حوارات

وزير الدولة بالإرشاد والأوقاف مولانا "محمد مصطفى الياقوتي" لـ(المجهر): (2-2)

مولانا ” محمد مصطفى الياقوتي” عرف في سوح الجدل والنقاش الفكري في الجامعات مدافعاً عن فكر المتصوفة، واستمر خطيباً وداعية في مجالات متعددة حتى تم تكليفه وزيراً في الحكومة السابقة، وجدد الرئيس اختياره مرة أخرى ليستمر في منصبه وزيراً للدولة بالإرشاد والأوقاف. (المجهر) قلبت معه أوراق الفكر وبعض ملفات الوزارة.. فكانت الحصيلة التالية:
} البعض يقول إن الاختلاف بين أهل السلف والمتصوفة يصل إلى درجة تهديد الأمن القومي السوداني.. ماذا تقول؟
– أنا كشخص مراقب ومختص وعندي قاعدة بيانات بهذه المسألة، لا أنكر وجود تيارات متشددة، ولكنها ليست معزولة العزل التام الذي يمنعنا من التواصل معها بتعميم فكرة الوسطية التي تنتهجها الدولة، وهنالك بعض الفئات القليلة التي يمكن أن تكون أكثر تشدداً، ولكن إذا تصرفت أي تصرف فهنالك قانون يضبط المخالفين كما يضبط السياسيين والمجموعات الأخرى التي يمكن أن تهدد الأمن القومي السوداني، وهي فعلاً موجودة ولكن إلى حد ما النسب قلت، والوعي كلما يرتفع تتراجع مسألة التعصبات والانزلاق.. الظلامية هي مفرخ جيد لفكرة التعصب الحاد وإقصاء الآخر، ونحن نُعدّ نسبياً جيدين عند مقارنتنا بالمجتمعات الأخرى، وإذا برزت مسألة (المولد) فقد وُجدت غير مدبرة وغير منظمة من قبل تيارات، وعند التحقيق وُجدت أنها مسألة كالمشاحنة التي تنشأ في أي موقع من المواقع.
} ماذا تقول في حادثة مقتل الأمريكي “غرانفيل” التي نفذتها جماعة تحمل شعاراً إسلامياً وتنظر إلى غير المسلم على أنه كافر وواجب قتاله وتستند إلى فتاوى وآيات قرآنية.. وأيضاً ضبطت جماعات إسلامية تتدرب على التسليح وتحمل شعارات إسلامية و(خلايا السلمة) وغيرها؟
– تقرأه على ما سبق حينما قلت لك إن هنالك مجموعات موجودة، لكنها أنكرت أن لها صلة بالتنظيمات التي كانت تربطها صلة بها في السابق، والتحقيقات أثبتت أنها لا تربطها صلة بتلك التنظيمات وإن تربت في حلقات درسها في مرحلة من المراحل إلا أنها طورت فكرتها هذه، وانفلتت حتى على الجسم الذي كانت تنتمي إليه سابقاً وصارت أفكاراً فردية تعبر عن أفراد.
} (مقاطعة).. لكن الأنشطة التي يقوم بها أولئك الأفراد تأخذ أشكالاً منظمة وليست فردية وتحمل مسميات تنظيمية؟
– مثلاً (خلية السلمة) مجموعة شباب ارتضوا فكرة محددة ولم يقولوا إنهم ينتمون إلى الجماعة أو إلى (الطريقة الفلانية)، وهم مجموعة من الشباب ارتأوا أن أفكارهم متقاربة في قضية من القضايا وهي خطأ بالطبع ونحن في الدولة لا نتبنى تلك الفكرة، والمحاكم أصدرت أحكامها في مواجهة هؤلاء وجرمتهم بأنهم خالفوا القانون الإسلامي للدولة، وأذا نشأت خلايا كهذه فإن الدولة تتعامل معها في أطر مختلفة، وحينما تتحول إلى مسألة جنائية فالتعامل معها يتم بطريقة القضايا الجنائية، وحينما تكون فكرية يتم التعامل معها في إطارها الفكري. والمجموعات التي تنظم نفسها هكذا في وجهة نظر الدولة يتم التعامل معها بالحوار بصورة كبيرة، وقد تراجع بعضهم وبقي البعض على تشدده، ونحن في الدولة نتوقع أن يحدث كل شيء، ونحن كغيرنا من العالم ولسنا بمعزل عن الدنيا، ومثل هذه القضايا نتعامل معها في إطار القانون والمثاقفة والحوار.
} البعض يحمّل الحكومة مسؤولية ما يحدث ويقول إنها رفعت شعارات إسلامية أدت إلى إيجاد تيارات أكثر تشدداً تعدى إلى الارتباط بتنظيمات دولية وضعت الحكومة في خانة الكُفر وأنه واجب قتالها لأنها تخلت عن الأصل الإسلامي الذي نادت به؟
– هذا ليس صحيحاً، لأن الحكومة جاءت بأفكار معروفة للناس، وكانت تلك الأفكار توصف من قبل الناس بأن فيها ليونة أحياناً، لذلك أن توصف الحكومة أنها من أوجدت تلك التيارات لأنها رفعت شعارات الإسلام فهذا اتهام غير صحيح، والإسلام شعاراته لا تؤدي إلى إقصاء الآخر، وكانت فيه (وثيقة المدينة) ويُقبل اليهود مواطنين لهم حقوق وواجبات، ويجعل الإسلام النبي “صلى الله عليه وسلم” يستدين من يهودي ويموت ودرعه مرهونة ليهودي، وتحصل متاجرة ومداينة. وبالتالي الإسلام شعاراته تسعد الإنسانية، ولا تقود إلى قضايا القتل للمستأمنين الذين نص القرآن الكريم على إبلاغهم مأمنهم وعلى احترامهم وعدم الاعتراض لهم.
} لكن هناك هجوم مورس على غير مسلمين في السودان مثل حادثة “غرانفيل” وتلك الجماعة يمكن أن تكون لديها امتدادات غير معلنة حتى الآن؟
– الحكومة بريئة من ذلك الأمر، وتعاملت بالوضع الموضوعي والشرعي والقانوني الذي ينبغي أن تدير به الأمور، وثمنت غاية التثمين وجود شخص أجنبي في أراضيها يحمل تأشيرة وإقامة لفترة وهو في حمايتها، وحينما تُعرِّض له فُعّلت القوانين وقبض على الذين ارتكبوا المسألة سواء كانوا رافعين شعارات إسلامية أم لا. الذي يرفع شعاراً خطأ طبعاً يصلح في فكرته، وقد عاقبهم القانون على تلك الفعلة، والحكومة شعاراتها لا تفرخ تطرفاً، وهي تمسك بإدارة البلاد، وحينما حدثت هذه القضايا لم تقصر، وإنما بحثت وقبضت على الجناة وأدخلتهم المحاكم وهي معروفة وبإجراءات محاكمية محددة وموصوفة توصيفاً قانونياً محدداً، لذلك الحكومة ليست لديها أية صلة لتُحمّل مسؤولية كهذه، ووجود المجموعات جزء من حراك المجتمع وليس الحكومة، وتوجد في المجتمع تحركات علمانية وتشددية وأخرى متوافقة في الفكرة العامة ومختلفة في شكل من أشكال التنسيق.. وهذا كله حراك المجتمع وليس تفريخ الحكومة، ويمكن أن يوجد في الحكومة أي نوع من الناس ولكنها تُحاسَب في إطار الكون المفتوح، والآن الحكومة إذا أغلقت المطارات والموانئ وأغلقت كل شيء فلن تستطيع أن تعزل المواطن عن الحراك العالمي ولا تستطيع أن تهيمن على أفكار الأفراد، لكنها تعالج القضايا بأمور تُحسّن الأذهان ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وهذا ما نسير فيه في الوزارة بصورة كبيرة، وعقدنا ملتقيين في الأمن الفكري في جانب الدعاة ومسؤولية المجتمع، وشارك فيه الجميع، ومن ضمن الموضوعات التي ناقشها كان التطرف والتكفير والغلو وإقصاء الآخر، ووضع غير المسلمين في الدولة الإسلامية، وبالتالي ناقش قضايا كثيرة. هذا من الناحية التحصينية، وإذا خرجت المسألة من إطارها الفكري إلى إطار عملي واقعي يتضرر منه الناس، فالقوانين تتدخل.
} ذلك لم يشفع عند بعض من قالوا إن حادثة هروب قتلة الأمريكي “غرانفيل” تمت بتسهيل من الحكومة لإرسال رسائل إلى جهات بعينها وهم يتهمون الحكومة بإيواء المجموعات المتطرفة والتكفيرية؟
– الحكومة ليست لها صلة بهذا الأمر، وأكبر السجون في العالم يمكن أن يُهرب منها، والطريقة التي هرب بها هؤلاء ليست طريقة تقليدية، وهم أناس موجودون في أماكن محروزة وما استطاعوا الهروب بصورة سهلة، وهناك من يتهم الحكومة بأن هؤلاء هربوا لأنها تريد أن يكونوا في مرمى نيران المطاردين، وبالتالي هذه الاتهامات باطلة لأنهم لم يهربوا بصورة تقليدية.. والأمر الآخر ليست هناك فوائد واضحة للحكومة من وراء ذلك.
} البعض يقول إن فائدة الحكومة من هروبهم أن رسالةً ستصل إلى الذين يتهمونها بدعم وإيواء الإرهاب وتنبههم إلى وجود تلك المجموعات وأن الحكومة تحاربهم وإن غضت الطرف عنهم فإنهم سيشكلون خطراً على المنطقة؟
– حتى في الجانب السياسي هذه نظرة سطحية للغاية، والحكومة الآن تحتاج إلى أن تبرز أنها غير متطرفة، وبالتالي لا تحتاج إلى القول إننا عندنا أناس متطرفون، والمسائل السياسية معاييرها متحركة، وهناك من يحاول إيجاد منفذ سالب لكل تصرف تتصرفه الحكومة لينفذ من خلاله، ولكن من الناحية السياسية الحكومة تحتاج أن تثبت أنها تتعاطى بحزم، وليس هناك متطرفون، وتحتاج إلى كم هائل من الدعم وإلى رفع الحظر، والحكومة تتعامل بأخلاقية تامة وتنظر إلى المسائل برؤية قانونية، والمجتمع السوداني مقارنة بالمجتمعات الأخرى معافى، فمثلاً حين يموت شخص من أنصار السُنّة تجد الصوفية موجودين في المقابر والعزاء، والعكس، فالتداخل بين الناس ليس أمراً صعباً، حتى في مسألة الوساطات أو الجودية كثيراً ما يتدخل الصوفية أو السلفيون عند الآخر للعفو في أمر محدد ويكرمونه كما يكرم الشخص عند أتباعه، والأمر في السودان فيه عافية، وهذا لا يجعلنا ننفي وجود تلك المجموعات، وهي مشاهدة، وهنالك خلايا قُبض عليها، وهنالك خلايا معروفة، ومن التعامل أمامنا فهي إلى الآن لم تصل إلى مرحلة الخطورة.
} ألا تخشى الحكومة من انقلاب تلك المجموعات عليها أو أن تتجه الأمور نحو الفتنة المذهبية داخلياً؟
– حركة التاريخ تجعل كل شيء متوقعاً، وصغير اليوم يكبر غداً، والحكومة تنظر إلى تلك الحراكات بعين المستبصر ولا تصادر رأي أحد، لكنها تمنع العبث، وكون هنالك مجموعات مدربة تطمع في الوصول إلى الحكم فهذا موجود في كل زمان وآن. ولكن الحكومة لا تدخل في خشيات وإنما تضع برامج وتقوم بدورها وتتوكل على الله.
} في ظل وجود التكفيريين الذين يهاجمون غير المسلم ويُحللون قتله.. على ماذا تقوم العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين في واقع بلداننا اليوم؟ هل هي علاقة ذمة أم مواطنة؟
– غير المسلمين فيهم أهل الكتاب، والقرآن نداؤه واضح في أن يجادلوا ويناقشوا وإن رفضوا لا يقتلون ويعاملون بصورة طيبة، والرسول “صلى الله عليه وسلم” يتداين مع اليهود ويداينونه.
} (مقاطعة).. ذاك زمان الرسول “صلى الله عليه وسلم” ولكن في زماننا هناك من يرى أن غير المسلم واجب قتله تحت راية الإسلام والجهاد؟
– ليس إسلامياً.. ومن أراد أن يسلك مسلك الرسول “صلى الله عليه وسلم” فواجب عليه إتباعه وإتباع القرآن نفسه.. القرآن لا يُدخل أهل الكتاب تحت طائلة القتل بأي حال من الأحوال وإنما محلهم التعايش وتبادل الحقوق، والدولة عليها أن تحمي حقوقهم وتحمي مواطن عبادتهم وتدافع عنهم إذا هوجموا من قبل عدو من الأعداء ما داموا مواطنين يقومون بواجباتهم من دفعهم للضرائب وعدم خيانة أوطانهم أو إعانة متربص ببلادهم، وبذلك تكون الحياة طبيعية للغاية، ومن يستدلون بالنص القرآن الذي يقول: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ..)، فهذه كانت لغير الكتابيين من المشركين وفي مرحلة محددة، والقرآن استثنى المُعاهِد، وفي حالة الحرب تقتل من لقيت كما هو يصر على قتلك إن وجدك، والمستأمن يأتي في نفس السياق وواجب إجارته إلى أن يبلغ مأمنه، وإذا أخذ شخص تأشيرة ودخل الدولة فهو في حمايتها، وهناك أعراف دولية تربط بين الناس، والرسول “صلى الله عليه وسلم” نهى عن قتل السفراء بصورة واضحة جداً، وبالتالي كل تصرف يخالف ذلك فهو لا يستند إلى الآيات القرآنية أو يُقرأ قراءة مبتسرة.
} هناك من يُكفّر الحكومة نفسها وينظر بعين التقصير لما تقوم به في جانب العلاقة مع غير المسلمين سواء الأمريكان أو غيرهم؟
– لا يؤخذ على الدولة إن وجد شخص في زمانها لا يؤمن بأفكارها، وتلك فكرة نشأت وتكوّن لها مؤيدون، والردود الشرعية عليها موجودة، والحكومة لا تستطيع أن تحجر على أفكار الناس ولا تستطيع أن تهيمن على الجميع، وإنما واجبها أن تنظم المسائل وأن ترد المخطئ إلى الصواب.
} البعض ينظر إلى مسألة وجودك في السلطة على أنها ترضية لأهل التصوف بعد فطام طويل؟
– هذه المسألة يقول بها الذي لا يعرف صلة الصوفية بالحكومة الموجودة الآن، ولا يعرف نظرة الصوفية إلى كيفية إدارة المجتمع، والصوفية عبقرية كبيرة جداً في فهم هذه المجتمعات، وهم من قديم يرون أن مجالات الحياة محل الإبداع كثيرة جداً، ولم يصعد الصوفية على حساب أي شخص للسلطة وإنما هي تقديرات قيادة الدولة، وأشكر السيد الرئيس شخصياً على اختياره لي.. وأنا في هذا المقعد لا أمثل الصوفية وإن جئت من هذه المدرسة، ولكني أنفذ سياسات تُطبّق على الجميع على قدم المساواة، ولن آخذ حق أحد لأعطيه لمن لا يستحقه.
} البعض يقول إن الصوفية تمثل الطريق الأقصر لاختراق أهل السُنّة سواء من الشيعة أو غيرهم.. ماذا تقول؟
– ماذا تعني بغيرهم؟!
} السفراء الأجانب في الخرطوم زاروا الكثير من الأضرحة وشيوخ الطرق الصوفية وحتى المولد الأخير؟
– دائرة التصوف مرتبة ومحصورة وظاهرة الأوصاف، لذلك أي تغيير فيها يكون واضحاً، وذلك الترتيب يحميها من الاختراقات السهلة، والصوفية يمثلون مذهب أهل السُنّة والجماعة في وجهه الحقيقي ليواجه أي مذهب آخر يتعارض مع مذهب أهل السُنّة والجماعة، وإذا أردنا أن نطبق ذلك على مذهب أهل السنة عبر التاريخ، فهنالك مفاصلات فكرية واضحة بين الصوفية والمتشيعة.. الصوفية يمثلون العقيدة الأشعرية وهي عقيدة معظم أهل السودان، وهي مع العقيدة الماترودية تمثلان مذاهب المفسرين والفقهاء وغالبية الأسماء الظاهرة.. ومنذ البداية هنالك فوارق ظاهرة في العقيدة وفي الموقف من الصحابة ومن علوم القرآن.. الشيعة في العقيدة أقرب إلى المعتزلة، بل هنالك اختلاف واضح للغاية في التأسيس النظري من ناحية الصلة بأهل بيت النبي “صلى الله عليه وسلم” الذي هو محل اتفاق الجميع في حبهم وتقديرهم. والخلاف مع الشيعة من بعد ذلك يأتي في المسائل السياسية، والصوفية منذ القدم وإلى الآن يرتبون الصحابة، ويمكن أن تراجع ذلك عند “الغزالي” و”الشيخ عبد القادر الجيلاني” سواء داخل أو خارج السودان كامتداد لهذه الطرق.
} (مقاطعة).. كيف دخل الشيعة إذن؟
– التشيُّع دخل على الناس من أبواب سياسية، والسودان ظل موصداً أمام التشيُّع لقرون طويلة، وظلت الصوفية تمثل فيه أساساً، ولم يظهر التشيُّع في السودان قبل الثورة الإيرانية، ولكن بعدها أُعجب بعض الشباب المتحمسين بتلك الثورة ما أدى إلى دخول بعض السياسيين في الجزئية الثورية، وهؤلاء لم يعتقدوا أن التشيُّع جزئية واحدة، وقطعاً هؤلاء ليسوا صوفية.
} لكن هناك أسماء من شيوخ الصوفية يتردد على نطاق واسع أن لهم صلة مباشرة بالشيعة؟
– هذا استثناء.. الصوفية داخل السودان لديهم نظرتهم التي تختلف عن نظرة الشيعة، والذي ينتقل من الصوفية إلى الشيعة فهو غير متقن لمذهب التصوف، وإذا كانت قناعاته مكتملة فلن ينتقل، وطالما أنه انتقل إلى المنهج الجديد الذي اختاره فإن الانتقال شيء طبيعي في كل المذاهب، وليس بالضرورة أن يكون ذلك انتقاصاً من المذهب القديم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية