رأي

حادث في الرياض

سنخصص عمود اليوم لحديث الذكريات، وهذا الحادث مسرحه مدينة الرياض عاصمة المملكة، كنا أنا والزميل “عادل عبده” نعمل في النشرة اليومية (أنباء الساعة)، وقصة استيعاب الزميل “عادل” معنا تستحق أن تروى، فقد كان يسير في الشارع الذي يحتضن النشرة عندما قرأ اللافتة، فدخل وهو لا يعرف أي شخص في المبنى، وهناك قابل أحد العمال فسأله عن الشخص المسؤول عن النشرة فأعطاه اسمي، لذا اتجه لمكتبي عرفني بنفسه وكيف أن كفيله يقيم في جدة، وكيف حصل على خبرة جراء عمله في مجلة (التعاون). وقدم لي نفسه باعتباره من أبناء جزيرة تنقسي وهي التي شهدت مولدي، فأزال ذلك الحواجز بيننا سريعاً خاصة عندما لاحظت رغبته الشديدة في العمل، وكانت النشرة التي تطبع بالأوفست وتستخدم الصور تصدر باللغتين العربية والانجليزية، ومنذ ذلك اليوم جعلت “عادل” مسؤولاً عن الجزء العربي وتفرغت أنا للجزء الانجليزي.
كانت الأيام تمضي بنا دون مشاكل أو عوائق إلى أن جاء ذلك اليوم الذي وقع فيه الحادث وكاد يتسبب في طردنا أنا وعادل من المملكة، لأن “عادل” كتب جملة (الصين الجديدة) وهو يتحدث عن الصين الشعبية. فجاءنا “داؤود” الشريان وهو صحفي معروف في المملكة وخارجها، وكان غاضباً ليذهب إلى صاحب النشرة ويبلغه بالعبارة، وكيف أن الرقابة في وزارة الإعلام لن يتركونا لأننا مدحنا بلداً شيوعياً. واستدعاني صاحب النشرة لاكتشف الخطأ ودعا الله ألا يقرأ مسؤول هذه النشرة، في ذلك اليوم، وكان هذا من المستحيلات لأن كل الوزارات مشتركة في النشرة بما فيها الإمارة.
ورأيت أن من الأفضل عدم إبلاغ “عادل” بالأمر، وتحملت النقد وحدي، وعشنا ذلك اليوم في قلق شديد كلما رن الهاتف، إذ كنا نعتقد أنها من أحد أفراد الرقابة بوزارة الإعلام، لكن اليوم مر دون حدوث ما نخشاه. الأستاذ “محمد العيجان” أبلغني أنه تلقى اتصالاً من الوزارة فطلب منهم ألا يصعدوا الموضوع، ولولا ذلك لحصلنا على تأشيرة خروج نهائي.
وحرصت ألا يعرف “عادل” أي شيء عن المشكلة، ولكنه عرف من بعض العاملين في الكمبيوتر وحكوا كل شيء عن الأزمة. وأبدى “عادل” إعجابه لتحملي المسؤولية كاملة مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب. وكان وزير الإعلام آنذاك “عبده زكي يماني”، وكانت علاقته طيبة بصاحب الوكالة ولولا ذلك لكنا محمولين في أول طائرة إلى السودان، وانتهت قصة أول وآخر أزمة ولولا أننا طلبنا من “داوود الشريان” عدم تصعيد القضية لكانت هناك عواقب خطيرة، ومنذ ذلك اليوم كان صاحب الوكالة يحرص على متابعة كل ما تنشره النشرة. حتى الصور يراجعها ولكنه لفترة أربع سنوات لم يعثر على شيء بل عثر على أشياء اعتبرت في عداد الانتصارات سنقدمها في حينها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية