تقارير

تبرأ منها «الصادق» وأكدتها المعارضة : خطة المائة يوم.. (طبخة) لم يتذوقها الإمام..!!

هل الأمة القومي حزب معارض للنظام أم مهادن؟ وما علاقة الحزب بتحالف المعارضة؟ هذا السؤال ظل يطرحه الناس كلما أعلن تحالف المعارضة عن خطة جديدة لإسقاط النظام وسارع رئيس حزب الأمة القومي لتوضيح علاقته بما تم إعلانه. وسبب الطرح يعود إلى المواقف المتباينة التي يتخذها الحزب حيال ما يطرحه التحالف.. والسؤال المشروع: لماذا يبادر حزب الأمة بمثل هكذا مواقف؟
بالعودة إلى علاقة حزب الأمة بأحزاب التحالف، نجد أن هناك اختلافات أساسية بين بعض قيادات أحزابه ورئيس حزب الأمة تحديداً، ومرارات تاريخية بين بعضهم والإمام، فالعلاقة بينه وبين “الترابي” ظلت قائمة على التنافس.. وبينه وبين “فاروق أبو عيسى” كثيراً ما تصطدم بحاجز المرارت التاريخية التي بدأت منذ حادثة ضرب الجزيرة أبا، وحينها كان “فاروق” ضمن أعضاء الحزب الشيوعي، ويبدو أن “الصادق” لم يستطع تجاوزها، ولهذا السبب سبق أن طالب بهيكلة التحالف كما قيل، واستمر في تقديم النقد لهذا الجسم حتى وصل مرحلة وصف بعض أحزابه بـ(الطرور) وقابل بعضهم هذا الحديث بامتعاض شديد، فيما طالب حزب البعث وقتها بمحاسبة “المهدي” على هذه التصريحات، لكن هذا لم يتم، لأن بعض قيادات التحالف حاولت لملمة الخلافات والمضي قدماً، كما أن بعضها كان يريد الحفاظ على حزب الأمة حتى يظل في منظومة الأحزاب المعارضة. وهؤلاء فعلوا ذلك، لأنه ما زال في ذاكرتهم موضوع هيكلة التجمع الوطني في وقت سابق الذي أدى إلى (فرتقته) وعودة حزب الأمة إلى الداخل، ولا يريدون أن يتكرر هذا السيناريو مرة أخرى.. كذلك عندما تمت إعادة تكوين التحالف مرة أخرى في 2005م وضم بعض عضوية التجمع المشاركين في البرلمان، وبدأ قوياً، وعندما تقرّب حزب الأمة من النظام مات هذا الجسم، والآن هناك بعض قيادات في التحالف لديها هاجس من حدوث تقارب بين حزب الأمة القومي والنظام، خاصة على ضوء ما يثار حول وجود علاقة بينهما جعلت البعض يتحدث عن حوار تقوده شخصية نافذة في السلطة مع “الصادق المهدي” هذه الأيام بغرض المشاركة.
ما يحدث من صراع بين التحالف المعارض وحزب الأمة القومي، يعدّه بعض المراقبين شكلياً، خاصة فيما يتعلق بالاختلاف حول وسيلة إسقاط النظام، التي يتمسك فيها حزب الأمة بمسألة التغيير بينما يتمسك الآخرون بوسيلة الإسقاط.. مع ذلك قد تكون هناك نقطة خلاف جوهرية بينهما تتعلق برغبة الإمام “الصادق” في إعادة هيكلة التحالف.. لكن في ذات الوقت، هناك من يعتقد أن ما يبرز من صراع بين التحالف وحزب الأمة القومي ليس بعيداً عن صراع داخلي يتم داخل الحزب نفسه، ومن ثم تصل إفرازاته إلى جسم التحالف، ودللوا على ذلك بما فعله الأمين العام لحزب الأمة عندما أجرى تغييراً هيكلياً في أمانة الحزب العامة استبعد بموجبه دكتور “مريم الصادق” التي كانت تعمل كأمين للاتصال التنظيمي من عمل المعارضة، ودفع بالأستاذ “عبد الجليل الباشا” العائد إلى الحزب بعد تفكيك “مبارك الفاضل” لحزبه.. والآن قيل إن هناك معارك يتم افتعالها من قبل الممسكين بالحزب حتى تثبت دكتور “مريم” للتحالف أن إبعادها ليس من مصلحته ولابد من الالتزام بمسألة الهيكلة، ولهذا السبب تبدو مواقف الأمين العام دكتور “إبراهيم الأمين” وأمين الاتصال التنظيمي “عبد الجليل الباشا” في بعض الأحيان متقاطعة مع مواقف رئيس الحزب “الصادق المهدي”.. ومع ذلك هناك قيادات في حزب الأمة القومي تنسق مع التحالف، ووضح ذلك في موقف الحزب حول قرار التحالف الأخير الخاص بخطة (100 يوم).. ففي الوقت الذي أوضح فيه الإمام عدم وجود علاقة بين هذه الخطة وحزبه، أكد الأمين العام للحزب “إبراهيم الأمين” مشاركتهم في خطة التعبئة عبر ممثلهم “عبد الجليل الباشا”، لكن حينما سألنا الأمين العام دكتور “إبراهيم الأمين” عن هذا التضارب بينهما قال إن الإجماع الوطني مؤسسة يسعى فيها الناس إلى جمع الصف المعارض للوصول إلى حل سلمي، ونحن كحزب معارض نشارك في الاجتماعات التي ترتب لخطة التعبئة والتخطيط، وحزب الأمة مع استخدام الوسائل كافة ما عدا العنف، وأشار إلى عدم وجود تضارب، وأكد أن ما ذكره “الصادق” هو عدم سماعه بمسألة تحديد (مائة يوم) لإسقاط النظام، وهم أنفسهم عادوا وقالوا إنهم قصدوا (مائة يوم) للتعبئة، وليس المدة المحددة لإسقاط النظام.
رغم هذه التوضيحات، إلا أن أحزاب التحالف ربما أرادت إحراج حزب الأمة، لذلك كشفت عن أن خطة الـ(100 يوم) للتغيير التي تبرأ منها “الصادق المهدي” طبخت في دار حزب الأمة القومي وكان لاعبا أساسياً فيها، وقبل ذلك حينما وقع ممثلو التحالف على ميثاق (الفجر الجديد) وتم التراجع عن بعض بنوده وظل الصحفيون يسألون عن هذا الميثاق، قال “الترابي”: (أسالوا منه الصادق) أو هكذا روى أحد الصحفيين.. حديث الطبخة الأخير لم يدهش الناس الذين ظلوا يصفون مواقف “الصادق المهدي” بالغامضة على ضوء ما ظل يتخذه من سياسات، أحياناً تجعله قريباً من السلطة الحاكمة وفي أحايين أخرى تجعله من أشرس المعارضين.. والآن من اطلعوا على ميثاقه الأخير أكدوا عدم وجود فرق بينه وخطة الـ(100 يوم)، لكن ربما أراد “الصادق” أن يكون حزبه ممسكاً بخيوط العمل المعارض وليس تابعاً لأحزاب يختلف ويتفق معها..
وفي ذات الوقت يبدو أن هناك خطة للسيطرة على الحكومة والمعارضة من قبل حزب الأمة القومي.. ففي الوقت الذي يظهر فيه حزب الأمة للناس كأنه مشدود الأطراف حيث يجره “عبد الرحمن الصادق” و”صديق إسماعيل” نحو الحوار مع السلطة ويحاولان تخفيف صدمات المعارضة على النظام، تخطط دكتورة “مريم” مع التحالف المعارض وتحاول الإمساك بخيوط العمل المعارض، وبالجبهة الثورية يوجد “نصر الدين الهادي”..
على ضوء ذلك.. هل يلعب حزب الأمة القومي على كل الحبال أم أن هناك خلافات حقيقية بينه وتحالف المعارضة؟؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية