تقارير

الموافقة على مقترحات «أمبيكي».. هل حققت «الـخرطوم» أغراضها..؟!

 على الرغم من تجاهل الحكومة للآلية الأفريقية رفيعة المستوى لدى اتخاذ مؤسسة الرئاسة قرار تجميد تنفيذ اتفاقية التعاون المشترك مع حكومة الجنوب، أعلنت الخرطوم أمس موافقتها رسمياً على مقترح رئيس الآلية “ثامبو أمبيكي” الذي عكف على صياغة مقترحاته التوافقية منذ أن أبلغته الحكومة عشية اتخاذها القرار القاضي بوقف تنفيذ اتفاق التعاون مع جوبا عبر مبعوث شخصي من الرئيس “البشير” ممثلاً في وزير الخارجية “علي كرتي”.
وعلى ما يبدو فإن رسالة التهديد التي أرسلتها الخرطوم إلى الجار الجنوبي قد أتت أكلها سريعاً، لا سيما وأنها كانت مفاجئة للأوساط الجنوبية التي لم تتحسب لقرار وقف ضخ النفط الذي يمثل عصب الاقتصاد في الدولة الوليدة، لذا جاءت الاستجابة الفورية لمقترحات “أمبيكي” التي ركز فيها على تحديد المنطقة منزوعة السلاح بصورة واضحة وفورية، إذ قررت الآلية أن تبدأ هذه العملية يوم غد (الثلاثاء) وتستمر لمدة ستة أسابيع. وهي عملية من شأنها تأمين انسحاب قوات جنوب السودان من المناطق السودانية التي ما زالت تحتلها بشكل كامل لا سيما بعد أن كلفت الآلية الأفريقية فريقاً استشارياً لتحديد خط (الصفر) للمنطقة الآمنة منزوعة السلاح على الأرض، وذلك بالاعتماد على الإحداثيات الواردة في الخارطة التي دفعت بها الآلية رفيعة المستوى للطرفين، وحددت الآلية كذلك أهمية أن يشارك في الفريق الاستشاري ممثلون للبعثة المشتركة للمراقبة والتحقق الخاصة بالحدود. كما ستعقد الآلية الأفريقية رفيعة المستوى اجتماعاً للجنة السياسية الأمنية المشتركة لإبلاغها بنتائج عملها.. وفي هذه الأثناء فإن على الطرفين عمل كل ما يمكنهما لتنفيذ الاتفاقيات الخاصة بالمنطقة الآمنة منزوعة السلاح.
ويذكر أن اتفاقية الترتيبات الأمنية التي صادق عليها الطرفان في وقت سابق اعتمدت خط (1 /1 /1956م) لتحديد المنطقة منزوعة السلاح ليكون هو خط (الصفر) الفاصل بين الدولتين، فيما تم استثناء في منطقة (14 ميل)، إذ سيكون خط (الصفر) شمالاً البحر وجنوباً منطقة (14 ميل)، بمعني أن تكون (14 ميل) كلها خط صفر متصلة. أما بالنسبة للمناطق الخمس المتنازع حولها، فإنه وبعد معالجة الفصل في المناطق المتنازع عليها ستتم المعالجة وتحديد خط (الصفر) بشكل نهائي.
وكان واضحاً، ومنذ إعلان الحكومة أن إغلاق أنبوب النفط سيتم خلال (60) يوماً من تاريخ اتخاذ القرار لأسباب فنية، أنها تعطي الفرصة لحكومة الجنوب لإيقاف تقديم الدعم للحركات المتمردة وإبداء حسن النية للحكومة السودانية. وحتى لا تراوغ جوبا فإن لجنة “أمبيكي” شدّدت أيضاً على تكليف مفوضية الاتحاد الأفريقي ورئيس الإيقاد (رئيس وزراء أثيوبيا) باتخاذ الخطوات اللازمة للتأكد من حقيقة مزاعم الدعم والإيواء للمتمردين المسلحين من قبل أي طرف للآخر، على أن تقدم كل حكومة المعلومات اللازمة في هذا الصدد للآلية رفيعة المستوى بتاريخ أقصاه 20 يونيو الجاري، وستتعامل مفوضية الاتحاد الأفريقي ورئيس الإيقاد مع المعلومات التي يقدمها الطرفان على وجه السرعة، وتشرك الطرفين في ما تتوصل إليه من نتائج بتاريخ لا يتجاوز 25 يوليو 2013م.
وبدا لافتاً أن الآجال الزمنية التي ضمنها “أمبيكي” في مقترحه لا تتعدى شهر يونيو الحالي. فيما ترك للجان مفوضية الاتحاد الأفريقي التحقق من صحة المعلومات التي يوردها الطرفان وتشركهما فيما تم التوصل إليه من مخرجات في تاريخ لا يتجاوز الـ25 من يوليو. وهو ربما الشيء الذي دفع الحكومة للقبول بمقترحات “أمبيكي”، حيث أوضحت وزارة الخارجية مقترحات الآلية الأفريقية رفيعة المستوى وقال المتحدث باسم الوزارة “أبو بكر الصديق” في تصريحات صحفية: (إن المواقيت المحددة في المقترحات تقع في نطاق فترة الـ60 يوماً المحددة لوقف مرور بترول جنوب السودان عبر الأراضي السودانية).
ولم يفت على الآلية الأفريقية أن تطلب من الدولتين العمل معاً لنبذ وإنهاء التمرد المسلح ضد الحكومتين، وأيضاً التوقف عن التعاون مع أي بلد آخر لدعم حركات التمرد ومساعي إسقاط حكومتي البلدين.
وتأتي مقترحات “أمبيكي” بمثابة بث الروح في اتفاقية التعاون التي توافق عليها الطرفان في سبتمبر من العام الماضي، بينما يرى محللون أن موافقة الحكومة على مقترحات “أمبيكي” تجيء لتأكيد احترام الحكومة للاتفاقيات التي تتبناها منظمات إقليمية داخل القارة الأفريقية ممثلة في الاتحاد الأفريقي، وربما تريد أن تخرج من أزمة نقضها لاتفاقية دولية، وتحاشيها لضغوط دولية بدا أفضل من الإدانات التي أصدرها المجتمع الدولي والمنظمة الأممية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية