أخبار

الراقصة والسياسي

مَشاهِد الفيلم السينمائي لا يمكن أن تكون تعبيراً متكاملاً للرواية الأدبية التي تم استلهام سيناريو الفيلم منها، ولكنها تظل في كثير من الأحايين تعكس بصورة أو أخرى قدراً من الروح العامة لهذه الرواية خاصة فيما يتعلق بالفكرة والشخصيات.
هذا “الكلام” بمناسبة فيلم “الراقصة والسياسي” الذي بثته إحدى المحطات الفضائية مؤخراً، وهو كما معروف مأخوذ عن عمل أدبي للكاتب “إحسان عبد القدوس” مما جعلنا نجتر أكثر من ملاحظة في مقدمتها أن “إحسان عبد القدوس”، ورغم وصف البعض لإنتاجه الأدبي بأنه “موجه للمراهقين” ولكنه ومن خلال هذا العمل تحديداً أكد أن ما يكتبه موجه “للجميع” بمن فيهم المراهقون طبعاً، كما أكد أنه يمتلك وعياً خاصاً بالفكرة التي يطرحها، وذلك حينما يبني صراعه بين النقائض كالراقصة والسياسي مثلاً، ويحاول أن يوجد علاقات ذكية بين هذين الضدين، ينسج من خلالها عمله الأدبي موفوراً بالإثارة والتشويق.
ورغم أن الفيلم أكثَرَ من “بهارات” الفرجة المألوفة، واستعان بالرقص كثيراً من مدخل أن القصة تدور حول “راقصة”، لكنه نجح على صعيد آخر في تحميل “إشارات” النص الأصلي وترويجها على نحو مرئي لا بأس به، جعله لا يخرج عن الرؤية المكتوبة لإحسان عبد القدوس، ولا يهتك البنية الأساسية للفكرة بأجوائها الحارة وطقوسها المتغيرة.
المؤكد أن السينما العربية استفادت كثيراً من إبداع “إحسان عبد القدوس” ولكنها في معظم الأحايين ظلت تشوه هذا الإبداع، وهي ليست الحالة الأولى من نوعها في تاريخ السينما العربية، حيث تعرضت أعمال أدبية كثيرة للتشويه ومع سبق الإصرار والترصد.. ورغم ذلك فبعض الأدباء يحلو لهم أن يلدغوا من الحجر مرتين، فتجدهم لا يمتنعون عن تحويل أعمالهم الأدبية إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تليفزيونية، وكأن عينهم في الواقع على المكسب والانتشار فقط.
في “الراقصة والسياسي” المسألة مختلفة بعض الشيء، حيث اجتهد صناع الفيلم على أكثر من صعيد في عملية خلق “مقاربة” سينمائية تتماس بشكل أو آخر مع روح النص المكتوب، ربما لأن عمل “الراقصة والسياسي” الذي كتبه “إحسان عبد القدوس” كان مكتوباً في أساسه بلغة شديدة الدرامية، وقوية الإيحاء مهدت لظهور الفيلم على هذه الشاكلة “المقبولة” بالمنطق السينمائي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية