الديوان

من "أبو العلا" إلى "صلاح إدريس".. رجال أعمال مبدعون.. (ركاب سرجين ما وقيع)

رجال المال والأعمال في بلادنا كُثر، حيث قدم كلٌ في مجاله لهذه البلاد وأهلها الكثير إن كان ذلك من خلال دعم الاقتصاد الوطني أو اسهاماتهم الواسعة في مناحي الحياة بأوجهها المختلفة من عائدات شركاتهم ومصانعهم ومزارعهم ومؤسساتهم دفعاً لتطورها، ومن المجالات التي أسهم فيها بعض من هؤلاء الرجال الثقافة والآداب والفنون، حيث اهتم أصحاب الموهبة منهم برفد وجدان الشعب بكم وافر ومقدر من الموروث الثقافي والفني الذي أثرى المكتبة المقروءة والمسموعة والمرئية بانتاجهم الثر.

“آل أبو العلا” وسروج الاقتصاد والأدب والفن
 لم يقتصر نشاط هؤلاء على القروض وتداول المال، إنما قرضوا الشعر وتداولوا المقفى والموزون من الكلمات، وسطروا الأحرف والأغنيات الشجيات التي تمايل معها الجميع طرباً. المثل السوداني الدارج يقول (ركاب سرجين وقيع) ولكن هناك بعض رجال الأعمال ركبوا سروجاً عديدة وليس سرجاً واحداً، فقد أسرجوا خيول الشعر واللحن والأدب وأثروا وجدان الناس يأتي في مقدمتهم الشاعر “حسن عوض أبو العلا” من أسرة (أبو العلا) المعروفة بالمال والأعمال، حيث بدأ كتابة الشعر بعد أن أكمل دراسته الثانوية بمصر، حينما كان في انتظار ظهور النتائج لمعرفة مكان قبوله للمرحلة الجامعية بـ(مصر) أو (إنجلترا).
فكانت أولى محاولاته الشعرية قصيدة (سفري) التي غناها عميد الفن السوداني “أحمد المصطفى”، والتي حكى من خلالها ما صار إليه حاله، مثلما كانت أغنياته الأخرى، (غرام قلبين)، و(وين يا ناس حبيب الروح)، و(قربو يحنن) و(ولى المساء) و(لاحت بشائر العيد) و(أنا الوحيد حيران) و(أيام وليالي) و(حرام يا زازا)، قبل أن يخبو صوته برحيله عن الدنيا الفانية  في أوائل الستينيات، وكانت أغنية (سفري السبب لي أزايا) من الأغنيات العاصفة التي أبكت الناس، فاضطرت الإذاعة إلى وقفها عن البث لمدة عام كامل، ريثما يتقبلها الناس بما فيها من ألم ومأساة.

“صلاح إدريس” وتعدد المواهب
وعرف الجميع رجل الأعمال “صلاح أحمد إدريس” الأرباب رجل الأعمال الشاعر ككاتب صحفي وملحن وإداري، واشترى غير الصحف (قناة قوون) الفضائية التي يديرها صديقه الشاعر “أزهري محمد علي”، ومعلوم أن “صلاح إدريس” خلق علاقات وصداقات واسعة مع رموز الشعر والفن والرياضة، وأسهم في عودة العديد من الطيور المهاجرة على رأسهم الشاعر الكبير “اسحق الحلنقي” والفنان “سيف الجامعة” على سبيل المثال لا الحصر، وشكَّل “صلاح إدريس” ثنائياً مميزاً مع الفنان “حسين شندي” الذي هو الآخر له صلات بعالم (البزنس) من خلال أعماله التجارية وانتجا معاً عدداً من الأغاني الأثرة مثل (ضحتك) و(يا راقي إحساسك) وغيرهما، كذلك غنى الفنان الكبير “حمد الريح” من ألحان “صلاح” أو “علي أحمد” الاسم الفني الذي كان يكتبه “صلاح” متخفياً حتى لا يكون الحكم عليه من زاوية رجل الأعمال لا المبدع، وكذلك غنى لـ”صلاح إدريس” الفنان “عادل مسلم” و”جمال فرفور” و”سميرة دنيا” و”آمال النور” وغيرهم من الفنانين.

 تاجوج “الفاتح حمدتو” مع “نادر خضر”
 ومن رجال الأعمال الذين أسهموا في عالم الإبداع وسلكوا طريق الآداب والفنون رجل الأعمال “الفاتح حمدتو” صهر الزعيم الراحل “إسماعيل الأزهري”، ظهر”حمدتو” كشاعر مجيد وبرع في كتابة الشعر الغنائي، وشكَّل ثنائية فنية مع الفنان الراحل المقيم “نادر خضر”، حيث قدم له العديد من الأعمال التي أصبحت فيما بعد من الروائع الغنائية الخاصة المحببة لدى جمهور “نادر” أشهرها (لميس) و(تاجوج)،
كما غنى له العديد من المطربين الشباب، ويشغل “الفاتح حمدتو” حالياً منصب الأمين العام للاتحاد القومي للأدباء والكتاب السودانيين، وعرف في سوق الأعمال بتخصصه في تجارة الدهانات (البوهيات). كما اقتحم الفنان التشكيلي المعروف “عبد الوهاب الدرديري” المدير الأسبق لتلفزيون ولاية الخرطوم عالم المال والأعمال، حيث اتجه أخيراً لتأسيس مجموعة أعمال تجارية في مجال المقاولات وأصبح الوكيل الحصري لدهانات (جوتن) العالمية.

“الكاردينال” وثنائية النغم (والعمم) مع “ترباس”
وجمعت ثنائية رجل الأعمال “أشرف سيد أحمد الحسين” (الكاردينال) مع الفنان “كمال ترباس” النغم و(العمم) الكاردينال، وكانت إضافة لهما الملحن والشاعر الدكتور “الكوباني”، كانت نتاج هذه الشراكة أغنيات موسومة تقف على رأسها (زول بريدك زي مافي)، و”الكاردينال” اجتهد في صنع إمبراطوريته المالية التي تتمدد في القرن الإفريقي من أثيوبيا إلى دولة الجنوب، وله علاقات وطيدة بأهل الفن والإعلام.
“عبد الله البشير” مدد مالي وشعري
وأيضاً هناك صاحب الأعمال والمال الشاعر “عبد الله البشير محمد جبريل” الذي كتب نصوصاً شعرية رائعة، وجدت صدى طيباً وسط محبي الشعر الغنائي، غنى له “ترباس” قصيدة (مدد) التي رفعت كثيراً من أسهمه، وآخر الأعمال الإبداعية لـ”عبد الله البشير” هي الأغنية التي غناها الفنان “الطيب مدثر”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية