«نادية» .. كان بدري عليك
إن الموت علينا حق، ولا دائم إلا الله تعالى.. وقد اختطف الموت فجأة زميلتي وصديقتي وشقيقتي، وصديقة عائلتي وشقيقة كل الصحفيين والإعلاميين من الجنسين، المغفور لها بإذن الله تعالى “نادية عثمان مختار”، حيث أذاع الخبر أثناء تقديمه لبرنامجه المسائي الزميل الأستاذ “حسين خوجلي” حين أمده طاقم القناة بالخبر مكتوباً.. أذاعه وانفجر باكياً وقطع برنامجه، وقد وافاها الأجل المحتوم إثر حادث مروري مساء الاثنين الماضي.
وا حزني عليك يا أم “إيمان”، بل وا حزن الإعلام كله في هذا الفقد الجلل، وقد كانت “نادية” في قمة عطائها الصحفي والتلفزيوني الحواري.. كانت السيدة “نادية” طيبة المعشر، زميلة حميمة لكل الناس، صحفية في فن الحوارات لا يشق لها غبار.. عرفناها منذ كانت مبتدئة بصحيفة (الخرطوم) بالقاهرة، حيث كانت تقيم مع زوجها الراحل “محمد الحاج” ابن عمها الذي رحل قبل عدة سنوات، وترك لها وحيدتها “إيمان” التي تخطو نحو التخرج في الجامعة بالقاهرة.
عملت “نادية” في العديد من الصحف (الخرطوم) و(أخبار اليوم) و(السوداني) ثم مؤخراً بصحيفة (التغيير) الجديدة، فكانت في كل منطقة تترك بصمتها، وتغادر، لكن أواصر صداقتها لا تنفصم.. فهي قد أتت من بيوت الجماهير الكادحة، لتحقق بإرادتها القوية كل نجاحاتها.
كانت “نادية عثمان مختار” أول مذيعة ومقدمة برامج بقناة (هارموني) الفضائية.. وكانت تشكل العمود الفقري في عدة برامج إعداداً وتقديماً بقناة (أم درمان) الفضائية..
كانت “نادية” كالنخيل في بلادي شموخاً وعزة، غادرت خفافاً، بعد أن تسيدت ساحة العطاء الإعلامي بإبداعها وتلقائيتها، تطل بوجهها الطفولي على الشاشة، فتحدث انشراحاً في نفس المشاهد لا حدود له.. كانت وفية حد الرهق بصحتها.. ومجاملة من الطراز الممتاز.. وكانت تعرف كيف تدير عملها حتى يخرج للناس مكتمل الأركان، قوي البنيان.
أعزي فيها نفسي وأهل بيتها بالشعبية بحري، وبعين شمس الشرقية بالقاهرة، كما أعزي جميع زملائها بالقناة وبالصحف السودانية.. وأعزي كريماتي وأهل بيتي فيها.
وأحر التعازي لصديقنا وزميلنا الأستاذ الكبير “حسين خوجلي” ولزملائه في قناة (أم درمان) الفضائية التي افتقدت واسطة عقدها الآن.. والعزاء لأسرة صحيفة (التغيير) الجديدة التي التحقت بها “نادية” منذ تأسيسها قبل عدة أسابيع.
وداعاً (ندوية الأدارسة) كما تكتب به على الـ (فيسبوك).. وأحسن الله عزاء “إيمان” وعزاء أشقاء “نادية” وشقيقاتها بالخرطوم بحري وبالقاهرة.
ولا نقول إلا ما يرضي الله (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).