة في الخرطوم من مطلوبات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين يجعل العلاقة مع مصر أكثر قرباً وفائدة، كما أنها ستفتح آفاقاً لدعم دول الخليج للاقتصاد السوداني، الذي كلما ابتعدت حكومته من “إيران” باتت أكثر قرباً من دول الخليج الست باستثناء “قطر” التي تدهم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، أما أكثر البلدان التي ستفتح ذراعيها كلما ابتعد عسكريو السودان عن “الإسلاميين” وارتباطاتهم الخارجية سواء مع إخوان مصر أو غيرهم ستكون المملكة العربية السعودية التي رشح تبنيها لمبادرة في هذا السياق يقدم مهرها مليارات الدولارات وتشترط في سياق ذلك الابتعاد عن “إيران”.
ويرى الخبير الأمني العميد أمن (م) “حسن بيومي” أن زيادة “عسكرة” نظام الخرطوم وإبعاد صقور “الإسلاميين” عن السلطة يجعل من تقارب “الذهنية العسكرية” المصرية الفاعلة في مصر مع “الذهنية العسكرية” السودانية أكثر قرباً حيث سيسيران في خط واحد دون تباعد، أما من الناحية الإستراتيجية والأمنية التي تجعل التقارب مع مصر واقعاً لابد منه هي أوضاع الجنوب التي جعلت “ظهر السودان مكشوفاً” وتبقى طبيعة التحولات السياسية في السودان التي تسير في اتجاه ديمقراطي أكثر انفتاحاً وتحللاً من قبضة العصبية الحزبية الحاكمة التي هي بحاجة إلي دعم مصر وتحتاج إلى السند المصري، كما اتضح بشكل جلي أن “الإسلاميين” يربطهم الكثيرون بالإرهاب، ما يجعل حكومة السودان في عزلة، وتبقى قضايا المياه ومصر كعمق إستراتيجي للسودان والتحولات السياسية في السودان المحرك للقاء الذي سيجري اليوم في القاهرة، وفي هذا اللقاء سيتم فتح القضايا ذات الطابع الإستراتيجي، بالإضافة لمنع تهريب السلاح للإرهابيين في مصر.
وأشار السفير “كمال حسن علي” إلى أن اللقاء المغلق الذي جمعه مع الدكتور “السيد البدوي”، ناقش العلاقات بين البلدين وما يدور من أحداث على الأراضي المصرية والسودانية، قائلاً (كل ما يحدث في مصر يهم السودان والعكس صحيح)، معرباً عن ترحيب بلده بالتطورات السياسية كافة التي تحدث في مصر، لأن استقرار مصر هو استقرار للمنطقة بأسرها.
وأعلن السفير السوداني بالقاهرة عن أن أزمة سد النهضة الإثيوبي تتطلب حواراً جاداً بين الـدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، حتى يتم التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، مؤكداً أن السودان لن يتخذ موقفاً يضر بأمن مصر المائي والقومي، لافتاً إلى أن الفترة القادمة ستشهد زيارات عديدة من مسؤولين ووزراء سودانيين لمصر، تبدأ بزيارة وزير الخارجية السوداني، لافتاً إلى أن الزيارات ستكون متبادلة.
وبدوره، أكد الدكتور “السيد البدوي” أن هناك اتصالات رسمية بين أركان الجيش السوداني وأركان الجيش المصرى، لتشكيل دوريات مشتركة من الجيشين، لتأمين الحدود الجنوبية لمصر والقضاء على ظاهرة تهريب السلاح.
وأضاف “البدوي” خلال كلمته في المؤتمر الصحفي بحضور السفير السوداني بالقاهرة بمقر حزب الوفد، إنه عقد عدة لقاءات وأجرى اتصالات هاتفية بمسؤولين رفيعي المستوى بالسودان، أكدوا له خلالها على دعمهم لخارطة الطريق، وتصديهم لأي محاولات لزعزعة الأمن واستقرارها في الأراضي المصرية، لأن الأمن القومي المصري هو أمن قومي بالسودان.
وأشار “البدوي” إلى أن بعض الإعلاميين يجهلون طبيعة العلاقة بين شعوب دول حوض النيل، قائلا (لا يمكن لمقال نشر في جريدة (الوفد) أو أي جريدة مصرية، أن يفسد تلك العلاقة الطيبة بين الشعبين المصري والسوداني)، موضحاً أن السودان حريص على دعم مصر في القضايا الإقليمية كافة وعلى رأسها قضية سد النهضة.