حواسها التي تتمتع بها فوق العادة: الكلاب البوليسية .. طابور استعراف!
كانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة صباحاً عندما وصلت الكلبة (انجي) ومدربها إلى مكان الحادث ، ميدان بمساحة (600) متر مربع، تتبعت (انجي) الأثر من مكان الحادث في منتصف الميدان، واتجهت إلى الشرق في مسافة تبلغ ( 200) متر إلى أن وصلت إلى (كنتين) لا يوجد به باب، تم العثور داخله على عكاز به دماء ثم واصلت تتبع الأثر باتجاه الشمال مسافة ( 100) متر إلى أن وصلت إلى (خور) عثر فيه على سكين بها دماء، واستمرت في تتبع الأثر مسافة (500) متر قطعت فيه شارع أسفلت، وواصلت تتبع الأثر إلى أن وصلت إلى منزل مشيد من الطوب الأحمر، عثر بداخله على أشخاص وتم اتهامهم وثبت أن العكاز والسكين هما أدوات ارتكاب الجريمة!
الحقيبة الغامضة
وفي حوالي الساعة الخامسة صباحاً كان التفتيش جارٍ بواسطة الكلب الشرطي (جوي)، في إطار تأمين خط سير وفد رئاسي بمدينة الدمازين بواسطة الكلاب البوليسية ، حيث بدأ الكلب ومدربه التفتيش داخل المطار ثم المسارات الخارجية ثم الشارع العام، وأثناء التفتيش في إحدى الشوارع دخل الكلب غرفة صغيرة تقع بالاتجاه الغربي للشارع العام، وجلس تحديداً بالقرب من حقيبة، وبعد تفتيشها وجد بداخلها كمية من فتيل (القرنيت) عدد (8) قطع.
الخزانة السرية
وردت معلومة إلى أحد أقسام الشرطة بأم درمان تفيد بوجود شخص يتاجر بالمخدرات، حيث تم تفتيش منزله عدة مرات ولكن لم يتم العثور على شيء، وعندما تم تفتيش المنزل بواسطة الكلاب الشرطية، أعطت الكلبة (ايفي) إشارة لموقع داخل جدران إحدى الغرف، وبعد كسر ذلك الجدار وجد بداخله صفيحة حديدية بطول واحد متر وبداخلها عدد (75) رأساً من (البنقو). وتم تفتيش منزل إحدى مروجي المخدرات ضمن حملة أخرى بواسطة الكلب، واستطاع العثور على عدد (40) رأس (بنقو) مخبأة في خزينة سرية داخل دولاب
ذكاء (بروس)
وتم إجراء طابور استعراف بواسطة الكلب الشرطي (بروس)، وكانت المتعلقات هي عدد (2) عصا وبنطال أسود اللون وآخر رمادي وفانلة بيضاء وعدد (2) شال أبيض و(جفير) سكين، وفي الطابور الأول تعرف الكلب على المتهم بواسطة المتعلق عصا داخل جوال، ونتيجة لذلك اعترف المتهم بملكية المعروض (العصا) وفي الطابور الثاني أقر المتهم بملكية المعروض وهو عبارة عن (جفير) سكين وشال قبل إجراء الطابور. وفي الطابور الثالث تعرف الكلب على المتهم بواسطة المعروض (فانلة) وبنطلون أسود وشال، وفي الطابور الثاني اعترف بملكية المعروض وتعرف الكلب على المتهم وتم ذلك بواسطة تعلقه به، واعترف بملكية المعروضات أمام وكيل النيابة المختصة، وأمر بتفتيش منزل المتهمين والبحث عن أدوات الجريمة وهي سكين، وشم الكلب “جفير” السكين، وأثناء التفتيش تعرف الكلب على “فانلة” المتهم داخل منزله حيث وجدت بها دماء الضحية.
مسرح الحادث
إذا كان مسرح الحادث يعج بالعديد من رجال الشرطة، فتأكد أن هناك عنصراً ما يساعد في فك طلاسم الجريمة..وحل لغزها الغامض..قبل أن تصيب الحيرة رجال التحري..وقبل أن ينفد صبرهم، وهنا ربما يتم إنقاذ الموقف مثلما فعلت الكلبة (انجي).. الكلاب البوليسية ما أصلها من أين يتم استجلابها وما أنواعها وكيف يتم تدريبها في تتبع الأثر والبحث عن مرتكبي الجرائم ومعرفة المشتبه فيهم لدى الشرطة في مايعرف ب (طابور الاستعراف).
علاقة راسخة
يقول علماء التأريخ البيولوجي إن الكلب الأليف انحدر مباشرة من الذئب، واستطاع إنسان الغابة أن يؤهل هذا الكائن المنحدر ويستأنسه في فترات زمنية مختلفة وفي أماكن عديدة منذ حوالي (10ـ12) ألف سنة ، والكلب من الثديات وهو الأسهل استئناساً على الإطلاق، فكي يستطيع الإنسان استئناس الحصان ، الغزال ، الفيل أو الأسد مثلا، فإن عليه أن يأسر هذه الحيوانات ويسجنها وينتصر عليها بالقوة، لكنه أي الإنسان لم يجد أي صعوبة في استئناس الكلب.
أبناء كليب
وقد بلغت قوة ارتباط العرب قديماً بالكلب إلى حد تسمية الأبناء بالأسماء نحو (كليب)، وإن كان ثمة أسماء مقتبسة من حيوانات أخرى مثل (ليث) أسد و(فهد) وغيرها، وقد سئل إعرابي لم تسمون أبناءكم بأسماء نحو كلب وغيره، فيما تسمون مواليكم (رباح ومرزوق) فقال (إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا وموالينا لأنفسنا) وكأنه قصد التفاؤل في اسم كليب مثلا بمكايلة العدو وقهره!
الكلاب الشرطية السودانية
الكلاب البوليسية في السودان ما أنواعها ومن أين يتم الحصول عليها وكيف تطور استخدامها؟ هذه الأسئلة وغيرها حملناها ووضعناها أمام طاولة العميد “على أحمد حسن” رئيس دائرة الكلاب البوليسية فقال: نشأت فكرة الاستعانة بـ(الكلاب البوليسية) في بريطانيا مطلع القرن العشرين، ثم انتشرت كما كرة القدم إلى أرجاء المعمورة، فيما بدأت رحلة السودان مع تجربة الاستعانة بالكلاب البوليسية في العام (1963)، والكلاب الشرطية لها مدربون متخصصون وبرنامج غذاء، وهي متخصصة في مجالات متباينة مثل المتفجرات والمخدرات وتتبع الأثر والاستعراف والأسلحة وغيرها.
كلابنا أمية
العميد “علي أحمد” أشار إلى الفرق بين التي يستخدمونها وتلك التي تعج بها الشوارع والأحياء، وقال في حديثه (للمجهر) إن الكلاب السودانية التقليدية هي من سلالة (السلوقي) الذي ينتمي إلى جبال وصحاري شمال أفريقيا، وهي كلاب وفية جداً لكنها لاتبالي كثيراً بالغرباء وهي أيضاً بلا شخصية ولم يبذل أصحابها أي جهد في تعليمها وتدريبها وإكسابها المهارات وتطوير مواهبها، لذلك أصبحت (أمية) وغيرمبالية تأكل ما رمي في وسط الطريق أو غيره، وأحياناً تتصرف تصرفات تنم عن الطيش إذ تدور حول نفسها بلا سبب أوتطارد حشرة ، قطة ، فأراً أو ورقة طائرة في الهواء، وهذا سلوك ينم عن أن تطورها العقلي ليس على مايرام .ويواصل العميد حديثه بقوله: أما الكلاب البوليسية التي نستخدمها في السودان فهي من سلالة (جيرمان شيبارد) وهو كلب من أصل ألمانى انتشرفي العالم ليصبح (ماركة)عالمية مثل (المرسيدس)، وينتمي (جيرمان شيبارد) إلى سلالات قديمة استخدمت في الرعي والزراعة، وقد استخدم في الحرب ثم في عمليات الطواريء والإسعاف وأعمال الأمن والبوليس وقيادة كفيفي البصر. والكلب البوليسي يتمتع بحاسة شم تساوي قوتها (أربعين مرة) حاسة شم الإنسان الواثق من نفسه.