رأي

"الصادق" رئيس الوزراء..!!

قال الدكتور “نافع علي نافع” إنه لن يكون هناك منصب لرئيس الوزراء في التشكيل الوزاري الجديد، وبهذا التصريح قد وضع حداً لما أشيع حول استحداث هذا المنصب في الوزارة الجديدة.. وكان الحديث قد تكرر حول تعيين السيد “الصادق المهدي” في هذا المنصب، ويبدو أنها كانت أمنيات للبعض.
هذا المنصب (رئيس الوزراء) يعدّ أهم المناصب في النظام الديمقراطي الرئاسي، لأنه يتولى كل العمل التنفيذي. وأعتقد أن “الصادق” لم يعد متحمساً له كما كان في السابق، وافترض أن ذلك كان على خلفية تحديد الاختصاصات، فالواضح أن “الصادق” لم يرفض كعادته مع الأنظمة العسكرية لكنه أحاطه بشروط عادة لا يقبلها من اعتاد أن تكون كل الأمور بيده.
افترض أن “الصادق المهدي” بعد أن رحب بالمنصب وضع من ضمن شروطه أن تعطى له صلاحيات واسعة تجعل كل السلطة في يده.. والواضح أن الفريق الحاكم خلال العشرين عاماً الماضية لم يتخيل أنه بلا سلطة فعلية كما يريد “الصادق”، فحدث صدام الأمنيات وانتهى الأمر بالاتفاق على إلغاء المنصب، لأنه أصبح يعني نهاية نفوذ الفريق الحاكم وبداية نفوذ جديد.
بعض الأنظمة الديمقراطية لا ترى أهمية لهذا المنصب كالنظام الأمريكي، فهم يضعون كل السلطات في يد رئيس الجمهورية وهو يحاسب على أي خطأ أو تدنٍ في شعبية الحزب.. وهناك أنظمة ديمقراطية أخرى تجعل لهذا المنصب مكانة تقترب من مكانة الرئيس أو أكثر، لأن الرئيس لا يحاسب على أي فشل في العمل التنفيذي، وكنموذج النظام الفرنسي والبريطاني والإسرائيلي.. وكنت أتوقع بعد عشرين عاماً من السلطة أن يكون هذا نفس تفكير أهل الإنقاذ خاصة بعد المعارك الكثيرة اجتازتها بنجاح على الجبهات السياسية والاقتصادية، حيث إن المرحلة القادمة مرحلة هدوء وتفكير هادئ، ومحاولة إصلاح للأخطاء دون أنت تتحمل الرئاسة عبئاً أدبياً كبيراً.
في رأيي أنه ما زال هناك وقت للقاء حول اختصاصات هذا المنصب، وأن توافق الإنقاذ على اختصاصات تشبه اختصاصات رئيس الوزراء في النظام البريطاني أو الفرنسي، والإنقاذ في المرحلة القادمة بحاجة إلى وجه جديد ودماء جديدة.
ليعطى رئيس الوزراء ما يريد من صلاحيات حتى لو كانت تقترب من صلاحيات رئيس الجمهورية، شريطة أن يكون تحت رقابة ومحاسبة البرلمان المنتخب انتخاباً حراً.. المشكلة أننا اعتدنا طوال عهود نظاماً يجمع فيه رئيس الوزراء سلطات تجعله أقرب إلى رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي، ولا نستطيع أن نتخيل أن هناك أحداً سينازعنا السلطة.. هذا كان أسلوب الحكم في عهد “عبود” و”نميري” والآن “البشير”، ولا نتخيل أي انتقاص من سلطاتنا.
على أني لو ضعت نفسي مكان الرئيس لقلت لنفسي إن المرحلة القادمة مرحلة ديمقراطية حقيقية في كل العالم، ولم يعد للأنظمة الشمولية نفس السحر القديم، فالآن هبّت الشعوب بحثاً عن ديمقراطية حقيقية ولن ترضى بديلاً لها.. وهذه يلزمها شخص يتحمل مسؤوليات العمل التنفيذي كاملة، وإذا كان هذا الشخص بخبرة طويلة في دهاليز السلطة والمعارضة مثل “الصادق المهدي” فهو حتماً سيكون الأصلح لهذا العمل.
ولا أعتقد أن “نافع” قصد أن هذا المنصب لم يكن مطروحاً أصلاً، بل قصد أنهم لم يجدوا الشخص المناسب، ولا خوف على المشروع الإسلامي، فـ”الصادق” ابن بيت ديني، وعرف عنه دفاعه عن دولة الشريعة، كما أنه صاحب خبرة طويلة في الحكومة والمعارضة، وله خلفية مناسبة في المعارك السياسية.
يمكن الآن اعتماد نظام ديمقراطي على النمط البريطاني أو الفرنسي، والتوكل على الله وإعطاء المنصب لأنسب شخصية حالياً له وهو “الصادق المهدي”.
{ سؤال غير خبيث
هل تعتقدون أن منصب رئيس الوزراء سيلغي منصب الرئيس؟ وهل تعتقدون أن المرحلة القادمة بحاجة لهذا المنصب؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية