أستاذنا "هيكل"..!!
} احتفل الأستاذ الكبير “محمد حسنين هيكل” الأسبوع الماضي ببلوغه سن التسعين وهو في كامل صحته وقوته.. وأذكر أنه عندما بلغ الثانية والثمانين وكان يقدم برنامجاً في إحدى الفضائيات أنه قال: (أنا لا أنتظر شيئاً من أحد لأني في سن تجعلني في غنى عن أي مطالب خاصة أو شخصية، ولهذا لا يستطيع حاكم أن يهددني بأي شيء).. والواقع أن هذا حال “هيكل” منذ أن عرفناه.. شجاع في الحق، يقول الحقيقة ولو على نفسه.. لقد كان هو الوحيد من مستشاري “عبد الناصر” الذي أشار عليه بالسماح بعرض فيلم (ثرثرة فوق النيل) الذي انتقد المسؤولين في الاتحاد الاشتراكي وصورهم بصورة الغائبين عن وعيهم، وأقنع “عبد الناصر” أن الناس ساخطون على الوصوليين الذين أضلوا الاتحاد الاشتراكي، وأنهم يريدون أن يعبروا عن رأيهم في القيادات الفاسدة، وهذا يشعر الناس أن لديهم حرية تعبير ويمنع الثورة، وأيضاً استطاع إقناع “عبد الناصر” بعرض فيلم (ميرامار) بعد أن رفضته الرقابة مع أنه كان قاسياً في نقده لقيادات الاتحاد الاشتراكي الذين تسببوا في النكسة واتهمهم بأنهم لا يمانعون في سرقة المؤسسات التي يعملون بها.
} كثيرون لا يعرفون أن الكاتب الكبير لم يكن عضواً في الاتحاد الاشتراكي في يوم من الأيام رغم أنه كان من أقرب الناس إلى الزعيم “عبد الناصر”، لأنه رآه تنظيماً غير ديمقراطي، وهو مفروض على الناس، وكان “عبد الناصر” يحترمه لشجاعته لأنه كان يقف مع الحقيقة، وكان شجاعاً في انتقاد الأجهزة الأمنية ويطالب بالابتعاد عن الصحفيين، لذا نعم الصحفيون بحرية عندما كان وزيراً للإعلام لم يجدوا مثلها طوال العهود.
} قصة اختياره وزيراً للإعلام تقول إنه يعتز بعمله كصحفي ويراه أشرف عمل، بل لا يرى أن هناك منصباً يعادل منصب الصحفي، ولهذا عندما اختاره الرئيس “عبد الناصر” كوزير اشترط أن يبقى في منصبه رئيساً لتحرير (الأهرام).. وقد ارتبطت بمقالاته منذ المرحلة المتوسطة، فقد كان يكتب مقالاً أسبوعياً بعنوان (بصراحة) ينتظره كل العالم ليعرفوا منه اتجاه الرياح السياسية، ويكتب بلغة يفهمها الجميع.. سلسة، ممتعة، تأثرنا بها وأحببنا التحليل السياسي منها، وأحببنا هذا النوع من الكتابة المطولة الذي نقضي كل الأسبوع معه نراجعه.
} عندما غضب عليه “السادات”، هاجمه هجوماً قاسياً، وأخيراً أعتقله مع مجموعة كبيرة من الكُتاب وألقاه في السجن الذي لم يخرج منه إلا بعد اغتيال “السادات”.. ورفض تولي أي منصب واكتفى بدوره كرئيس لتحرير (الأهرام)، الذي كان يراه أعظم منصب، وتتصارع الصحف والفضائيات الآن للفوز بحديث منه مقابل آلاف الدولارات.. يحتفظ بالكثير من الأسرار ولم يفضح أصحابها الذين بعضهم يدعي البطولة، ومنهم “السادات” شخصياً، الذي كان مطيعاً لـ”عبد الناصر” ولم يختلف معه إطلاقاً كما زعم في فترة لاحقة.. إنه كنز آمل استضافته في واحدة من فضائياتنا.
} قالوا.. ونقول
} قالت الممثلة “إلهام شاهين” إنها تبحث عن قصة مشتركة لإنتاجها.. ونقول: هذه القصة عندي أنا فهل نبلغها بعنواني؟!
} قالوا إن “هيكل” احتفل بعيد ميلاده التسعين وهو في كامل صحته وقوته.. ونقول إنه محظوظ أنه ولد في مصر لأنه لو كان في السودان لقالوا هو مصاب بـ(الزهايمر) وهو في الستين..!!