أخبار

انحناءة..!!

} هبط طائر الفريق أول “سلفاكير ميارديت” بالخرطوم سعيداً.. وقفت طويلاً أمام مشهد انحناءته للعلم السوداني أثناء مروره في طابور الشرف ولا تنحني الشَّمسُ إلاّ لتبلُغَ قلبَ السماءْ، بدا الأمر يحمل رسالة مؤثرة، وكان المشهد يعيد للأذهان يوم أن أنزل العلم السوداني عن ساريته يوم ميلاد دولة الجنوب بالانفصال حينما طوى علمنا وألقى عليه العقيد “ياسر” (ياور) الرئيس “البشير” التحية ثم قبله، وقد لف بشكل مؤثر لن أنساه ما حييت وقد أحسست يومها بـ”ياسر” يتشظى فيما ينثال الدمع من أعين الحاضرين على شعار ورمز ظل خفاقاً فوق هامات الزمان، وقد قبرت الحرب ملايين الشباب الذين فدوا هذا التراب في تلكم الأنحاء، ولم أن (ينكس) فظل خفاقاً بشواهد قبورهم يتشبث.
} لقد طيّب رئيس جمهورية جنوب السودان بالأمس بعضاً من خواطر الذين أدمت طارئات الأزمات السابقة أفئدتهم، ونزل مخرج الزيارة الكريمة برداً وسلاماً حتى على أشجان الذين فقدوا أحباء لهم في (هجليج) و(تلودي) و(أبو كرشولا)، فنحن شعب يكتمل خلقه وتميزه بهذا التسامح القادر على العبور بالناس والكافة بحور الأحقاد والثارات والإحن. لم يكن قط الشعب السوداني شمالاً وكذلك جنوباً يوماً يحيك في دواخله إثم البغض.. كلا، فنحن دوماً أهل تسامح، وعشيرة ود، ورهط وفاء.
} إن هذا التطور الكبير والانفراج يجب أن يحصن جيداً ضد الذين لا يريدون بالشعبين إلا التحزّب في مقامات الخنادق وحروب الجوار التي ما ألمت بأمة إلا وأفنتها، وهؤلاء لن ينقضي أسبوعهم هذا إلا وقد نشطت آلة حربهم، وطالت وساوس شياطينهم العقول والأيادي، فيشرع موتور وأحمق بتصرف أخرق غرضاً منه أن يرد الخرطوم وجوبا إلى محطة الوقيعة والخديعة والدم، وهؤلاء احذروهم واحذروهم، فقد فعلوها من قبل وسيعيدون الكرة، وهم يدركون حقيقة أنك من الصعب أن تكون طيباً وأحدهم يطلق عليك النار.
} إن ما حدث أمس الأول من اللازم الإشارة فيه إلى المشاركة الإيجابية لقيادات صف المعارضة، حيث حضر أربعتها الكبار وكان لهم سهمهم في التوصيب والإسناد، فالأمر كان أمر وطن ولم يكن قط منشطاً حزبياً ليكون خالصاً للمؤتمر الوطني والحركة الشعبية، ومثل هذه الروح تمنح هذه المعارضة دورها المطلوب والمرجو منها كشريك في الشأن العام والمواقف الكبرى. وقد سعدت والله بتصريحات الشيخ الدكتور “حسن الترابي” الذي ربما لأول مرة منذ سنوات أحسه مغتبطاً لتطور وإنجاز لصالح الحكومة.. وكما قلت قبل أيام، فإن المؤتمر الشعبي حينما يتجلى يكون حزباً محترماً وكبيراً، وهو كذلك وكذا بقية الرموز الممثلة لطيفنا السياسي المعارض، الذين يظلون آخر الأمر ومنتهاه أصحاب حقوق وواجبات هم أعلم بها منا في مثل هذه الظروف، التي آمل أن يمتد أثرها الإيجابي ليخرج بالجميع إلى فسحة من الوقت والقرار بما يعضد سلامة الوطن ومصالح شعبه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية