رأي

على الدنيا السلام..!!

بقيت ألاوز من فتح بعض قنوات الإذاعات المرئية وبالتحديد (الجزيرة) و(العربية) و(لندن)، والسبب أن تلك الفضائيات تنقل الحدث مباشرة.. أمس قلت الله يكضب الشينة أشوف أخبار أهلي المصريين وأعرج على السوريين، وأريتني ما فتحت التلفزيون.. صدمتني صور الأطفال وجثثهم، فالمصورون حرصوا على التقاط صور الجثث من قريب حتى بانت تفاصيل التفاصيل، طبعاً في تلك الليلة لم نتناول طعام العشاء وأجهشت زوجتي بالبكاء.. طيب.. المتحاربون معارضة أم حكومة، ألم يشاهدوا تلك الصور؟؟ ما عندهم أطفال؟ ما في قلوبهم رحمة؟ أظن الأمر يحتاج إلى تفسير، بل يحتاج علماء في علم النفس ليحللوا لنا طبيعة النفس البشرية التي وصل بها الحال إلى قتل الأطفال الأبرياء بتلك البشاعة والسهولة.. ويا ربي كيف الحال وأمهات هؤلاء الأطفال؟ لابد أن منهم من مات غماً وحزناً أو أصاب بعضهم الجنون!! وأجد العذر لكل أب أو أم إذا أمسك مدفعاً أو رشاشاً وبدأ يحصد أرواح الناس من طرف، فالدافع لفعلته هذه وفرته الظروف التي فقد فيها فلذات كبده!!
إذن نحن نعيش شريعة الغاب القوي يأكل الضعيف!! أم هي ردة لتلك العصور السحيقة في غابر الزمان التي قرأنا أخبارها في كتب التاريخ كحروب التتار والمغول ونحو ذلك؟ طيب.. هل نلغي كل الأديان السماوية التي أكدت تحريم قتل النفس البشرية إلا بالحق، وآخر تلك الأديان الرسالة الخاتمة التي جاء بها رسولنا ونبينا “محمد بن عبد الله” (صلى الله عليه وسلم).. ولماذا اخترع الإنسان تلك الأسلحة الكيماوية؟ ليقتل بها النفس البشرية؟ طيب عشان شنو؟ والحق عزّ وجلّ خلق لنا الكون لنعمره ونأكل من خيرات الأرض ونمشي في مناكبها وإليه النشور.. وإنه سبحانه خلقنا شعوباً وقبائل لنتعارف ونتعايش وإن أكرمنا عند الله من يتقيه ويخشاه.. يبدو أن إنسان هذا العصر لا يخشى الله، بل أعتقد أنه لا يؤمن به..
مصر بركان يغلي، وسوريا هي الجحيم بعينه، وتونس أحوالها تنبئ بوقوع الكارثة، واليمن حدث ولا حرج، وإيران وتركيا والجزائر وليبيا وأفغانستان، والغريب في الأمر أن معظم شعوب تلك البلدان انتفضوا وصنعوا ما سموه بـ(الربيع العربي).. مصر انتفضت وأجبرت الرئيس السابق “حسني مبارك” بالتنحي، وقال فيه الثوار ما لم يقله “مالك” في الخمر ووصفوه بالطاغية الدكتاتوري الذي حكمهم ثلاثة عقود من الزمان، وزجوا به في السجن هو وأولاده ومن كان معه من وزراء.. وأمس برأت المحكمة الطاغية والدكتاتور “مبارك”.. فهمونا كيف يستقيم هذا الأمر والمنطق البسيط؟؟ وعقب ربيع مصر جرت انتخابات أتت بالدكتور “محمد مرسي” لسدة الحكم في مصر، وقبل أن يستقر في كرسي الحكم ثاروا عليه بحجة أنه مكّن الإخوان المسلمين ليتسلموا مقاليد الأمور.. طيب “مرسي” لم يأت بعد انقلاب، بل أتي بآلية الانتخاب الديمقراطي، و”السيسي” القائد العام يرسم خارطة طريق و”مرسي”، معتقل لينشق أهل مصر إلى كتلتين إحداهما مؤيدة لـ”مرسي” والثانية للفريق “السيسي”، وحظر تجوال وإطلاق نار وإزهاق نأرواح!! برضو بسأل ليه ده كلو؟ والمصيبة الكبرى، الضحية هو المواطن البسيط الذي لا يريد من هذه الفانية سوى الستر واللقمة الحلال، وتربية أولاده ليعمروا الدنيا ويحققوا خلافة الإنسان لله في الأرض، لكن للأسف الشديد هذا الإنسان البسيط يروح في الرجلين وتحصده آلة الحرب بما فيها أسلحة الدمار الشامل، ومنها الكيماوي.. والطريف أن حجة الدول التي تصنع تلك الأسلحة أنها لتوازن القوى حتى لا يبطش القوي بالضعيف!! طيب أين هذا التوازن والقوي يصنع آلة الدمار ليدمر بها الإنسان والدنيا؟! يا حليل أيام التوازن الحقيقي للمعسكرين الرأسمالي والاشتراكي، الذي بانهياره أصبح العالم تحت رحمة قوة أحادية تفعل في الدنيا ما تريد!! والأمم المتحدة يا حسرتي عليها هي الأخرى أصبحت تدار بالريموت كنترول، وأضحت كياناً بلا نفع ولا جدوى.. وبفهمي المتواضع أن السبب الجوهري الذي من أجله أنشئت الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الأخيرة هو أن تكون صمام الأمان الذي يمكّن شعوب الأرض من العيش بسلام، وأنها الكيان الذي ارتضته كل دول العالم ليقيم العدل بين الدول والشعوب، وأنها الآلية التي توقف أية دولة تجبرت عن طغيانها.
يا جماعة الخير المسألة تدعو للحيرة، وتحتاج بحق إلى وقفة تأمل من قبل الإنسانية التي هي أحوج ما تكون للتأمل والتبصر لتدرك أن الأمم المتحدة ليست متحدة، بل هي كيان مسلوب الإرادة، وأن الأمة العربية المسلمة مستهدفة في إسلامها وشعوبها، وأن اقتران الإرهاب بالإسلام أمر مصنوع من الذين لا يريدون الإسلام والمسلم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية