في بلاط صاحبة الجلالة.. تزايد المخاوف من تهديد الصحفيين في اليوم العالمي لحرية الصحافة
يحتفل العالم اليوم (الجمعة) باليوم العالمي لحرية الصحافة بغرض تعريف الجماهير بانتهاكات حق الحرية في التعبير، وكذلك كمناسبة لتذكيرهم بالعديد من الصحافيين الشجعان الذين آثروا الموت أو السجن في سبيل تزويدهم بالأخبار اليومية. لكن في ذات الوقت يختلف العالم في الاتفاق على تعريف دقيق لمفهوم الحرية، نتيجة الاختلاف بين المدارس والمفاهيم التي تحكم الجماعات المختلفة أو التي يعتنقها الفرد.
{ مناسبة عالمية
صدرت العديد من التقارير التي تحدثت عن حرية الصحافة في العديد من بلدان العالم، حيث حظيت بلدان الربيع العربي (مصر، تونس وليبيا) بالاهتمام الأكبر في التقارير العالمية التي رصدت حريات الصحافة، وقال تقرير منظمة (فريدوم هاوس) حول حرية الصحافة في العالم إن تحسناً في حرية الصحافة حدث في تونس وليبيا، فيما تراجعت في مصر، وذكر أن حرية الصحافة تراجعت في البحرين والكويت والإمارات وكذلك في إسرائيل، بينما سُجل تحسن طفيف في أفغانستان، وتحسن تصنيف منطقة آسيا والمحيط الهادئ في حرية الصحافة لعام 2012م، رغم ملاحظة بعض التراجع في عدة دول من بينها تايلاند، بينما ظل مستوى حرية الإعلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأسوأ في العالم، حسب ما ذكرته منظمة (فريدوم هاوس) في مسحها السنوي نقلاً عن وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
ويقول الأستاذ “فيصل محمد صالح” في ندوة حول الحريات الصحفية نُظمت أمس، إن العالم كرّم القارة الأفريقية بأن اختار يوماً للاحتفال بحرية الصحافة، كمناسبة جلس فيها عدد من الصحفيين الأفارقة ووضعوا ميثاقاً في ناميبيا في العام 1991م، اعتمدته الأمم المتحدة لاحقاً، وأصبح يوماً للاحتفال العالمي بالمناسبة. ويرى “فيصل” أن السودان من الدول المتقدمة على الكثير من دول المنطقة في تاريخ دخول الصحافة، بينما يسجل أرقاماً متأخرة جداً على المستوى الإقليمي والدولي في الحريات الصحفية، التي تحددها عدة معايير، من بينها مدى حرية الحصول على المعلومات وتداولها، وحرية الحصول على الترخيص للصحف، ومدى اعتقال الصحفيين من عدمه، ودرجات القمع التي تمارس على الصحفيين. وطالب “فيصل” المؤسسات الصحفية بالتوافق على مبادئ عامة وثوابت لضمان الحفاظ على الحريات الصحفية، وقال إن البيئة التي يعيشها الوسط الصحفي بأفراده ومؤسساته لا تخدم الحفاظ على الحريات الصحفية، ويؤكد أن حرية الصحافة في العالم لا تحكمها درجة التقدم الاقتصادي أو غيرها، وإنما الإرادة السياسية والحركة النشطة للصحفيين، واستدل بدولة ناميبيا التي احتلت مراتب متقدمة في التقارير العالمية لحرية الصحافة متقدمة على أمريكا وكندا.
وفي اتجاه آخر، يرى أمين الحريات الصحفية بالاتحاد العام للصحفيين السودانيين السابق، ورئيس المنظمة السودانية للحريات الصحفية “مكي المغربي” في حديث لـ(المجهر)، يرى أن توجُّه الحكومة ودعوتها الإيجابية للحوار الوطني والتوافق على الدستور الدائم مع المعارضة السياسية السودانية، يوجب توفر مناخ مناسب للصحافة لتؤدي واجبها في ذلك، وقال إن رفع أشكال القيود كافة عن الصحف أصبح واجباً مهماً على الأنظمة الوفاء به، وقال إن حرية الصحافة في السودان لا تتناسب مع مستوى الوعي السياسي السوداني، ولا مع الحنكة السياسية للذين يديرون دفة الحكم في البلاد.
{ حديث التقارير
التقارير العالمية ذكرت العديد من الملاحظات على الحريات الصحفية، حيث قال التقرير السنوي حول حرية الصحافة العالمية للمنظمة المستقلة، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، الذي نشر أمس (الخميس)، قال إن دولتين من دول الربيع العربي وهما ليبيا وتونس احتفظتا بمكاسبهما الكبيرة مقارنة بالعام السابق، بينما تراجعت مصر إلى فئة غير الحرة، وذهب التقرير إلى أن شبه الجزيرة العربية، شهدت تراجعاً في البحرين والكويت والإمارات. أما إسرائيل، وهي تتميز عن المنطقة بسبب صحافتها الحرة تقليدياً وصحافتها المتنوعة، فقد واجهت رغم ذلك عدة تحديات خلال 2012م، لتتراجع إلى (فئة) حرة جزئياً.
وقال رئيس المنظمة “ديفيد كرامر”، إنه وبعد عامين من انتفاضات الشرق الأوسط، ما زلنا نرى جهوداً متصاعدة من جانب حكومات متسلطة حول العالم تفرض خناقاً على الحوار السياسي المفتوح على الإنترنت وغيره. وأضاف: (التراجع الشامل هو مؤشر مزعج على حالة الديمقراطية عالمياً ويسلط الضوء على الحاجة إلى اليقظة في دفع وحماية الصحافة المستقلة).
في إحدى التظاهرات التي يخوضها الصحفيون ضد التضييقات التي فرضتها حكومة الإخوان على حرية الصحافة، يحتج عدد من المصورين على التضييق عليهم.. وعن منطقة آسيا والمحيط الهادئ، قال التقرير إن تلك المنطقة تضم واحدة من أسوأ الدول تصنيفاً، وهي كوريا الشمالية وأكبر الدول في عدم الحرية وهي الصين، وبينما تحسن تصنيف منطقة آسيا والمحيط الهادئ ككل بشكل طفيف في 2012م، حيث صعد به انفتاح البيئة الإعلامية في دول مثل ميانمار وأفغانستان، فإن تايلاند تراجعت إلى فئة غير الحرة، كما تم تسليط الضوء على تدهور في كمبوديا وهونغ كونغ وجزر المالديف ونيبال وسريلانكا.
ووجد تقرير (فريدوم هاوس) 2012 أن نسبة سكان العالم الذين يعيشون في مجتمعات تتمتع بحرية كاملة للصحافة قد تراجعت إلى أدنى مستوى في أكثر من عقد. وذكر التقرير أن أسوأ ثمانية تصنيفات في العالم كانت من نصيب: بيلاروس، كوبا، غينيا الاستوائية، إريتريا، إيران، كوريا الشمالية، تركمانستان وأوزبكستان.
{ “مون” يتحدث
اﻷمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” قد اشترك مع المدير العام لمنظمة اليونسكو، “إيرينا بوكوفا”، في توجيه رسالة مشتركة بمناسبة اليوم العالمي للصحافة التي تصادف اليوم (الجمعة)، وقالا في افتتاحية رسالتهما: (إن حرية التعبير التي كُرّست في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تعد عنصراً أساسياً في تمكين الأفراد وفي بناء المجتمعات الحرة والديمقراطية، وتشكل حرية التعبير حقاً أساسياً في حد ذاتها، كما تكفل توافر الظروف المواتية لحماية سائر حقوق الإنسان وتعزيزها. ولكن ممارسة الحق في حرية التعبير لا تحدث تلقائياً، بل تستلزم بيئة آمنة للحوار تتيح لجميع الأشخاص أن يتحدثوا بحرية وانفتاح، بلا خوف من الانتقام). وتابعا: (ويشكل هذا اليوم، الذي يصادف الذكرى السنوية العشرين لإعلان اليوم العالمي لحرية الصحافة، فرصة لتجديد التزامنا في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها العالم حالياً). وأضافا إن حرية التعبير تواجه مخاطر جديدة يوماً بعد يوم، وإنه كثيراً ما يتعرض الصحفيون لأعمال العنف بسبب مساهمتهم في ضمان الشفافية والمساءلة في الشؤون العامة، وقد شهدت السنوات العشر الأخيرة مقتل ما يزيد على 600 صحفي، لقي كثيرون منهم حتفهم في مناطق خالية من النزاع). ومضى “كي مون” و”بوكوفا” قائلين: (لم تزل ظاهرة الإفلات من العقاب منتشرة على نطاق واسع، فمرتكبو جرائم القتل التي تستهدف الصحفيين لا يحاكمون في تسع من أصل كل عشر حالات، ويعاني عدد كبير من الإعلاميين من ممارسات التخويف والتهديد وأعمال العنف، كما يتعرض كثيرون منهم للاحتجاز التعسفي والتعذيب، ويحرمون في غالب الأحيان من إمكانية الحصول على المساعدة القانونية اللازمة). وتابعا: (لذلك علينا أن نتصدى بعزم لهذا النوع من انعدام الأمن والظلم، وقد اختير موضوع “التحدث بأمان: ضمان حرية التعبير في جميع وسائل الإعلام” ليكون محور اليوم العالمي لحرية الصحافة في هذا العام من أجل تعبئة المجتمع الدولي لحماية سلامة جميع الصحفيين في جميع البلدان، ولكسر الحلقة المفرغة التي تجسدها ظاهرة الإفلات من العقاب). وأكدا أن هذين الهدفين يشكلان ركيزة خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب، فمنظومة الأمم المتحدة ملتزمة التزاماً قوياً بتنسيق الأنشطة وإذكاء الوعي، ومساندة البلدان في تعزيز المبادئ الدولية، وفي وضع تشريعات تكفل حماية التعبير وحرية تداول المعلومات. وأوضحا أنه من الضروري أن تشمل التدابير المتخذة وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، التي بات يلجأ إليها عدد متزايد من الأشخاص لإنتاج الأخبار أو الاطلاع عليها. وتتعرض سلامة المدونين، والصحفيين المواطنين، والمنتجين في مجال وسائل الإعلام الاجتماعية، ومصادرهم، لتهديدات متنامية. فإلى جانب المخاطر التي تهدد سلامتهم البدنية، يُستهدف هؤلاء الأشخاص بأعمال عنف نفسي وعاطفي من خلال الهجمات السيبرنية، والانتهاكات التي تمس بسرية البيانات، وممارسات التخويف، وأعمال المراقبة غير المشروعة، وخرق الخصوصية. وأشارا إلى أنه لا تؤدي هذه الاعتداءات إلى انتهاك حرية التعبير وتعريض سلامة صحفيي الإنترنت ومصادرهم للخطر فحسب، بل تؤدي إلى حرمان جميع الناس من إمكانية الانتفاع بشكبة إنترنت حرة ومفتوحة. وختم “مون” و”إيرينا” رسالتهما داعيين، جميع الحكومات والمجتمعات والأفراد إلى بذل قصارى جهدهم لحماية سلامة جميع الصحفيين، سواء أكانوا يعملون في وسائل الإعلام التقليدية أم على الإنترنت. ولكل فرد الحق في إسماع صوته، وينبغي أن يكون الجميع قادرين على التعبير عن آرائهم.