أخبار

عم "جبارة"!

في حياتنا أُناس ظرفاء.. لولاهم لأصبح العيش باهتاً ورتيباً. وهذه نعمة كبيرة أن يوجد بشر بطبعهم خفيفو الظل وروحهم مفعمة بالفكاهة والدعابة، وقد ظلّت خبرات الحياة تؤكد لنا دائماً أن (الظرافة) لا يمكن أن تكتسب أو تفتعل أو تصطنع. وربما هذا يفسر أيضاً فشل ممثلين كبار في أداء الشخصيات الدرامية الكوميدية، رغم نجاحهم في تقمص تلك الجادة.!
عم “جبارة” واحد من هؤلاء الناس البسطاء والظرفاء، والغريب في الأمر أن من لا يعرفه ويجالسه سيظن للوهلة الأولى، أنه رجل متهجم وعبوس وثقيل الدم، لكن هذه الفكرة سرعان ما ستثبت خطأها حين ينطلق لسان عم “جبارة”، هذا الكائن المدهش الذي لا أعرف أين هو الآن، بعد أن باعدت بيننا السنوات والمسافات، حيث مازلت كلما أصابني الرهق والسأم والملل، أستذكر بعضاً من طرائفه ونكاته.
ومن الصور التي مازالت عالقة بذهني، حديثه لي ذات مرة عن “المثقفاتية”، وكان يومها يقصد أحد الأصدقاء، كلما جلس معنا بدأ حديثه بعبارة (يُخيّل لي )، وينهي كلامه بمقولة (في الحتة دي)، ومابين هذه وتلك كمية من المفردات الكبيرة والضخمة باللغتين العربية والإنجليزية!!
قال العم “جبارة” معلقاً في حضور (المثقفاتي) وليس من وراء ظهره: (يُخيّل لي إنك في الحتة دي لم تلاحظ إلى بؤرة الانسداد الغضروفي عبر الأمعاء الغليظة، لأنك باختصار تعيش حالة من الانحباس الحراري).
…. أو هكذا قال.. والمحيّر أن ذلك (المثقفاتي) اعتبر سخرية العم “جبارة” نصاً فلسفياً عميقاً، فأجابه بدهشة: (والله ياعم “جبارة” يخيّل لي إنك في الحتة دي بالغته عديل كده.. كلامك ده بكشف عن أفق سياسي خطير.. وكاريزما ذات حضور طاغي).
ولأن الجواب كان سيطول فإن العم “جبارة” أسكت الذي يمدحه وقاطعه بالقول: (سوري.. أنا ماشي أجيب لي كهرباء..)!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية