أخبار

التفاوض مع من؟!!

} أكثر من عامين بددت في المغالطات والهروب من أمام الواقع ورفض التفاوض مع حاملي السلاح بذرائع ضعيفة وحجج واهية، بعد أن وضع العنصريون من منبر السلام المؤتمر الوطني تحت (الابتزاز السياسي) وتخويف قيادته بأن التفاوض مع حاملي السلاح يفكك الدولة ويذهب بسلطان الحكم بعيداً عنهم.
} الرئيس في خطابه أمس الأول أمام البرلمان أعلن جهراً عن رغبة حكومته في التفاوض مع قطاع الشمال أو الحركة الشعبية التي تحمل السلاح، ولم يضع شروطاً مسبقة للحوار، كما كانت تفعل الحكومة من قبل حينما (تكابر) وتقول إنها لن تفاوض إلا أبناء المنطقتين، ثم تضع شروطاً أخرى بأن التفاوض مرجعيته اتفاقية السلام الشامل لاستكمال بنودها.. وفي ذلك هروب من واقع جديد تشكل في الساحة السياسية بعد انفصال الجنوب ونشوب حرب أكثر ضراوة من ذي قبل .
} قبل أن تتربص صقور الحرب داخل المؤتمر الوطني وخارجه بسياسات الحكومة الجديدة التي أعلنت من قبة البرلمان، فإن الحكومة نفسها ينتظرها المراقب للثبات على مواقفها المعلنة، وأن لا تنكص عنها غداً بخطابات جديدة تنسف كل الأماني والتطلعات لمواطني السودان التي تنامت إثر خطاب الرئيس، وتملك حكومتنا قدرة فائقة على (الكلام الفسل) عبر خطب جماهيرية تهدم ولا تبني، تفرق ولا تجمع، تنبذ الحوار وتمتشق سيف الإقصاء. .ولو كانت الخطب الحماسية تبني دولة لنهض السودان فوق ماليزيا، ولو أن الهجوم على العالم الخارجي يرعبه ويجعله يبدل سياساته وقناعاته لحصد السودان ثمرات ما زرع خلال الـ(24) عاماً الماضية..
} تصريح صغير أمام حشد جماهيري في قرية نائية لا يعرف سكانها التميز بين “غواتيمالا” و”هاييتي” ينسف ما زرعته الدبلوماسية خلال أعوام.. ووالي ولاية أو وزير اتحادي تأخذه (هوشة) فيطلق للسانه أن يتحدث فيما يقع تحت دائرة الإضرار بمصالح الشعب.. والآن يتمدد الأمل في ثبات الحكومة على خطابها الذي قدمه الرئيس للبرلمان ولو لشهر واحد قبل نسفه بمواقف جديدة تهدم مشروع التفاوض المرتقب مع الحركة الشعبية أو قطاع الشمال، وليت الحكومة فكرت بعقلية تاجر الجملة، ودخلت في تفاوض مع الجبهة الثورية مجتمعة بدلاً من عقلية تاجر القطاعي التي سادت طويلاً ونجحت في بعثرة صفوف المعارضات المسلحة، وتشظت الحركات التي تحمل السلاح، ولكن استعصى الحل حتى كاد أن يصبح مستحيلاً..
} اليوم يفتح الرئيس أبواباً للأمل بإنهاء حقبة الحرب وبسط السلام سواء من خلال المبادرة التي قادها رجل الأعمال “صديق ودعة” ولقاء “كمبالا” مع كل من “جبريل” و”مناوي”، أو قبول وساطة حكومة جنوب السودان لاستئناف التفاوض مع قطاع الشمال الذي غير مهم اسمه وغير مهم من يقوده؟ ولا ينبغي أن نرهن قضية حياة ملايين البشر بكراهية فلان لزيد أو عبيد من الناس.. وقد ثار جدل متطاول عن “ياسر عرمان” و”عبد العزيز” هل يمثلون النوبة أم لا؟ تلك من القضايا الانصرافية التي لا تليق بدولة تسعى لتوطين السلام بدل الحرب، فإذا اختارت الحركة الشعبية د.”نافع” أو “الترابي” أو “الصادق المهدي” لتمثيلها في التفاوض علينا احترام خيارها وتقديم ما في جعبتنا من حلول، ولكن شخصنة القضايا العامة هي سلوك بدائي قد يسود في أوساط الطلاب واتحاداتهم النقابية، ولكن حكومة لها خبرة قاربت نصف القرن من الزمان لن تشغل نفسها بالسنن وتترك الفرائض، أو ينبغي أن لا تفعل ذلك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية