تحقيقات

أهالي (رورو الفونج).. من ينصفهم؟!

هكذا ربما بدت الصورة قاتمة والمصير مجهولاً حال فتح ملف أهالي (رورو الفونج) بعدما فقدوا جل أراضيهم منذ العام 1982م عندما انتزعها منهم “النميري” ومنحها لشركات وأفراد.. وحينها كان مصير من يحتج الجلد والسجن! ومنذ ذلك الحين حال وأوضاع أهالي المنطقة تتدهور يوماً بعد يوم بعدما فقدوا مصدر رزقهم الوحيد، تلك الأرض التي قدرت مساحتها بنحو (158.000) فدان كانوا يمارسون عليها الزراعة حرفتهم الوحيدة، بجانب (طق) الصمغ.. خطابات التظلم التي دفعوا بها إلى جهات الاختصاص لم تُجدِ، ما دفعهم إلى الاستنجاد بناظر عموم قبائل المنطقة إلا أنه هو الآخر لم يحرك ساكناً، ومنذ ذلك الحين وحال أهالي المنطقة يغني عن السؤال.  
“عبد الرحمن آدم نمير” وكيل أهالي المنطقة، أكد أن أراضيهم التي انتزعت منهم البالغة (158.000) فدان يرجع  تاريخ انتزاعها إلى العام 1982م، منذ عهد الرئيس الأسبق “جعفر نميري”، وحينها تم منح الشركة العربية للإنماء الزراعي مساحة (110.000) فدان، ومنح بعض التجار (48.000) فدان رغم أنهم ليسوا من أهالي المنطقة. وأشار “نمير” في حديثه لـ(المجهر) إلى أن الأهالي تقدموا العام الماضي بطلب إلى حكومة الولاية لمنحهم أراضي يمارسون عليها الزراعة إلا أن حكومة الولاية لم ترد على طلبهم إلى تاريخه. وقال إن وزارة الزراعة الاتحادية منحت حكومة ولاية النيل الأزرق هذا العام (50) مشروعاً في مساحة قدرت بنحو (100.000) فدان للزراعة، مطالباً السلطات بالنيل الأزرق بمنحهم ما يساعد في سد حاجتهم من لقمة العيش، مشيراً إلى أن الزراعة هي حرفتهم التي لا يعرفون غيرها.
     وقال وكيل أهالي المنطقة لـ(المجهر) إن الشركة العربية للإنماء الزراعي نفذت أعمال ردميات من منطقة (أقدي) تبعد عن (رورو) بنحو (30) كيلومتراً ما جعل أمر حركة وتنقل أهالي المنطقة في فصل الخريف صعباً للغاية، وأبان أن تلك المشاكل تم وضعها أمام ناظر عموم قبائل النيل الأزرق (المك يوسف) إلا أنه نصحهم بمراجعة السلطات المختصة لحسم الأمر.
العمدة “حسن إدريس” قال في حديثه لـ(المجهر) إنهم طالبوا في مذكرة دفعوا بها إلى جهات الاختصاص مرفقة مع توكيل قانوني للأهالي ومساحة المشاريع إلى الجهات المسؤولة، مطالبين باسترجاع الأراضي أو منحهم بديلاً مناسباً، بالإضافة إلى التعويض من تاريخ النزع إلى لحظته، والاتفاق على نسبة معينة حال وجود جهة مستثمرة بجانب مطالبتهم بمشاريع يمارسون عليها الزراعة خلال الموسم الحالي حال عدم التمكن من حل قضيتهم خلال الموسم الجاري. وأشار العمدة “إدريس” إلى أن الأراضي التي تم نزعها منهم هي أراضي أجدادهم وحيازات قديمة ترجع إلى ثلاثينيات القرن الماضي، وفي الستينيات كانوا يمارسون عليها طق الهشاب، وكان هو مصدر الأموال التي يعيشون عليها ويقتاتون منها، وقال إن “النميري” نزع منهم تلك المشاريع المقدرة بنحو (220) مشروعاً وتم منحها لآخرين من بينهم تجار من خارج المنطقة بهدف الاستثمار، مطالباً بتعويض أصحاب الحيازات القديمة.
وبتاريخ 27/2/2012م خاطب الأهالي والي النيل الأزرق  شارحين الضرر الذي وقع عليهم عقب نزع أراضيهم التي تقع في حرم سكنهم دون اعتبار لوجودهم التاريخي بالمنطقة، مشيرين إلى أن ممارسة الزراعة هي حرفتهم الوحيدة التي يعتمدون عليها، وجاء في نص الخطاب: (سبق وأن تقدمنا بعدة تظلمات منذ بداية العام 1986م ضد الشركة العربية للإنماء الزراعي وبعض الأفراد ولم يتم إنصافنا)، وأرسلت صورة من الخطاب الممهور بتوقيع كل من العمدة “حسن إدريس” والشيخ “آدم بابكر” وآخرين إلى المك “يوسف حسن عدلان” ناظر عموم قبائل المنطقة، الذي أشاد بالعمدة “حسن إدريس” لمواقفه الداعمة لأهالي المنطقة.
وطالب أهالي (رورو) بتاريخ 10/1/2009م برد حقوقهم في مذكرة دفعوا بها إلى معتمد محلية (التضامن)، وأشاروا إلى أنهم كانوا قبل نزع أراضيهم يمارسون (طق) الهشاب بجانب الزراعة التي هي حرفتهم الوحيدة، وأكدوا أن الشركات والمستثمرين لم يقدموا أية خدمات لأهالي المنطقة، وبعثوا بصورة من الخطاب إلى  والي النيل الأزرق ووزير الزراعة بالولاية ووزير الحكم المحلي بالنيل الأزرق والمك “عدلان”.  
جهود عديدة قادها أهالي المنطقة لاسترداد حقهم الذي سُلب منهم عنوة، فقد بعثوا بشكوى معنونة إلى السيد وزير الزراعة بالنيل الأزرق في أكتوبر من العام 1995م مطالبين فيها بفتح المسارات التي تم إغلاقها بواسطة الشركة العربية للإنماء الزراعي داخل غابات الهشاب التي يمارسون عليها (طق الصمغ)، وبدوره بعث مكتب المدير العام بوزارة الزراعة والثروة الحيوانية بتاريخ 5/10/1995م بخطاب إلى الشركة العربية للزراعة بالنيل الأزرق حول حجز الغابات داخل المسارات، مطالباً بوقف الاستشمار داخل المسارات المشار إليها.
   مساعٍ عديدة قادها أبناء المنطقة خلال العامين الماضيين لاسترداد أراضيهم أو تعويضها، تمثلت في اللجوء إلى السلطات العليا بولاية النيل الأزرق.. وما زالوا في انتظار رد شافٍ وقرار ينصفهم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية