نوافذ

أنت والصبر .. ضدان

تموت الأحزان لحظة لتولد أخرى أكبر حجماً تقودني نحو حتفي وتشيعني قبل موت تلك الأحزان.
أختار حين كل ابتسامة لوناً غير الذي يسبق اختيار سابقتها؛ حتى لا أفاجأ بموتها على حافة شفتيّ!!
الموت الذي يملأ الطرقات يسخر منّي دائماً لعلمه التام أنني لا أخشاه البتة.
العيون التي تترصد قدومي في الطرقات تحيطني علماً أنني أنثى، ويقسم القدر على لغتي بالغرق.
الغرق الذي استباح رئتيّ ومنحني شرف الموت البطيء، ما لهذه الدنيا كلها تدور ببطء يستحيل عليّ ضبط إيقاعه مع موسيقى الزمن المسرعة.
النشاز الذي يخترق حنجرتي يهدد مسمعي، وأنا بين الأذن والحنجرة أشلاء صوت!!
أموت أنا هنا، والسعادة تحتضر على الجانب الآخر من المدينة، لا أدري ما العلاقة التي تربطنا حتى تكتب لنا الأقدار موتاً واحداً في يوم واحد، لطالما كانت تتجنبني بحياتي كلها، وها هي فجأة تموت معي الآن..
لماذا لم تمنحني ثقتها وتقدم على هذا القلب الذي بنى فيه الأسى داره واستقر؟!
هكذا هي الأشياء!!
وهكذا تعودنا على الحزن حين كل ابتسامة..
تغادرني أنت قبل أن تغادرني الروح بقليل، ورغم أني أقسمت قبل زمن أنك باقٍ ما بقيت الروح، ولكن هذه الروح التي أرّقت مضجعها ومنحتها الألم البطيء غدت لا تريد سوى الرحيل، هي الروح عاقبتني على عقابك لها، وآثرت هجر جسدي، ورحلت بعيداً!!
وأنا راقبتها مثل فراشة ترغب في بقائها مع الرحيق، ولكن الربيع غادر وجاءت الرياح مسرعة، فيا ربيعاً تسلق جدران مدينتي عُد مسرعاً نحو ميقاتك الذي تريد، وارحل من مدينتي إلى الأبد.. فأطفال الوصل هنا نائمون، ولا يحلمون بشيء سوى النوم..
أحتاج أنا لآلاف العقاقير الطبية التي تمنح النوم، وأحتاج إلى كهف آخر غير ذلكم الذي مضى عليه دهر..
أحتاج أنا لمعجزة إلهية لأنساك وأسقطك من ذاكرتي العجوز..
أحتاج أنا إلى وجع أعمق من وجعك لأبكي، لأن الدمع جف على المآقي ولم يعد هنالك ما يكفي من ماء العين..
أحتاجك أنا، ولكني لا أريدك، أقاوم العجز والحزن والألم، أقاوم كل شيء تركتني فيه، ولكني لا أقاوم استرجاع أيامي معك..
التاريخ كله هراء، لذا دعني أعبث به قليلاً علّي أستطيع تغيير مجريات الأحداث، وإلا فعد إلى حيث كنت حلماً يتراءى للعين من ثقب العقل الباطن ليلاً فقط..
والنوم وأنا ضدان
وأنت والصبر ضدان..
وأنا أحب الصبر كلما تعشق أنت النوم حين مصيبة!!
نم يا عزيزي ريثما يأتي القدر.. وأسير نحو مواقع الذكرى أخاطب لهفتي والشوق يعصف بي كعاصفة المطر..
نم، فالمكان هنا غدا خطراً وأنت تود أن تبقى محاطاً بالخطر، لكنني أهواك حتى الموت؛ حتى التقاء الروح بالروح التي ذهبت لرب الناس.!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية