هل تبدد (مشروعات حصاد المياه) العطش وخزانات (التبلدي) في كردفان؟!
تشهد كردفان الكبرى هذه الأيام نشاطاً زراعياً مكثفاً في موسم الخريف الجاري، حيث انتهى المواطنون من بذر التقاوى، وشرعوا في مرحلة إزالة الحشائش التي تعرف بـ(الكديب)، ويتوقع أن تحقق الزراعة هذا العام إنتاجاً كبيراً، خاصة أن الأمطار هطلت بغزارة رغم تأخرها عن وقتها، مقارنة مع العام الماضي. ويمثل عدم توفر الطرق المعبدة وانعدام الخدمات أكبر مشكلات قرى ومناطق ولايتي شمال وغرب كرفان. وفي جولة لـ (المجهر) لعدد من القرى طالب الأهالي الدولة بضرورة حل مشاكلهم، مشيرين إلى أن مشكلة المياه قد انتهت وذهب عهد العطش وخزان شجرة التبلدي إلى غير رجعة بامتلاء ثلاث سدود وحفيرين لأول مرة هذا الخريف الأمر الذي انعكس على حياة الناس وأوجد حالة من الاستقرار لكن المشكلة ظلت في معاناة عبور الطرق الرملية الوعرة لأجل الوصول إلى المستشفيات والوصول إلى الخدمات في مدن الأبيض وبارا والنهود.
محطة أبو دزة ..
من منطقة “أبو دزة” كانت أولى محطات رحلتنا في كرفان الغرة أم خيراً جوة وبرة، حيث كان الاستقبال بحفاوة من أهل قرية (قديرتي) التى تقع على مقربة من سد “أبودزة” الذى شيدته وحدة تنفيذ السدود بسعة ثلاث ملايين متر مكعب من مياه الامطار ضمن مشروعات حصاد المياه، شيخ قرية “أبو دزة” العمدة (إبراهيم آدم عبد الله) قال إن وجود السد بالمنطقة سيسهم في حل مشكلة مياه الشرب للحيوان والإنسان على السواء وتستفيد أكثر من (40) قرية من مياه السد ، ويحكي العمدة أن رحلة البحث عن مياه الشرب كانت تستغرق أياماً، وشاركه في الحديث “أحمد قريب” الذي طالب ببناء مركز صحي ومسجد للقرية حتى يتسنى للمواطنين الاستقرار. مواطنو قرية “قديرتى” أصروا على المقيل معهم، وعند إصرارنا على المغادرة دفعوا لنا “بعتود” حتى لا يمسكوا طريقنا ودرءاً للعوارض حسب اعتقادهم، لكن في طريق العودة تعطلت إحدى السيارات مما اضطرنا إلى ترك (العتود) في قرية ” أمبل”.
شكاوي من أهالي منطقة “فوجا” ..
وفي مدينة “فوجا” بولاية غرب كردفان كشف الأهالي جملة من المشاكل والمطالب أبرزها عدم وجود كهرباء بالمدينة رغم وجود (80) ألف مواطن يعيشون هنالك، بالإضافة لعدم وجود مستشفى. وشكا الأهالي من ظهور أمراض مثل اليرقان والفشل الكلوي وسط المواطنين نسبة لعدم صلاحية مياه الشرب التي يتناولونها واستبشر المواطنون خيراً بإنشاء سد “أبو رجالة” قرب المدينة بسعة مليون ونصف المليون متر مكعب، وقالوا إن إنشاء السد لم يحل مشكلة مياه الشرب بالنسبة لهم لأن هنالك معاناة في نقل المياه باستخدام عربات “الكارو”، وطالبوا الدولة بمدهم بمحطة معالجة للمياه. ويقول منسق اللجان الشعبية بـ “فوجا” أزهري الساير” إن المدينة وفدت إليها أعداد كبيرة من الباحثين عن الذهب، وأكد العمدة “النور الدريدي” أنهم سيتجهون إلى زراعة البساتين والخضروات في محيط السد.
مواطنو “فوجا” أشاروا في حديثهم إلينا إلى أنهم يتطلعون إلى زيارة رئيس الجمهورية إلى منطقتهم. ويقول المواطن “الفاتح جاد السيد” إن المنطقة شهدت زيارات تاريخية كزيارة الزعيم الأزهرى في (1955)، وزيارة الرئيس الراحل “جعفر نميري” في (1972) حيث افتتح كل منهما مدرسة ما زالت قائمة ومركزاً بيطرياً.
تنمية عمرانية في منطقة “الكبرا”
مشكلة مياه الشرب للماشية والإنسان تمثل أكبر هاجس للمواطنين في كردفان قبل أن تتجه الدولة إلى مشروعات حصاد المياه بالتركيز على مناطق الثروة الحيوانية والكثافة السكانية العالية. وأشار مواطنو منطقة “الكبرا” ومنهم رئيس اللجنة الشعبية للكبرا “عبد القادر فضل الله صالح” إلى أن الحفائر التي تقيمها وحدة تنفيذ السدود تحتاج للتسوير للمحافظ عيلها من التلوث. وقال بقيام الحفير بدأت تشهد المنطقة تنمية عمرانية واضحة وأصبحت منطقة “الكبرا” مركز تجمع للثروة الحيوانية، حيث تمكنت الجهات المسؤولة من تطعيم أكثر من (135) ألف رأس من الماشية، وأوضح أنهم استفادوا من عائدات الحفير في توفير حوالي (90) ألف جنيه ذهبت إلى تشييد فصول دراسية.
مواطنو “الكبرا” اشتكوا من ظهور حالات اسهالات وأمراض بسسب عدم “فلترة” المياه والطحالب، ويشاركهم في ذات الشكاوى مواطنو “أبوحديد” التي تقع أسفل الجبال في موقع جميل وطبيعة حالمة وجذابة.
مدير مكتب المتابعة لوحدة تنفيذ السدود بكرفان الكبرى “حسب الرسول فضل الله محمد” أكد لـ (المجهر) أن كردفان معروفة بالعطش حيث يعاني الناس كثيراً في الحصول على المياه وكذلك الماشية لذلك جاءت مشروعات حصاد المياه بإنشاء خمس حفائر وسدود ساهمت فى معالجة المشكلة. وأشار إلى أن حصاد المياه هذا العام وصل إلى أكثر من (15) مليون متر مكعب.
ويشير المهندس “عبد الرحيم الأمين” إلى أن عشرات القرى استفادت من حصاد المياه، كما حدث استقرار للمواطنين، فضلاً عن زيادة أعداد الثروة الحيوانية، وتوقع أن تشهد القرى التي تقع قرب هذه السدود تنمية عمرانية وزيادة في أعداد السكان بعد أن توفرت المياه، وقال إنهم التمسوا الرضا لدى المواطنين.
كانت مرورنا عابراً لعشرات القرى، منها من توقفنا فيها، ومنها من لوح لنا أهاليها مرحبين، وأذكر على سبيل المثال قرى”طليح، “حميد”، “سعيد” و”جربت”، “أبو جزيرة” ، “الغبشية”، “عشار الطيب”، “خمجت”، “أم قفلة حماد” ، “أم قفلة مراريت”، “جقيلة”، “أولاد عروس”، “أم سريحة”، أولاد “أبو سبيل”، “أولاد خميس”، “أم رمادة”، “عبادي”، “كرتولي”، “سعيدو”، “تخين”، “الجبيلات”، “سلومة”، “شريف الزاكي”، “جلاد”، “أم ليونة”، “أولاد بشر”، “الخضر”، “أولاد رقيق”، “أبوعمار”، “شرشار القاعة”، “البان جديد”، “النقارة”، “الزعفاية”، “ام لعوتة”، “أم قنع”، “بانت”، “روقنا”، “أم تكينة” ، “القليت”، و”حلة القوز”، وغيرها من
(الحلال).