رأي

مليون (بشكير)!

هناك في عالم الاغتراب الكثير من قصص النجاح التي لا تصدق، لكن من يرويها لك يؤكد صحة كل كلمة فيها. ربما لأننا اعتدنا ألا يقوم سوداني بمبادرة جريئة تأتيه بأرباح كبيرة لهذا لم نصدقها.
سأروي بعضها التي سمعتها من أكثر من مغترب.. بطل قصتنا كان يعمل سائقاً للوري في إحدى دول الخليج. كانت مهمته توزيع الملابس على المحلات، ويستخدم في ذلك سيارته الخاصة. في أحد الأيام وبينما هو ينقل بعض الملابس لاحظ وجود مجموعة من (البشاكير) ملقاة في أحد أركان المخزن. استفسر عنها فأجابوه أنها بضاعة لم تجد أحداً يشتريها لهذا ألقيت في ذلك الركن، فحمل مجموعة منها، وأكد له صاحبها أنه لن يبيعها له بأكثر من ريال واحد للبشكير، وبإمكان من يشتريها بيعها بريالين ليربح. عرض على صاحبها شراءها وبيعها على أن يسدد له ثمنها بعد الانتهاء منها كلها، وحدد شهراً للانتهاء من العملية كلها.
بعد موافقة صاحب البضاعة ذهب ووضع المليون بشكير في سيارته. وقرر أن يطوف كل القطر لتوزيعها لأن المدينة الصغيرة لا تحتاجها. وبالفعل حمل البشاكير وركب الطريق. وما إن يصل إلى مدينة أو قرية كان يتوقف ويقصد السوق حيث يبيع بعضها بسعر ريال واحد. لقد أغرى السعر الرخيص التجار لشرائها. وبعد أن باع عشرة آلاف قطعة في المدينة الأولى انطلق بالسيارة إلى المدينة الثانية وهناك باع حوالي الخمسة آلاف لمجموعة من التجار. وفي المدينة الثالثة باع حوالي العشرين ألفاً لعشرة تجار.
وكان يقضي الليل في سيارته أو في فندق رخيص قبل أن يواصل جولته. وبعد أن طاف بعشر مدن وقرى كان قد باع أكثر من مئة ألف بشكير. ومر أسبوع وهو على هذه الحال. وكان يتصل بصاحب البضاعة بالهاتف من كل مدينة ويبلغه بالموقف. واستمر على هذا الوضع حتى طاف بعشر مدن صغيرة بلغ حجم مبيعاته فيها حوالي مائتي ألف بشكير. وقرر الذهاب إلى العاصمة حيث السوق أكبر حجماً، وفي العاصمة كان الأمر كما توقع إذ باع مائتي ألف خلال أيام ثلاثة. وقرر أن يتجه إلى مدينة بها مشاريع حديثة تنفذ وبها عمالة أجنبية كبيرة. وقد باع في تلك المدينة حوالي خمسمائة فقط ولكنه لم ييأس.. وعاد إلى العاصمة وباع فيها عشرة آلاف أخرى.
انتبه أخيراً أنه لم يذق نوماً عميقاً منذ بدأ رحلته. ولكن كان هناك حوالي مائتي ألف ما تزال بحوزته. فذهب إلى مدينة ساحلية حيث باعها كلها هناك. وأخيراً بعد أن باع المليون بشكير قرر العودة إلى المدينة التي تحرك منها. وذهب إلى أحد أكبر الفنادق فيها واختار غرفة مريحة لقضاء الليل.
وفي الصباح تحرك عائداً إلى المدينة التي بدأ منها رحلته. ولم يصدق صاحب البضاعة أن المليون بشكير قد بيعت كلها فقرر التنازل عن مئة ألف ريال إضافية له. وبعد أن تسلم نصيبه كاملاً ومقداره مليون ومائة ألف فاجأ صاحب البضاعة أنه قرر العودة نهائياً إلى السودان، فلم يصدق الرجل فقد أعد له رحلة أخرى ولكنه كان مصمماً على العودة لأنه بذلك المبلغ يحقق كل أحلامه ولا حاجة له للعمل والإرهاق. وبالفعل صباح اليوم التالي اتجه إلى مطار تلك المدينة بعد أن نال تأشيرة خروج نهائي فقد أصبح مليونيراً.
> سؤال غير خبيث
لماذا ينجح البعض في عالم الاغتراب بينما يفشل آخرون؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية