حوارات

وزير النفط في دولة جنوب السودان "ستيفن ديو داو" في حديث غير مسبوق لـ(المجهر):

 على الرغم من التوصل إلى تفاهمات مشتركة بين دولتي السودان وجنوب السودان في ملف النفط  منذ سبتمبر الماضي تضمن تدفق السائل الأسود من جنوب السودان عبر الأنبوب الناقل في السودان ، بعد التزام جوبا بدفع الرسم المالي المتفق عليه إلاّ أن ملف البترول ظل على الدوام من الملفات المعلقة نتيجة ارتباطه بملفات أخرى أكثر تعقيداً .
( المجهر) استطاعت أن تجلس إلى وتستنطق وزير النفط الجنوبي الذي ظل محتفظاً بمقعده في حكومة “سلفاكير” الجديدة “ستيفن داو” للوقوف على آخر ما توصل إليه الجانبان من اتفاق حول أهم الملفات، شدد “داو” الذي وصل الخرطوم برفقة الرئيس «سلفا كير» في زيارة اليوم الواحد ، على ضرورة أن يظل شريان النفط منساباً بين البلدين. وبدا “داو” أكثر تفاؤلاً بمستقبل البلدين الاقتصادي، نافياً في الوقت ذاته أن تكون بلاده قد قامت بتقديم دعم من أي نوع للحركات المناوئة لحكومة الخرطوم. وأشار “داو” إلى أن إغلاق أنبوب النفط في الفترة السابقة تسبب في فقدان بلاده أكثر من (40%) من الكمية التي تنتجها بلاده، لافتاً إلى أن الجنوب ينتج الآن (190) ألف برميل، متوقعا أن تصل إلى (350) ألف برميل، مشيراً إلى أن احتياطي بلاده من النفط يبلغ (6) مليارات برميل. وقطع “داو” بأن السودان وجنوب السودان قد طويا صفحة الماضي نهائياً، واتفق حالياً الرئيسان أمس  على المُضيِّ قدماً في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

 { السيد الوزير .. لماذا يظل ملف النفط من القضايا الشائكة على الرغم من اتفاق الدولتين على كل البنود التفصيلية الخاصة به ؟
– أمس تم لقاء ثنائي بيني ووزير النفط “عوض الجاز”، وناقشنا كل القضايا المتعلقة باتفاقية النفط ، وكما هو معروف فإن الاتفاقية قطعت شوطاً كبيراً في تنفيذ معظم بنودها. وظلت اتفاقية النفط تتأثر بقضايا أخرى كالحدود  والقضايا الأمنية، ونحن في هذه الزيارة المهمة، واللقاء المشترك بين الرئيسان “سلفاكير” و”البشير” ننتظر البدء في تنشيط التجميد المؤقت الذي لحق بجزء من الاتفاقيات التفصيلية ، وما ناقشناه مع الوزير “عوض الجاز” هو كيفية الاستعداد لما بعد هذه الزيارة لكي ننطلق إلى الأمام في تطور العلاقة بين الوزارات وجعل النفط الجسر الرابط بين شعبي البلدين، لننطلق إلى آفاق أرحب وليس من المستحيل أن يعود البلدان إلى تكامل اقتصادي واجتماعي وثقافي. والنفط يلعب دوراً كبيراً في ذلك باعتباره مورداً مهماً لاقتصاد البلدين، وتوقف انسياب النفط يؤثر على البلدين، وعلاقة البلدين تتأثر سلباً وإيجاباً بتدفق النفط.
{ لكن عودة تدفق نفط جنوب السودان عبر المنشآت السودانية ظل مرتبطاً بأجل زمني محدد تحدده الحكومة السودانية ؟
– نحن متفائلون أن يستمر تدفق النفط دون توقف مرة أخرى، لأنه يخدم مصلحة الشعبين والمواطن في السودان وجنوب السودان. في خطاب الافتتاح استمعنا إلى الالتزام الكبير والمعلن أن ليس هناك خطوة إلى الوراء، وسننطلق إلى الأمام وسنحل القضايا العالقة بالطرق السلمية وبالتواصل دون الحاجة إلى وسيط، وجميع تلك الالتزامات بمثابة مؤشرات أن النفط سيتدفق عبر المنشآت السودانية إلى نهاية الفترة الزمنية التي حددتها اتفاقية التعاون المشتركة في سبتمبر الماضي ولمدة ثلاثة أعوام ونصف العام، ومن بعده لا أعتقد أن الدولتين ستكونان في حاجة إلى تمديد، وستنطلق الدولتان إلى تكامل ولن يتوقف نفط الجنوب من منشآت الشمال إلى أن ينضب .
{ اتفاقية النفط دائماً تتأثر بمدى التزام الدولتين بتنفيذ الاتفاقيات  الأمنية  والسياسية، هل دولة  الجنوب ملتزمة في الوقت الحالي بتنفيذ الشق الأمني من الاتفاقيات لضمان انسياب النفط دون توقف؟
لا يوجد نص في اتفاقية التعاون المشتركة يذكر توقف ضخ النفط في حال لم يتم الالتزام بالاتفاقية الأمنية، كانت هناك اتهامات متبادلة في السابق، جنوب السودان يتهم السودان بدعم المليشيات المناوئة له ، وهناك أدلة يشهد عليها العالم أجمع أن هناك مليشيات موجودة في الأراضي السودانية ودخلت أراضي جنوب السودان مستسلمة بعد أن وصلت إلى قناعة بعدم جدوى الحرب، وهذا كان هذا أكبر دليل، لكن نحن طوينا صفحة الماضي وحالياً الرئيسان اتفقا على المضي قدماً في تنفيذ ما اتفق عليه . ولا أعتقد أن هناك عاقلاً يريد أن يعيش في التوتر واستمرار الحرب لن يجلب شيئاً غير الهدم الخسائر البشرية والمادية . ومن الأفضل للدولتين النظر إلى التعاون الإستراتيجي . وبالنسبة للمشاكل الداخلية لكل دولة مسؤوليتها. الحركات المسلحة في مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق لم تخلقها حكومة جنوب السودان، ومسؤولية حكومة السودان حل مشاكلها الداخلية وليس حكومة جنوب السودان . جنوب السودان دولة جديدة ليست لدينا إمكانيات لدعم وتمويل النشاطات الهدامة، نحن لا نستطيع بناء فصل مدرسي لأطفالنا، فما بالك بأن يكون لدينا مقدرة لشراء أسطول من السيارات لدعم الحرب في دولة أخرى، هذا شيء غير منطقي ولم نقم به، ومع ذلك قبلنا بمقترح الاتحاد الأفريقي بإجراء تحقيقات . هذه الاتهامات جزء من الماضي ولا يخدم مصلحة البلدين اليوم، نحن نتحدث عن أن البلدين أمام فرصة لخلق علاقة إستراتيجية وتكاملية، ويمكن للبلدين أن يكونا نواة لخلق تكامل في الإقليم ككل.
{ ظلت قضية النفط من القضايا العالقة بين الدولتين ما بين إغلاق الأنبوب وفتحه، هل أثر ذلك على الكميات المنتجة؟
– ضخ البترول لم يتوقف صحيح كانت هناك إشارات بأنه يتوقف بعد أسبوعين، لكن ما زلنا نأمل بان لا يتوقف، ونحن فعلاً لم نصل إلى المستوى القياسي في الإنتاج نتيجة هذه العوامل، وبسبب وقف انسياب النفط كان الإنتاج بنسبة (50%) إلى (60%) فقط من جملة  الإنتاج المتوقع . حيث كان جنوب السودان ينتج قبل إغلاق الأنبوب في يناير الماضي (350) ألف برميل يومياً ، أما الآن ينتج فقط (190) ألف برميل من حقول أعالي النيل وولاية الوحدة . وبعد هذه الزيارة، وبعد التأكيد على الالتزام بتنفيذ اتفاقية النفط والاتفاقيات الأخرى بشكل كامل سيتم زيادة الإنتاج وفتح معظم الآبار وسيصل إلى أكثر من (350) ألف برميل في فترة وجيزة، وهذا سينشط الاتفاقيات بين الدولتين ويخلق فرص عمل لكل المواطنين .
{ كم يبلغ عدد الآبار المنتجة للنفط في جنوب السودان الآن ؟
في ولاية الوحدة هناك أكثر من (100) بئر منتجة للنفط من جملة أكثر من (200) بئر ، وفي ولاية أعالي النيل هناك (300) بئر منتجة من جملة (600) بئر، وبعد هذه الزيارة وبعد الاتفاق على سريان البترول ستكتمل الإجراءات الفنية لفتح جميع الآبار، وسيصل الإنتاج إلى أكثر من الكميات التي كانت تنتج قبل إغلاق الأنبوب في يناير 2012 .
{ أعلنت دولة الجنوب أنها بصدد إنشاء خط ناقل للبترول عبر دولة كينيا، هل سيتم الاستغناء عن خط الأنبوب الناقل عبر السودان؟
– مشروع الخط الناقل عبر كينيا موجود، وبالمناسبة دولة جنوب السودان غنية بالاحتياطات النفطية، وإذا تم استغلال جميع النفط الموجود سيصل إنتاج الجنوب إلى أكثر من مليون برميل يومياً ، الأنبوب الناقل عبر السودان يسع إلى (800) ألف برميل للضفة الشرقية من الجبلين بوتسودان والغربية من هجليج إلى بورتسودان أيضاً يسع (800) ألف برميل. وهذا الأمر يحتاج إلى دراسات واتفاقيات مع السودان . وخطة وزارة النفط في دولة الجنوب هي زيادة الإنتاج ، وفي هذه الحالة الأمر يتطلب إما الاتفاق مع دولة السودان لإنشاء خط أضافي ونحن نسمي الخط بـ(الخط الإضافي) ، وهو مقترح يحتاج إلى دراسات واتفاقيات أو الاتفاق مع إحدى الدول المجاورة لإنشاء خط جديد يستوعب الإنتاج الضخم المتوقع من النفط.
{ هل هناك زيادة في رسوم نقل النفط عبر المنشآت السودانية بعد السماح بتدفق نفط  الجنوب مرة أخرى ؟
– اتفاقية النفط حددت الرسوم التي تدفع لحكومة السودان في مقابل البرميل الواحد، وهي رسوم العبور عبارة عن دولار واحد للبرميل ورسوم النقل عبارة عن (8) دولارات ورسوم المعالجة (2) دولار ، بعد ذلك تم إلزام حكومة الجنوب السودان بمساعدة السودان في الفترة الانتقالية بعد أن فقد السودان أكثر من (60%) من موارده بتعويض ما فقد من ميزانية السودان، لذلك نحن ندفع زيادة (15) دولار على كل برميل، إذن نحن ندفع (25) دولار للبرميل الواحد.
{ كم يبلغ احتياطي الجنوب النفطي حسب دراساتكم ؟
– وفق الدراسات المتوفرة لحكومة جنوب السودان يبلغ احتياطي النفط حوالي (6) مليارات  برميل.
{ الشركات العاملة في مجال النفط؟
شركة (توتال) ستبدأ العمل قريباً وهناك شركات أمريكية، كما ستدخل شركة (آكسنموبيل) كبرى الشركات العالمية العاملة في مجال النفط جنوب السودان قريباً وهناك شركات أوربية وآسيوية ستستثمر في مجال النفط أيضاً.
{ بعد انتهاء الفترة الانتقالية الخاصة بنقل البترول عبر السودان والمحددة بثلاثة أعوام ونصف العام هل سيتم تجديد رسم النقل ؟
– بعد ثلاثة أعوام ونصف العام ستتم مراجعة الرسوم، قد يكون وقتها السودان وجد بدائل لتعويض فقدان النفط، وحينها سيكون غير محتاج  للـ(15) دولار، لكن الاتفاقية لن تراجع قبل انقضاء الفترة الانتقالية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية