حوارات

الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة العقيد "الصوارمي خالد سعد" لـ(المجهر)

تمر البلاد بمنعطف دقيق يتطلب تضافر كل السودانيين وبخاصة الحكماء لإيجاد حلول مرضية لكل الأطراف في بلاد ضخمة الموارد يمكنها أن تعيش في وضع أفضل بكثير. وتمر الساحة السياسية السودانية بتقلبات جوهرية يمكنها بترتيبات معينة أن تضمن استقراراً داخلياً دائماً يوصل إلى محطة نهائية جيدة، ودائماً ما يكون في دول العالم الثالث صوت عالٍ للقوات المسلحة التي تمثل العمود الفقري لأي دولة.. (المجهر) استنطقت في هذا الحوار الناطق الرسمي للقوات المسلحة العقيد “الصوارمي خالد سعد” الذي فتح صدره لأكثر الأسئلة حرجاً، وأجاب عليها بحنكة، فإلى مضابط الحوار:

} دعنا نبدأ أولاً بما تم إنجازه حتى اليوم بالنسبة للاتفاقيات الأمنية مع دولة الجنوب.. وصلت إلى أين ؟
-الإجابة على هذا السؤال قد تكون صعبة، وقد تكون سهلة في الوقت ذاته بحسبان أن ما تم الاتفاق عليه مع دولة جنوب السودان حتى الآن هو ظاهر للعيان، وهذه الاتفاقيات الثماني كما هو معلوم توجت بالاتفاقية الأمنية المشتركة، وهي كلها تقريباً كانت تصب في توفيق أوضاع أشياء معينة حيث كلها تدور حول العامل الاقتصادي المتمثل في النفط والتجارة، نجارة الحدود بين الدولتين، وبعد ذلك تصب في العامل البشري وهو موضوع الحريات الأربع التي تدور حول عملية الأمن وعدم إيواء ودعم المعارضين من الدولتين، وهذه حتى الآن قطع فيها شوطاً كبيراً للغاية، لا يمكن إحصاؤه بالأرقام نسبة لأنها عملية غير خاضعة في كثير من جوانبها للأرقام.
} أرجو أن تحدثني عن هذه المسألة بشيء من التفصيل ؟
-يمكنني أن أقول لك إنه في مجال الدعم والإيواء حتى الآن نحن وصلنا مع دولة جنوب السودان إلى “نقطة فاصلة” تتمثل في توقف الدعم والإيواء تماماً، لا هُم يأوون أو يدعمون ، ولا نحن نأوي أو ندعم، وتوج هذا بزيارة “الرئيس “سلفاكير” الأخيرة، والحمد لله تسير الأمور على قدم وساق، ونحن نؤكد أن الأمر في هذا المضمار يسير بصورة جيدة، كذلك من الناحية التجارية البترول الأمر فيه واضح للعيان، والآن بترول الجنوب يصدر عبر السودان، وليس هنالك جديد في هذا الأمر، كذلك التجارة الآن شهد الناس الاتحاد الأفريقي، وهو يقوم بعمل ممتاز جداً، واللجان المسؤولة عن المعابر تقوم بعملها ، ونرجو أن يرى هذا العمل النور في القريب العاجل.
} هل يمكن القول إن ملف إيواء الحركات المتمردة بين الطرفين أغلق تماماً ؟
-هنالك توجيهات من الرئيس “سلفاكير” لحكومته بأنه لا يريد أن يري”عرمان” ولا يريد أن يرى “عقار” أو “الحلو” في مدينة جوبا أو في أي مدينة جنوبية، وهذا إن دل فإنما يدل على أن هنالك حسن نية من الرئيس “سلفاكير وعزم على أن يتم وقف الدعم والإيواء من دولة جنوب السودان، نحن من جانبنا نؤكد تماماً أننا لا نأوي معارضاً جنوبياً ولا ندعم أية حركة مسلحة ضد جنوب السودان.
} ما هو الجديد الآن على الأرض ؟
الجديد الآن هو ما قلته لك الآن حيث أكد الرئيس “سلفاكير” يصرح أنه لا يريد رؤية هؤلاء المتمردين داخل دولته، هذه هي آخر الأنباء..
} هل قال لكم بذلك كمسؤولين صراحة ؟
هذا ما “عرفناه”، لكن الجديد في هذا الأمر هو أن اللجان تقوم بعملها في المناطق الحدودية.
} صرح “قطاع الشمال” أنه سيواصل عملياته وكذا، كيف هي الأوضاع في “النيل الأزرق” و”جنوب كردفان ؟
-هذه التصريحات كثيرة جداًَ من قطاع الشمال، ولكن نحن لهم بالمرصاد ، ولولا أننا كقوات مسلحة نقوم بمنع من يقوم بتنفيذ هذه التهديدات، لكان أمره الآن أمراً آخر، ولكن نحن نؤكد أن مثل هذه التصريحات ليست جديدة، وهذه التهديدات ليست جديدة ومتواترة ، كل يوم أحياناً يعلن وقف إطلاق النار، وأحياناً يعلن أنه سوف يقوم ويفعل ويفعل وأحياناً يعلن أنه سوف يستفيد من الخريف، والخريف ينقضي، وبعده الصيف يعلن أن هنالك عمليات صيفية وينتهي الصيف، ونحن نؤكد تماماً أن موقف “قطاع الشمال”في “النيل الأزرق” بعيد جداً، وفي “جنوب كردفان” كذلك مهيض الجناح.
} يتحدث بعض المراقبين أن موقف “الجبهة الثورية ” يتقدم على الأرض هل هذا الأمر صحيح ؟
-على العكس تماماً، فالوقائع العسكرية على الأرض تكذب مثل هذا الحديث، نحن نؤكد أن “الجبهة الثورية” في تراجع مستمر، ما هي دلائل التقدم على الأرض؟ هي أن تكون هنالك المزيد من العمليات العسكرية واحتلال المدن والقرى وهكذا ، وهذه لا تحدث الآن على الأرض، ونؤكد أن كل المدن السودانية عن بكرة أبيها هي الآن تحت سيطرة القوات المسلحة بلا منازع، وبالتالي أين التقدم؟.
} تحدث المواطنون المحتجون في مدينة “نيالا” عن غياب “سلطة الدولة”، والقوات المسلحة هي “عمود الدولة” ؟
-للأسف هنالك مسائل كثيراً ما نساءل بها هنا في وزارة الدفاع وفي القوات المسلحة، المواطن لا يفرق بين عمليات الأمن الداخلي وعمليات الأمن الخارجي، القوات المسلحة مسؤولة عن عمليات الأمن الخارجي، ولكن أن يتم إغتيال مواطن داخل مدينة، فهذه بلا شك هي مسؤولية الشرطة والأجهزة الأمنية، وحتى الفرد الذي ينتمي للقوات المسلحة داخل المدينة هو تحت حماية قوات الشرطة، وبالتالي فنحن فعلاً نتضامن مع إخوتنا كقوات نظامية، ولكن مثل هذه الأسئلة من يجيب عليها هي أجهزة الشرطة والتي هي مسؤولة تماماً عن توفير الأمن والحماية للمواطنين داخل المدن .
} هل تبدي القوات المسلحة أية ملاحظات في حال ضعف الأجهزة الأمنية ؟
-نحن كقوات نظامية كلنا في نهاية الأمر نعمل تحت مظلة واحدة، ولكن نعم هنالك تخصيص للواجبات حيث لكل قوات نظامية واجباتها المحددة التي تقوم بها تحديداً، وإن كنا نعمل في نهاية الأمر تحت مظلة واحدة، حيث لكل ولاية لجنة أمنية مكونة من الجيش والشرطة والأمن، ولكن لكل واجبه الذي يقوم به.
} دائماً ما يثار لغط كثيف حول علاقات السودان العسكرية مع “إيران”، وهذه تقول بعض الجهات إنه ربما أخذت على السودان؟
-العلاقات السودانية الإيرانية هي ضمن تخصص إخوتنا السياسيين وتسير بتقديراتهم، وبحسب سياسة الدولة وما تراه مناسباً ومع من تتعاون، أو تستفيد من التعاون معه، ولاشك أن العمل الدبلوماسي عموماً لا يتم بصورة جزافية، وإنما بتخطيط حيث يجلس الدستوريون ويقررون إقامة العلاقات مع هذه الدولة أو تلك، وبناءً على ما يمكن أن تستفيد منه الدولة، هذا في الإطار العام، وما يثير الجدل دائما هو أن هنالك سفناً إيرانية قادمة أو مغادرة، وهذا الأمر لا ينفك عن سياسة الدولة عموماً، إذا كانت هناك علاقات دبلوماسية بين دولتين فلاشك أن هذه العلاقات تشمل كل النواحي الاقتصادية والأمنية وغيرها ، وبالتالي فإن هذه الزيارات هي زيارات عادية، وقد تكون أحيانا عبور لسفن إيرانية أو غير إيرانية ، وحتى أننا ذكرنا سفنا من دولة لاعلاقة لنا بها، ولكن تمر مرور عبور في زيارات غير رسمية ولها الحق الكامل أن تتزود بما تشاء وفق البروتوكول المعمول به بحريا.
} رشحت أنباء عن عدم رضا “المملكة العربية السعودية عن العلاقة بإيران ؟
-هذا مجرد كلام، نحن من الناحية الرسمية ليس لدينا ما يثبت هذه الحجة، ولكن المحللين السياسيين كالعادة يحللون مثل هذه الأمور، ولكن على الصعيد الرسمي نحن أكيد حريصون كل الحرص على أمن وسلامة المملكة العربية السعودية كدولة جوار، ولا نقوم أصلاً بأي عمل عسكري يمكن أن يضر بأمن واستقرار المملكة.
} كانت للسودان مع مصر اتفاقية دفاع مشترك، والعلاقات معها مضت في أطوار متقلبة كقوات مسلحة كيف تنظرون للعلاقات بين البلدين؟
-ما زال بيننا وبين مصر أواصر قوية جداً، وهنالك اتفاق حريات أربع مازال ساري المفعول، والعلاقات قوية جدا، وما حدث في مصر من ثورة على نظام الرئيس “حسني مبارك” وتغير النظام، لم يؤثر ذلك على علاقات البلدين، ثم بعد حكم “مرسي” وتغيير نظامه إلى نظام آخر، كل ذلك لم يؤثر على علاقاتنا في الإطار العام، وبالنسبة للوضع الذي يجري في مصر، فنحن أكدنا منذ اليوم الأول أنه شأن داخلي، وأمر خاص، ونحن نتعامل مع “مصر” الدولة، والشعب المصري يختار من يحكمه.
} كعسكريين.. القوات المسلحة المصرية انحازت لمطالب الشعب المصري في (30) يونيو، هل يمكن أن تكون اللغة أكثر قرباً بينكم؟
-نحن والحمد لله كقوات مسلحة سودانية وكقوات مسلحة مصرية لا توجد بيننا أية مشاكل أو قطيعة أو أي شيء يثير التوتر بيننا، الحمد لله نحن كقوات مسلحة لم تتأثر بما جري في مصر والدليل على ذلك أن ملحقنا العسكري مازال موجوداً بالقاهرة، ويؤدي عمله بأحسن ما يكون، وبالمقابل فإن الملحق العسكري المصري هو موجود بيننا الآن في الخرطوم يؤدي عمله كأحسن ما يكون، وحتى عندما أرسلت مصر إغاثة لمتضرري السيول والأمطار أرسلت عن طريق الجيش المصري ، وذهبت أنا موفداً مع السيد النائب إمداد، وتسلمنا هذا الدعم، وشكرنا الجيش المصري والحكومة المصرية، ونعتقد أن العلاقات جيدة.
} في ظل الظروف الراهنة في السودان هل من الممكن عدم حدوث انقلابات عسكرية مستقبلا ؟
-هذا ما نريده، وما نعمل من أجله، حقيقة نحن لا نشتم رائحة أن هنالك تغييراً يمكن أن يحدث بواسطة أي إنقلاب عسكري قادم في السودان، وبالتالي أعتقد أن الحكومة الآن هي كتلة واحدة، من الناحية السياسية والعسكرية، حيث تعمل من أجل الاستقرار والتداول السلمي للسلطة، وأن نكون قد ودعنا عهد الانقلابات العسكرية إلى الأبد، مثلنا ومثل أي دولة عظيمة.
} مقاطعة.. يرى البعض أن الأوضاع في حال تدهورها بشكل أكبر ربما تكون الكلمة الأخيرة للقوات المسلحة بحيث يحدث انقلاب عسكري جديد ؟
-نحن نؤكد أن القوات المسلحة ليس في السودان فحسب بل في كل العالم هي صمام الأمان، وهذا هو ما نريد دائماً أن تؤكده لكل فئات الشعب، وإن كان هنالك بعض الأصوات المعارضة التي تدعي أن القوات المسلحة السودانية “مسيسة”، وأنها تنتمي وكذا، نحن نؤكد تماماً أنه لا علاقة لنا بأي حزب سواء حزباً حاكماً أو كان حزباً معارضاً، لا علاقة لنا بالحزبية أو الجماعات الدينية، نحن قوات مسلحة” قومية”، وبالتالي فنحن صمام أمان لهذه الدولة ، ونؤكد تماماً أنه متى ما سقطت القوات المسلحة ، وفقد المواطن ثقته فيها فعلى الدولة السلام.
} ربما يقوم “مغامرون” منها بالانحياز للشعب ؟
-هذا الحديث أن “ينحاز إلى مطالب الشعب”، هي أصلاً “قوات الشعب المسلحة”، وأنا أعتقد أنه لا فرق بين القوات المسلحة والشعب، وبالتالي نحن لا نريد حتى أن يكون هنالك فاصل بين الشعب وقواته المسلحة،نحن كقوات مسلحة فئة من الشعب تعمل معه ومن أجل مصالحه ومن أجل استقراره وأمنه بكل ما تحمل هذه الكلمة من مضامين ومعاني، ومن أية حساسيات أن يقال “ينحاز الجيش للشعب” و”ينحازالجيش” فالجيش هو جيش الشعب.
} هل يمكن أن يحدث “السيناريو المصري” في السودان في ظل الأوضاع الحالية ؟
-لا أعتقد، نسبة لأننا كدولة سودانية وقوات مسلحة وشعب سوداني ، نختلف كثيراً عن الشعب المصري، ونحن مررنا بكل التجارب التي يخوضها الآن الشعب المصري، مررنا بها قبل عشرات السنين، هنالك مجموعة من “الثورات والديمقراطيات” و”الحكومات العسكرية”، بمعنى أننا “تطعمنا” تطعيما شاملا وكاملا، وأتمنى أن تكون الفترة المقبلة للاستقرار الكامل لعملية نظام الحكم في السودان.
} كيف هو شكل هذا الاستقرار؟
-استقرار بمعنى تداول للسلطة عبر الأساليب الديمقراطية، أن يحكم الشعب السوداني نفسه بنفسه دون استعمال قوة بأي ناحية من النواحي، وأن يتم تداول السلطة بطريقة سلمية ومنظمة ، تتيح لأية حكومة البدء من النقطة التي وقفت فيها سالفتها.
} هل القوات المسلحة ستكون طرفاً محايداً في حال أفرز التداول السلمي للسلطة غير النخبة الحاكمة الآن؟
-نحن كقوات مسلحة لا شأن لنا بأن نكون هنالك حكومة أخرى غير هذه الحكومة، القوات المسلحة ليست قوات النظام هي قوات الدولة، وقوات الشعب المسلحة، أصلاً هذا هو ديدنها، وأنت إذا رأيت رئيس هيئة الأركان الفريق أول مهندس ركن “مصطفى عثمان عبيد” هو دخل القوات المسلحة منذ أوائل السبعينيات، وبالتالي هو عمل مع “نظام نميري” وبعده نظام “سوار الذهب”، ثم نظام “الصادق المهدي”، والآن هو مع نظام السيد المشير “عمر البشير” ، ونائبه كذلك، وهيئة القيادة التي تقود الآن أمر الجيش عملت مع عدد من الأنظمة، ونحن نؤكد تماماً قومية القوات المسلحة، وأنها ليست قوات نظام أو فئة أو طائفة، وتعمل من أجل المواطن السوداني أياً كانت حكومته.
} البعض يقول إن القوات المسلحة باتت حزبية وتنتمي لفصيل معين ؟
-أرد على هذا الحديث الذي لا دليل عليه، بأن هيئة القيادة الحالية وهي مجموعة من كبار قادة القوات المسلحة هم من قدامى العسكريين الذين عملوا أنظمة سابقة عديدة بمختلف توجهاتها، ونحن جيش محترف مثله وبقية جيوش العالم، وسنظل هكذا، ومتى ما انفرط هذا العقد القومي فتكون الدولة كلها قد تعرضت للخطر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية