وزراء الصراحة الوطنية !!
بعض المسؤولين وحينما يكون أحدهم وزيراً أو متنفذاً في جهة ويدير سياسة ما على ثغرة اقتصادية أو سياسية تجده دائم البشر، متفائلا بأن الغد أفضل وأن هذه السياسة صحيحة وأن ذاك الإجراء سليم، وبعض هؤلاء كانوا يغضبون ويستاءون إن مسهم جانب من حيف الصحافة وظلم الكتاب، ولكنهم الآن وبعد أن خرجوا من (الجنة وصقطها) تنزلت عليهم ملائكة الشفافية والصراحة الوطنية فانكبوا ينقدون سياسات اقتصادية وإجراءات لم أنفذها أنا أو أنت عزيزي القارئ ولم نستوزر باسمها أو تسبقنا سيارات الحماية ووجاهة السلطة كانوا هم أنفسهم الذين يصعدون الآن المنابر يبصقون على وجه السياسات الاقتصادية ويتضحاكون على بؤس حالنا.
هذه ليست أمانة أو توبة تستحق الاحتفاء، إنها حالة كريهة من حب الذات ومقت الآخرين، وهذه لا تسمى إطلاقاً شفافية وإنما هي حالة تثبت أن تكليف فلان بمنصب وزير قد لا يكون أحياناً معايرة بأنه سليم الفؤاد وأن المناصب تكليف وليست تشريف فرية عريضة وأكذوبة مشاعة فالمناصب تشريف و ميري علي الذي يخرج منه أن يتحول إلى الضد تماماً.
إن كانت السياسة الاقتصادية مختلة أو ذات عرج فلماذا قبلوا أن يكونوا المسوقين لها والمبشرين بها والمصرين على إنفاذ كل إجراءاتها، من غيرهم تحدث عنها وعدد مزاياها ومن غيرهم توعدنا وشتمنا ومن غيرهم بعد كل هذا أجازها وثبتها وصفق لها ليأتي اليوم ليقول فلان وعلان إن السياسة كذا بئيسة والوصفة كيت بائسة وأن الاقتصاد تعطل وتبطل ولو أن هذا القول صدع به قبلا معارض لاتهم في أخلاقه الوطنية وشرفه السياسة ولعُدََّ عميلا مأجوراً من أعوان الشيطان على السودان وشعبه ولكنهم يستحلون لأنفسهم الآن الحديث ومثلما كانوا وهم وزراء منفرون بالقول والبيان فإنهم وهم متقاعدون يواصلون ذات الخط التبشيري المفزع فصار التشاؤم بهم هو القاعدة العامة.
إني أحترم السياسي والوزير الذي ينقد نفسه وجماعته وهو على (الكرسي) يلتقي قيادات الدولة والحزب فيقول رأيه ويطرح رؤاه فإن قبلت نفذها وإن لم يكن مقتنعا اعتذر وانصرف إلى حيث قناعاته لكن أن تكون منفذاً لأمر لا تؤمن به، وبرنامج لا يمثل قناعاتك فتلك قمة قمم الانتهازية الفجة وقدراً من سوء تقدير الذات مريع ولهذا فليت بعض الوزراء الذين تفرغوا بعد خروجهم من الوزارة هذه أن إكرامنا بالصمت أو القول الذي يحترم عقولنا ، لأن أي محاولة منهم لتحميل الآخرين وزر تخرصاتهم ، وإن كانت هناك إخفاقات وأخطاء فإنهم قبل الجميع من وجب عليه تحمل ذلك ولن ينطلي حلو حديثهم على أحد.
إن كان لهم من (فلاح) لكنا قد رأينا ذلك وهم وزراء وقائمون بأمر اقتصادنا الوطني ولهذا فأي إشارة منهم إلى أسباب الفشل في البرنامج الاقتصادي تعود إليهم ولهذا فرجاء ساعدونا بالسكات والموية الباردة.