أخبار

«ود أبوسن» والقضاء

{ قضت محكمة جبل أولياء بجلد طالب جامعي قاده الفضول أو التدبير المسبق – غير مهم – لمحكمة مثلت أمامها فتاة كانت (نكرة) فأصبحت شهيرة في مواقع التواصل الاجتماعي اسمها «أميرة عثمان»، متهمة بدخول مكتب الأراضي بملابس قدرت الشرطة أنها خليعة.. وتم فتح بلاغ في مواجهتها. القضية أمام القاضي ولا يحق لنا التعليق على مسارها حتى يصدر الحكم بعد تأجيله من الأسبوع الماضي للأسبوع المقبل.. لكن الطالب (المجلود) تم (توقيفه) وهو قد شرع في تصوير جلسات المحكمة.. كل ذلك سيدي مولانا «أبوسن» رئيس القضاء حق لا نملك معارضته أو الدفاع عن الطالب الذي لا يحترف مهنة الصحافة، ولا يملك سجلاً في اتحاد الصحافيين أو مجلس الصحافة حتى ينفض نزاعهما.. وتملك المحاكم سلطة حظر تصوير جلسات المحاكم، وسلطة إغلاق أبوابها في وجه الصحافة والصحافيين، ولكن الطالب الذي تم (جلده) بعد القبض عليه تم (تفتيش) هاتفه الشخصي وعثر على صور خليعة، لتضاف إليه مادة جديدة في مخالفة القانون وجريمة أخرى لجريمته التي قبض على إثرها..
{ هل تملك الشرطة حق تفتيش هواتف المقبوض عليهم؟! وهل وجود صور خليعة في هاتف أي مواطن يُعد جريمة يحاسب عليها القانون ولماذا؟! وهل من يقبض عليه في أي قضية تصبح مقتنياته الشخصية مباحة للسلطة تعبث بها وتستفيد مما تحمله لتضيف مادة جديدة لتجريم المقبوض عليه؟!
{ القاضي «أبوسن» حفيد أسرة عريقة.. قبل أن يدرس القانون في الجامعات السودانية عاش تجربة القضاء الأهلي في بادية البطانة بشرق السودان التي يضرب فيها المثل بحكمة وعدالة ونزاهة «أبوسن».. وليس غريباً أن يجتمع اثنان من أحفاد زعماء النظام الأهلي لحراسة بوابة العدل في بلادنا.. «أبو سن» ناظر الشكرية في الجهاز القضائي و«محمد بشارة دوسة» حفيد الزغاوة في بوابة وزارة العدل..
وفي وجود السلطان «دوسة» والناظر «أبو سن» يتوق أهل السودان لعدالة لا تأخذ الناس بالشبهات، ولا تنصرف عن المجرمين الحقيقيين الذين يقتلون النفس بغير حق وينهبون حق النساء بشوارع الخرطوم، ومحاكمة طالب وُجدت في هاتفه السيار صور في نظر الشرطة خليعة، وفتاة ذهبت لقضاء معاملة مدنية بإحدى أجهزة الدولة فأصبحت متهمة تحت المادة (152).
{ العدالة أن يقبض على المجرمين الذين قتلوا (53) مدنياً منهم أطفال وأمهات وشيوخ في نهار السابع والعشرين من رمضان في قرية (بترا) بدارفور، وحتى اليوم فشلت الأجهزة في تقديم مجرم واحد للقضاء لمعاقبته على ما اقترفت يداه من جرم.. العدالة التي ننشدها تطبيق حد القتل والحرابة على الذين أهدروا دماء (500) نفس بغير حق في محلية السريف بني حسين.. وليس العدالة أن ينهب (الجوكية) المصارف ولا يشملهم القبض ويبقون إلى حين السداد..
وهل من العدالة أن يقبع مظلوم في السجون مثل الراحل عن دنيانا الفانية «عابدين أبو زلازل» الذي شيد للحكومة مدارس، وحينما فشلت الحكومة في سداد ما عليها من التزامات بقي في السجن عاماً ونصف العام؟!
{ العدالة أن لا تبحث الدولة وأجهزتها عن مخالفة لمقبوض عليه لتضيف لجريمته أخرى.. وأن لا يصبح القانون مطية في يد البعض.. وأن لا نردد شعارات الإصلاح لتزجية الفراغ.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية