لا لـخيام «السيسي» وطعام أيدٍ ملوثة بدماء الإسلاميين
غرقت مصر في دماء الإسلاميين، وكُتب في صحائف التاريخ فصل آخر من فصول الإرهاب وانتهاك حقوق الأبرياء، وإقصاء الإسلاميين من السلطة، ومحاولة استئصالهم من الوجود بالقتل والسحل الذي تمارسه عصابة من العلمانيين وزمرة من المجرمين سطوا على السلطة في مصر الكنانة في غسق الليل وأحالوها إلى بركة من الدماء، ونشروا العنف في الميادين والساحات، ما أدى إلى تعميق المرارات، وزرع الفتن، وانتهاك كل قيمة إنسانية في الوجود، وتلوث عقول الجماهير بالفجور الحسي والمعنوي حينما تقف أبواق الإعلام العلماني الساقط في امتحان المهنية والأخلاق مع القاتل وتتشفى من المقتول، وترقص الراقصات الكاسيات العاريات على دماء طاهرة أريقت في ميادين القاهرة بعد أن حصل «السيسي» على تطمينات وتشجيع من مشيخات الخليج وأمريكا والاتحاد الأوروبي بلعب دور جديد في التاريخ، بسحل وقتل وإبادة شعب مصر الذي بات مطلوباً (تغييره) بإرادة الغرب والتيار العلماني الموغل في الانحطاط الأخلاقي!!
في يوم مجزرة النهضة ورابعة العدوية بعثت السلطة المصرية التي اغتصبت حقوق شعبها وسطت على مكتسبات الأمة، بعثت للشعب السوداني في محنة السيول والفيضانات بقايا طعام (مأفون) وخيام ثملة حتى تجمّل وجهها الذي يفيض بكل قبح وسوء وسواد، وقد خرجت جموع الطلاب والجالية المصرية في الخرطوم منددة بالإبادة الجماعية التي ارتكبها «السيسي» وزمرته من العسكر المتدثرين بثياب الثورية وما هم إلا عصابة (أمريكية) زرعتها المخابرات في قلب الجيش المصري لممارسة الاغتيالات والتصفيات للشعب المصري وممثليه الشرعيين.. نعم، الشعب السوداني يواجه محنة الفيضانات والسيول، لكنه ليس جائعاً حتى تطعمه أيدٍ ملوثة بدماء إخوان «البلتاجي»، وسجين الضمير «محمد مرسي»، وجموع الصادقين الأطهار الأوفياء الوطنيين ممن أنجبتهم مصر الراكعة لرب العباد لا مصر الراكعة للبيت الأبيض والطائفة في البنتاغون المستغيثة بـ(أشتون).. مصر الكنانة التي خرج من رحمها الولود «سيد قطب» و»العقاد» و»طه عيسى» و»محمد البرادعي» الذي ارتقى مقاماً علياً بسلوكه الإنساني وأخلاقه التي تشبه المصريين وهو يتقدم باستقالته من سلطة تقتل شعبها، وحكومة صنعتها أجهزة المخابرات العالمية لإبادة أبناء مصر بدعوى محاربة الإرهاب.
أصبح مغتصب السلطة، والانقلابي الذي خان الدستور والقسم وشرف الجندية بطلاً في أفواه العلمانيين ممن سطوا قيمياً وأخلاقياً، وتعروا كما ولدتهم أمهاتهم.. السودان يواجه أزمة سيول (نعم) ونقص في الخيام (نعم) وحاجة للدواء (نعم)، لكن الشعب السوداني مع الأحرار الأطهار الشرفاء المظلومين المقهورين السجناء في زنازين «السيسي» والمستشار غير العادل «عدلي منصور» الذي جاءت به إرادة الأقلية لحكم أغلبية الشعب.. السودانيون لن يقولوا شكراً لعصبة «السيسي» وجماعة «عدلي منصور»، فمن يقتل النساء الحرائر ويطأ بأقدامه القذرة على مقدسات الشعوب لا يستحق كلمة شكر، وخيام «عدلي منصور» مرفوضة، وطعام «السيسي» مردود له.. فالسودان لم يجع حتى يطعمه الطغاة الجبابرة، ولا تزال حكومتنا قادرة على إطعام شعبها من الجوع ودرء الحر والبرد بالمرافق الحكومية من مدارس وثكنات عسكرية وإسكان تحت التشييد.. (خذوا) خيامكم لتغطية فضائحكم، وأوقفوا جسر طائراتكم، وانتظروا مصيركم الذي يقرره الشعب المصري الحر في مقبل الأيام والشهور أو السنين، فالطغاة مصيرهم معروف سلفاً، وقد كتب السيسي» و»عدلي منصور» نهايتهما بفعلهما الشنيع بحق الأبرياء.. وإن غداً لناظره قريب!!
شكراً لتركيا الحرة التي وقفت في عين العاصفة، حينما تدثرت كل أوروبا بالصمت وتوارت خلف إدانة خجولة لـ(أشتون) منسق السياسة الخارجية الأوروبية.. قالت «أنقرا» لا لقتل الأبرياء.. ولا للعنف.. ولا لاغتصاب حق الشعب في التعبير.. وكتبت قطر لنفسها (تاريخاً) وهي تدين العنف والسحل والقتل، وترفض إراقة دماء الشعب المصري.. وشكراً لأفريقيا السمراء التي كان لها منذ اليوم الأول لانقلاب «السيسي» موقف بتجميد عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي لارتكاب ثلة من عسكرها جريمة الإطاحة بنظام ديمقراطي شرعي والوثوب إلى كراسي السلطة اغتصاباً، ورفض الاتحاد الأفريقي الرجاءات والنداءات والإغراءات حتى ارتكبت السلطة الجاثمة على صدر مصر جريمة الأربعاء الماضي التي لن يغفرها التاريخ لـ»السيسي» وعصبته من تحالف العلمانيين والمؤسسة العسكرية، وقد دخلت مصر أو أُدخلت قسراً إلى عصر جديد من الفوضى وتبادل العنف، وبات مبرراً للتيارات الإسلامية استخدام كل الوسائل لرد حقها المسلوب، والخزي والعار للتيارات السلفية التي وقفت إلى جانب الجناة ودعت لشنق جثث القتلى من شهداء ميداني النهضة ورابعة العدوية.. يا حسرة على التيارات السلفية التي تمشي وراء سادتها من العلمانيين في مشيخات الخليج!!
{ من يقود السودان نحو ملف إيران؟!
كشفت أزمة السيول والفيضانات التي تعيشها البلاد منذ أسبوعين عن عزلة السودان إقليمياً ودولياً وعربياً، وقد تبدت مظاهر العزلة في عزوف القادة والرؤساء عن مواساة السودان، وبؤس وقلة المساعدات التي وصلت حتى اليوم لبلادنا مقارنة بدول أخرى حاق بها أخف مما أحاق ببلادنا.. وذلك عطفاً على العلاقات المتوترة مع دولة الجنوب التي حاصرت السودان، وشكلت الأزمة بين جوبا والخرطوم القاسم المشترك لأية قضايا يتم تناولها بين وزارة الخارجية وبلدان العالم.. وقد ثبت في لحظة الشدة والمحنة أن الجنوب مهما تباغض معنا ونبذناه من جوانحنا هو أقرب إلينا من حبل الوريد.. وكان الرئيس «سلفا كير ميارديت» سباقاً لمهاتفة الرئيس «البشير» من كل الرؤساء العرب والأفارقة.. ولو كانت جوبا تملك مالاً وخياماً ودواءً لبعثت به للمتضررين من السيول مثلما بعثت أثيوبيا بطائرة خاصة تحمل (1700) خيمة، ثم شعرت مصر «السيسي» بوخز الضمير فأعلنت عن تسيير (5) طائرات محملة بالخيام، فيما تقدمت الحكومة القطرية على الجميع بتقديم (8) طائرات لإغاثة المنكوبين من السيول والفيضانات بولايتي الخرطوم والجزيرة، وربما وصلت مساعدات رمزية من دول عربية أخرى.. لكن الحقيقة (المرة) التي لا تطيق الخارجية الحديث عنها، أن بلادنا الآن في عزلة حقيقية.. لا صديقاً صدوق يصد عنك نائبات الدهر ولا شقيقاً يقتسم معك الحلو والمر.. ومن يمد إلينا حبال الوصل نمد إليه يداً باردة عجفاء!!
وتبدت عزلة السودان يوم أن أصدر مجلس الأمن والسلم الأفريقي قراره الخاص بابتعاث قوة دولية تحت الفصل السابع لتأمين أبيي، ووقفت جميع الدول الأفريقية مع القرار باستثناء الجزائر، وحينما اتخذ مجلس الأمن الدولي قراره (2046) في الثاني من مايو 2012م لم تنهض دولة عضو لمعارضة القرار، وفضلت الصين الانسحاب من الجلسة، وامتنعت روسيا عن التصويت للقرار أو ضده.. ومثلما وجد السودان نفسه وحيداً في مفاوضات نيفاشا التي أفضت لاتفاق 2005م بين حكومة السودان والحركة الشعبية في الوقت الذي كانت فيه الدول الغربية تقف مشجعة لـ»جون قرنق» وحركته وكسبت الحركة بطبيعة الحال الدول الأفريقية، اختار العرب الحياد السلبي، وأصبحت مصر بكل ثقلها القديم مراقباً للمفاوضات مثل بوركينافاسو وغينيا بيساوا.. واتخذ سفراء الدول العربية من منتجع نيفاشا حديقة للسياحة ومتعة البصر وجمال الطبيعة أكثر من دعمهم للسودان.. وما أشبه الليلة بالبارحة.. الآن القاهرة قد اختارت لنفسها دوراً بوليسياً لقمع الحركات الإسلامية ووأد التجارب الديمقراطية التي أفرزتها انتفاضات الشعوب، وتقف مصر «السيسي» مع المعارضة، والحياء وحده دفعها لتقديم خيام و(مشمعات) للمتضررين من السيول.. ولكن أين العلاقة مع دول الخليج و(مفتاحها) الرياض؟! وهل حادث منع عبور طائرة الرئيس السوداني «عمر البشير» للأراضي الإيرانية مجرد من الظلال السياسية؟ نعم، لقد أثبت بيان الطيران المدني السعودي تقصير السلطات السودانية وتحملها أخطاء تعطيل المرور، ولكن هل كانت السعودية ستعطل رحلة لأمير الكويت وهو يعبر أراضيها إلى دولة اليمن، مع أن السلطات في الكويت أو أية دولة أخرى لا تخطئ في حق نفسها كما أخطأت السلطات السودانية ما قبل زيارة «البشير» لإيران؟! وهل يستطيع السودان في واقعه الحالي إقامة علاقات حسنة ودافئة مع دول الخليج العربي والاحتفاظ في ذات الوقت بعلاقة جيدة مع دولة إيران الإسلامية؟! وهل علاقات السودان الخارجية تحكمها العواطف أم المصالح؟؟ وما حجم مصالح السودان مع دول الخليج مجتمعة؟ ومصالح السودان مع دولة إيران؟؟ وجمع دول الخليج في كتلة واحدة هو واقع حال وليس افتراضاً جزافياً، فالخليج تجمعه رابطة دول مجلس التعاون الأقوى من رابطة جامعة الدول العربية ورابطة دول العالم الإسلامي، لأنه تكتل لأثرياء العرب ومترفيهم في الدنيا.. وثمة استحالة في التوفيق بين العرب الخليجيين وإيران.. فإما أن نقف مع إيران ونخسر الدول الخليجية، وإما نكسب الدول الخليجية ولتذهب إيران حيث شاءت!! أو فلتذهب العلاقة معها حيث شاءت معادلات السياسية الإقليمية.. وإذا كان وزير الخارجية «علي كرتي» يعترف جهراً بأن وزارته لا علاقة لها بالسماح للبوارج الإيرانية بالوجود في البحر الأحمر، فما هي الجهة التي منحت البوارج الإيرانية حق الوجود في البحر الأحمر؟؟ وهل الوزارات والأجهزة التي تصنع العلاقات الخارجية متضاربة في مواقفها؟؟ أم على اتفاق؟؟ وبطبيعة الحال فإن وزارتي الدفاع والمالية وجهاز الأمن والمخابرات شركاء أصيلين في تحديد بوصلة السياسة الخارجية، فالمصالح الاقتصادية قد تطغى على المصالح الأمنية والدفاعية، والعكس صحيح، وفي تناغم هذه الأجهزة مصلحة حقيقية للبلاد، لكن ما يحدث الآن من تجاذب لبعض مكونات الدولة لا يحقق مقاصد لدولة راشدة.
ومصالح الدول فوق قناعات حكامها وقادتها، وقد ارتقى زعيم حزب النهضة في تونس مقاماً علياً حينما سعى لأن لا يشغل حزبه نفسه (بصغائر الذنوب) أي أن (النهضة) لن يشغل نفسه بارتداء السابحات لـ(البكيني) أو الحيلولة بين السائحين والسائحات وبين ما لا يحرمه دينهن، وسعى «الغنوشي» للانصراف إلى عمارة الأرض ومصالح التونسيين في السياحة.. وفي السودان تقود بعض الجهات حملات إعلامية لصالح (الشيعة والتشيع)، وتبث أخباراً عن تنامي عدد (الحسينيات) في السودان، وتزعم بعض الأخبار أن السلطات السودانية هي من يصادق على قيام تلك (الحسينيات) حتى تزداد دول الخليج نفوراً من السودان والسودانيين، وحتى قطر التي نباهي بعلاقتنا معها، إذا (خُيرت) من جهة الخليجيين بين مصالحها الخليجية ومصالحها في السودان فإنها مثل الصين التي يعتقد بعض (السُذج) من قادتنا وساستنا أنها ستواجه الولايات المتحدة وتستخدم حق النقض (الفيتو) في حالة محاولة الولايات المتحدة الأمريكية إدانة السودان، مع أن مصالح الصين مع السودان لا تمثل (1%) من مصالحها التجارية مع أمريكا، ورغم ذلك (نغرق) في الأوهام والتخيلات والأماني، وأزمة العلاقة مع دولة جنوب السودان قد أوضحت قدرات الصين في التوفيق بين حليفين لما تجمعها بالدولتين من مصالح نفطية، وكان حرياً بها لعب دور أكثر فاعلية لكنها لم تفعل، وظلت علاقة السودان بدولة الجنوب تشكل عقبة كؤود في طريق تحسين علاقات السودان بالدول الأفريقية والأوروبية، وقد تراجعت العلاقة مع الأوربيين منذ انفصال الجنوب ونشوب حرب المنطقتين، وأصبح قادة التمرد من الفصائل المسلحة يشكلون وجوداً في أوروبا والولايات المتحدة وأفريقيا أكثر من الدبلوماسية السودانية (المقيدة) بالإمكانيات المالية الشحيحة، وتضارب المواقف وسياسات العلاقات المتناقضة.. ودولة مثل يوغندا تحتضن قادة التمرد وتمنحهم جوازات سفر، ويوغندا نفسها كانت الدولة الوحيدة التي لعبت في استاد كادوقلي وساهمت في إنجاح دورة (سيكافا) الأخيرة بحضور فريق (الاكسبريس)، وقد عاد ذات الفريق في رمضان وساهم في إنجاح دورة فريق (الخرطوم الوطني) حينما تخاذل المصريون عن الحضور، فكيف تكون العلاقة (رطبة) مع يوغندا رياضياً وسيئة سياسياً؟! إن سياسة السودان الخارجية باتت في حاجة لمراجعة كلية، قبل أن يذهب «كرتي» ويأتي بروفيسور «إبراهيم غندور» كما يتردد في دهاليز وأروقة المؤتمر الوطني الحاكم.