حوارات

أمين الأمانة الاقتصادية بالمؤتمر الوطني دكتور "حسن أحمد طه" (2-2)

د.”حسن أحمد طه” أمين الأمانة الاقتصادية بالمؤتمر الوطني, كان من أوائل الاقتصاديين الذين دفعت بهم الإنقاذ في بواكيرها لوضع سياساتها الاقتصادية، وخلال الـ(23) عاماً التي مضت، ظل من أبرز القيادات الاقتصادية بالدولة.
تحدث د.”حسن” لـ(المجهر) عن الأوضاع الدقيقة التي تمر بها الدولة اقتصادياً، معتبراً الأزمة الحقيقية أزمة سياسية، خلقت على ظهرها الأزمة الاقتصادية، مقراً بفشل جزء من البرنامج الإصلاحي الذي ظلت تنادي به الدولة لـ(3) سنوات خلت، وعن المخارج المتاحة حالياً ليكون العام 2014م، أفضل على الصعيد الاقتصادي.. فإلى الحوار.
} وقفتم خلف شعار الإنقاذ الأول (نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع).. وبعد (23) عاماً أصبحنا بلا زراعة أو صناعة؟
– هذا الكلام صحيح وغير صحيح.. صحيح في عدم توجيه عائدات البترول في ذلك الوقت للزراعة. والزراعة مطلوب دعمها والصبر عليها حتى تحقق الذي نصبوا إليه، وليس صحيحاً أن السودان حقق نمواً كبيراً في قطاعات أخرى.
أعتقد أن صادراتنا قبل البترول كانت في حجم لا يزيد عن (350 – 500) مليون، ولا تقلل من شأن القطاع الزراعي على الرغم من تدهور بعض المشاريع مثل (الجزيرة) ولكن ليس بذلك الحجم، والذي يرجع بداية تدهوره إلى العام 1968م – أي قبل الإنقاذ – وظل المشروع وعلى مدى تعاقب الحكومات يعاني من التجاهل ويجر الحكومات إلى مواجهة مشكلته خاصة وأن قانون المشروع كان يحتاج إلى تعديل ومعالجة وكل الحكومات سكتت عليه.
وأذكر أن الإنقاذ عندما قامت كان عمال (مشروع الجزيرة) في إضراب وأول موارد دخلت لخزينة الإنقاذ حوالي (200) مليون دولار وجهت لدعم (مشروع الجزيرة) لتحريكه، وكنا وقتها في وزارة المالية قد وضعنا خطة بتجنيب إيرادات البترول والنأي بها عن الميزانية وتوجيهها لمشروعات التنمية، وحققنا تنمية ضخمة في مجال تطوير مشروع الكهرباء والطرق حتى أنه أصبح بمقدور الناس الذهاب بعربات (الأتوس) من (الخرطوم) وحتى (كادقلي)، ومن (الخرطوم) إلى (وادي حلفا) بعربة صغيرة، وهذه كلها من فوائد البترول، ولم ننسَ أن الناس عانوا معاناة طويلة ولا بد أن يحسوا بطعم البترول ولا يستمروا في التقشف، وبالتالي كان لا بد من التوازن بين الاثنين.
كما أننا بذلنا جهوداً مقدرة في مجال السدود ونحتاج إلى بناء القنوات وإدارة المساحات بجانب السدود لاستغلالها في الزراعة.
وأعتقد أن الإشكالية كبيرة في مجال القطاع الزراعي، لذلك لا بد من وضع صمام أمان لمواجهة التحديات وإعطائها التمويل اللازم وفي الوقت المحدد لها.
} الحكومة سبق واعترفت بفشل (البرنامج الثلاثي).. والمواطن وحده من تحمل تبعات التقشف.. ولم يحدث تقليل للإنفاق الحكومي بالصورة المطلوبة؟
– بالنسبة لـ(البرنامج الثلاثي)، هناك عوامل داخلية وأخرى خارجية أثرت عليه، الخارجية هي أن العلاقات بيننا و(جنوب السودان) لم تذهب كما كان مخططاً لها، وبالتالي فقدنا إيرادات وموارد كان يمكن أن تساهم في إنجاح البرنامج.
كما أن تبعات الانفصال وتدهور الوضع الأمني في (دارفور) و(جنوب كردفان) وتدمير المنشآت مثل حقل (هجليج) ترتب عليه ازدياد الإنفاق العسكري والأمني على حساب التنمية، وأفشل الأهداف المرجوة في زيادة الإنتاج والإنتاجية، وأدى إلى ظهور ضغوط مالية على الميزانية وصرفها على بند الأمن، وجاء بالتالي على حساب أولويات داخل البرنامج، ونحن لا نزال نطالب باتخاذ إجراءات أكثر جرأة ونطالب بسياسة تقشفية خاصة بالحكومة تتحملها الحكومة وليس العبء الضريبي وزيادة الأسعار والأهم الجدية في خفض الإنفاق العام.
} تحدثت الحكومة عن (برنامج خماسي).. هل هذا يعني إعلاناً صريحاً لفشل (الثلاثي)؟
– لا أقول فشل (الثلاثي)، فالبرنامج في إطاره النظري والعملي جيد ولم يفشل بالمعنى فشلاً كاملاً بل حقق بعض النجاحات، ولكن لم يستطع توفير كل المطلوب والمرجو من البرنامج، والتقارير الدولية كانت تنذر بحدوث ركود للاقتصاد في السودان، وهذا لم يحدث طيلة فترة تبني الدولة لـ(البرنامج الثلاثي)، وهذه إيجابية تحسب له.
الآن مطلوب اتخاذ إجراءات تدفع بالنمو إلى مستويات ما قبل الأزمة.
والبرنامج ينتهي عام 2014م، ولا بد من رؤية جديدة بعد ذلك لأن (البرنامج الثلاثي) قصير لا يتعدى الـ(5-7) سنوات حقق ما حقق وفشل في ما فشل، وأُرجح أن يبدأ (البرنامج الخماسي) مع بداية رئاسية عقب انتخابات 2015م، وهو بلا شك يحتاج إلى إعداده باكراً ووضع التصورات، وهذا يحتاج إلى جهد ووقت كبيرين وما ممكن تقول (أنا غيرت من البرنامج دا لي دا)، فالبرنامج يحتاج إلى عمل.
} حدثنا عن رؤيتكم تجاه (البرنامج الخماسي).. وإلى ماذا يهدف في تقديرك؟
– والله أعتقد أن القرار وضعته الحكومة ولا أعلم عنه شيئاً وهي من تقرر.
} الانتخابات اقتربت وتحدثت أنت كثيراً عن التغيير والدماء الجديدة.. هل تعتقد أن المؤتمر الوطني أعد مرشحه لرئاسة الانتخابات المقبلة؟
– والله أعتقد أن هذا قرار حزب.. وأن أية حركة سياسية أو حزبية لا بد أن تترك داخل الحكم أو خارجه وتتيح الفرصة للشباب لأنهم يشكلون أمل ومستقبل هذا البلد.
وحسب رأيي الشخصي أن التجربة لها حدود، وأي إنسان في موقع يعطي فكره لـ(4) سنوات أو (10) وبعد ذلك يفسح المجال للآخر وهذه سنة الحياة.
أما من سيرشح؟ فالقرار متروك للحزب حسب معطيات معينة، لكن من حيث المبدأ المؤتمر الوطني مقر بضرورة التجديد، وهناك حراك حالياً ولجان تعمل على هذا الأساس ووصلت لمراحل متقدمة واضعين في الاعتبار قضية الشباب لأنهم يحتاجون إلى تمثيل أكبر من هذا، وأي حزب لا يأخذ بمعطيات المتغيرات الداخلية أو الخارجية سيموت تلقائياً.
} هل تعتقد أن هنالك خلفية جاهزة من الشباب للحكم؟
– قلت إن الحزب هو من يقرر، ولكن الظروف الحالية تتطلب التداول والتشاور، وهذا الشيء أقره الحزب وذاهب في اتجاه الإصلاحات.
} هناكخبراء قالوا إنه ليس هناك دعم بالمعنى الواضح للوقود؟
– هذا حديث غير صحيح.. البترول نصفه يذهب للشركات، والشركات تأخذ نصف قيمته، وإذا أنت لم تضع سعراً لبترولك بالسعر العالمي سيذهب جزء منه للتهريب، وحتى بعد هذه الإصلاحات هنالك تهريب للبترول، فمثلاً إذا كان هنالك من هو على بعد (500) كلم يبيع بسعر (35) جنيهاً للجالون وأنت تبيع بسعر (20) جنيهاً للجالون، فهذا يعني أنه رغم الحواجز سيتسرب البترول خارجاً، وأي حديث مثل هذا يدور بالسودان يعني أن هنالك من يريد أن يسمح للبترول بالتهريب كما كان يحدث للسكر وغيره من السلع المدعومة.
} ولكن أين ذهبت الأموال العائدة من رفع الدعم عن المحروقات؟
– ذهب جزء منها لزيادة الأجور، وجزء ذهب لدعم سلع مازلنا ندعمها مثل (القمح) الذي ما يزال سعر الدولار له (2,5) حتى هذه اللحظة، وما يحدث أن وزارة المالية كانت تشتري بسعر (2,9) ولم تدفع لفترة طويلة ظل خلالها (بنك السودان) يستدين إلى أن وصل مرحلة لا يستطيع معها سداد هذه الديون، لذلك كان لا بد من توظيف جزء من هذه الأموال لصالح دعم (القمح) إلى أن نهتدي إلى البديل باستيراد قمح ذي قيمة أقل، أيضاً جزء منها ذهب إلى ديون شركات البترول.
} مقاطعة.. ولكن كانت الحكومة قد صرحت بأن أموال عائدات ترحيل نفط الجنوب عبر الشمال للعام 2013م ستذهب لتغطية ديون الشركات؟
– جزء من الديون لأن الديون كبيرة جداً.
} إلى كم وصلت ديون هذه الشركات؟
– والله الرقم الحقيقي غير متوفر عندي، ولكن أعتقد أنها كبيرة جداً.
} أموال كلفة مرور نفط الجنوب هل ستدخل ميزانية العام 2014م.. أم مازالت لديكم تحفظات عليها؟
– أعتقد أنه لا بد من تطوير علاقة الجنوب بالشمال، والعائد المتوقع من حجم التعامل بين الشمال والجنوب أكبر من التعامل مع أية دولة أخرى، وهو مفيد للاقتصاد السوداني.
} هنالك إشاعات تقول إن سعر جالون البنزين سيصبح (40) جنيهاً مع بداية العام 2014م.. وسيتم رفع الدعم كلياً؟
– لا أعتقد ذلك، فالوقود مازال مدعوماً وليس هنالك أي تفكير لزيادة السعر سواء للبنزين أو الجازولين، فهذا قرار سياسي وسيستمر الدعم إلا إذا انخفض السعر عالمياً.
} حدثنا عن ملامح عامة عن توقعاتكم لخطة 2014م.. كيف ستكون التقديرات والموارد المتوقعة؟
– أنا لست وزير مالية ولا بالجهاز التنفيذي، وأعتقد أنهم الآن في مرحلة الموجهات والسمات العامة، ولكن الميزانية عمل يجري داخل وزارة المالية.
} توقعاتك أنت كأحد صناع القرار بالحزب عن الميزانية المقبلة وللاقتصاد بصفة عامة؟
– أعتقد أن الوضع سيكون أفضل، وكل الدلائل تشير إلى وجود فرص أفضل للخروج باقتصاد البلاد إلى بر الأمان، وأتوقع أن نصل إلى مستوى قبل الأزمة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية