حرب أكتوبر مرة أخرى
حرب أكتوبر (73) كانت شعاراً لكل العرب، وكانت هزيمة للإسرائيليين لم يفيقوا منها حتى اليوم، يكفي اعتراف رئيسة الوزراء الإسرائيلية عقب الحرب بأنها كانت الحرب التي خسر فيها الإسرائيليون خسائر تساوي ما خسروه في كل الحروب السابقة كلها، يكفي أن تعرف أن المظليين الإسرائيليين خسروا أربعمائة قتيل وألف جريح في معركة استمرت ساعتين فقط.. وقد هددت “غولدا مائير” أنها لم يبقَ أمامها إلا استخدام القنبلة الذرية لوقف تقدم المصريين، قالت ذلك لكي تقنع الأمريكان بسرعة التحرك لإنقاذ إسرائيل، وبالفعل تدخلت بسلاح طيرانها وصواريخها واستطاعت أن توقف تقدم الجيش المصري ولولا ذلك لوصل الجيش المصري إلى “تل أبيب”.
تحدث الجميع عن أدوار الضباط والقيادات خلال الحرب، ولكن أحداً لم يتذكر دور الرئيس “عبد الناصر”، كلهم توقفوا في دور الرئيس “السادات” وهذا طبيعي لأن الحرب حدثت خلال رئاسته لمصر، كما أنه الذي أصدر قرار الحرب وتحمل المسئولية، دور الرئيس “عبد الناصر” بدأ بعد النكسة مباشرة أي منذ انتهاء حرب (67)، فهو جمع الجيش المهزوم ورفع من روحه المعنوية وسلحه ودربه وأعده للمعركة، ولا زلت أذكر كيف استطاع المصريون إجبار الإسرائيليين على إيقاف الغارات الجوية بعد إسقاط عشر طائرات (فانتوم) خلال أسبوع واحد، ولازالت عناوين الصحف التي كانت تصدر آنذاك أمام ناظري (إسقاط الفانتوم السادسة- إسقاط الفانتوم الثامنة – إسقاط الفانتوم العاشرة) وهكذا..
واحتار الأمريكان من أين جاء المصريون بالصواريخ التي أخذت تصطاد طائراتهم كالذباب، وما دروا أن “عبد الناصر” أحضر من روسيا أحدث صواريخها ودفع كل ما طلبوه من مال وطلب من الجزائر دفع الأقساط.
وبعد ذلك أجرت القوات المصرية العشرات من بروفات العبور على النيل شارك فيها آلاف الجنود وآلاف الدبابات وقطع المدفعية.. كل ما فعله “السادات” ومجموعة القيادة حوله أنهم انهاروا بعد عبور الإسرائيليون للقناة، ولم يستطيعوا التصدي لمجموعة بسيطة من الجنود عبرت القناة تحت حماية الطيران الأمريكي.
لقد أعاد “عبد الناصر” بناء الجيش المصري من الصفر، بعد أن فقد كل دباباته وتسعين بالمائة من طائراته، ولم يكن يملك صواريخ مضادة للطائرات، تم تدريب الجيش المصري على الحرب الإلكترونية لهذا استطاعوا خلال ست ساعات فقد اقتحام خط بارليف لدرجة أن رئيسة الوزراء الإسرائيلية قالت إن وصول المصريين إلى “تل أبيب” مسألة ساعات، وأنها لم يبقَ أمامها إلا استخدام القنبلة الذرية، وبالفعل تم تجهيز السلاح النووي لأنه لم يبقَ لديهم غيره.
صحيح استطاعت القوات الأمريكية بعد تدخلها إيقاف تقدم المصريين لكنها لم تتمكن من طردهم وإعادتهم إلى الضفة الغربية مرة أخرى، وظلوا في مواقعهم حتى إعلان وقف إطلاق النار. على الذين يحتفلون بانتصار أكتوبر أن يذكروا دور “عبد الناصر” الحاسم، وعليهم أن يتذكروا أنه لولا توقف الغارات لما استطاعوا العبور لأن الغارات كانت ستمنع تجميع الجيش، ولكن بعد سقوط (الفانتوم) العاشرة وهروب الإسرائيليين انفتحت السماء وانهار الجيش الإسرائيلي ونجح العبور.
قالوا .. ونقول
قالوا إن “السادات” أصدر الأمر بالعبور، ونقول إن “عبد الناصر” هو الذي جهز الجيش وسلحه استعداداً للعبور.