بعد أن بتر عضوه الذكري في ختان جماعي .. الطفل (علال) مأساة تمشي على رجلين!
لم يجد الحزن سبيلاً سوى أن يحتل أمكنة ما تبقى من فرح فى نفس “حماد” وعائلته حينما حاولوا اختلاس بعض منه، باحتفائهم بختان اثنين من أبنائهم في حفل تحت رعاية قوات الدفاع الشعبي، ربما لم يكن لأحد من أفراد هذه الأسرة أن يتصور فرحهم وهو يتحول إلي معاناة بدأت فصولها في2007 وما زالت مستمرة إلى الآن، مأساة جعلت الأب يدور خلالها بين (حجر الرحايا) دون الوصول إلي من يقاسمه الألم ويشاركه الهم، وفي رحلة البحث عن (وجيع) طرق جميع الأبواب باختلاف تخصصاتها (رسمية وشعبية وإعلامية و..خيرين) ليصبح أشبه بالذي يرفع بالآذان وسط مجموعة لا تعتنق الديانة الإسلامية..
باع منزله وفقد أبناؤه فرصهم في إكمال تعليمهم لضيق ذات يده فضاعت الابتسامة وتبدد الحلم، والرجل لا يمكنه أن يفي بالتزامات اثني عشر فرداً من البنين والبنات…
رجولة المستقبل…
وبينما قرية (ود الشنتور) إحدى قرى ريفي الحصاحيصا تكمل استعداداتها صباح ذلك اليوم لقيام حفل ختان جماعي يتبع لقوات الدفاع الشعبي (منسقية المرأة) وترتدي كامل حلتها استعداداً لدق طبول الفرح كان الحزن ليلتها يخيم في منزل (حماد ساير) بعد أن غط أحد أبنائه الذين تم ختانهم في غيبوبة انتهت بحمل الطفل إلى منزل المساعد الطبي الذي أجرى عمليات الختان ولكنه كان وقتها متواجداً بالحصاحيصا.
لحظات أصعب من أن يصفها الأب خاصة أنه لم يكن يعلم شيئاً عن أمر (الختان والاحتفال) بعد ما أكملت الأم جميع الإجراءت نيابة عنه، فطبيعة عمله كمزارع أرغمته على قضاء جل وقته في الخلاء تاركاً إدارة شؤون منزله لزوجته ليكون نصيبه القليل من مشاهد الاحتفائية التي جعلت قلبه ينزف دماً على ابنه وجعلت الابن ذي الثمانية أعوام يفقد رجولة المستقبل بعد أن قطع المساعد الطبي أكثر من نصف عضوه الذكري!!!
حقيقة لم يستطع الأب تصديقها بعد أن أبلغته بها إدارة المستشفى، فكيف له أن يتخيل ابنه وقد أصبح بهذا العجز، !! تساؤلات عديدة دارت بخلده وهو في طريقه إلى مدينة الحصاحيصا، كان وقتها المؤذن ينادي لصلاة المغرب حينما وصل “حماد” وزوجته المدينة يحملان ابنهما لمقابلة المساعد الطبي مستفسرين عن مصابه وعند مقابلته أخبرهم أن الابن لا يعاني من شيء سوى أن قطعة الشاش بحاجة الى التثبيت ! ليبدأ بذلك أول فصل من فصول الكذب دون ذكر الحقيقة التي تؤكد أن الطفل تعرض لقطع شريان الأمر الذي ادخله في غيبوبة، ولم يكن أمام المساعد الطبي الذي أخفى الحقيقة سوى إدخال الطفل إلى غرفة الغيار بحجة تنظيف الجرح ويقوم بإجراء عملية جراحية دون علم الأسرة لإخاطة الشريان وإيقاف النزيف مع إصراره على إجراء عمليات الغيار دون تدخل أحد غيره، وبعد أسبوع ذهب “حماد” بابنه إلى المستشفى ليتفاجأ أن ابنه قد فقد أكثر من نصف عضوه الذكري !!
أعراض عديدة ظلت مصاحبة للابن أرجعها والده إلى ما تعرض له جراء الختان فقد ظل يعاني طيلة خمسة أعوام من زكام دائم وضيق في التنفس أثناء النوم بجانب عدم قدرته على التحكم في تبوله.
طرق “حماد” أبواب أكثر من (200) جهة بالإضافة إلى كل وسائل الإعلام المرئية والمقروءة دون أن يجد المساعدة لتكون (المجهر) آخر محطاته بعد أن أشار عليه البعض بطرق أبوابها، وبرامج جماهيرية عالية المشاهدة على بعض القنوات الفضائية تفاعلت مع قضيته ولكن لا حياة لمن تنادي، فلا أحد يريد أن يتكفل بعلاج ابنه بعد أن حكم لصالحه بتكفل الدولة بعلاجه.
الاعتراف بالذنب فضيلة…
قضية الطفل (علال) استمرت فصولها بين “حماد” والمساعد الطبي لعامين بعد أن ألقى الجميع باللوم على المساعد بما في ذلك قوات الدفاع الشعبي (منسقية المرأة) التي نظمت الحفل ليحكم القاضي بتغريم المساعد مبلغ (7) آلاف جنيه بالإضافة إلى تكفله بنفقات الطفل وعلاجه لمدة (15) عاماً، ولكن التكلفة العلاجية التي يحتاجها “حماد” لعلاج ابنه في فرنسا بمستشفى (Hospital Necker Enfants Malads) للأطفال الذي يستقبل حالات مثيلة لحالة الطفل (علال) عالية جداً، ومن ذا الذي يدفع قيمة علاجية جاءت عن طريق السفارة السودانية بباريس تقدر بأ(78) ألف يورو أي ما يعادل (320) ألف جنيه سوداني !! والرجل لم يتوانَ في طرق جميع الأبواب بعد أن فقد المأوى، فالعناء لازمه، والشقاء صار لا يفارقه بعد ظنه أن الإعلام روج قضية ابنه دون تلقيه أي دعم مالي يسانده ولو قليلاً .
(الاعتراف بالذنب فضيلة) ….حكمة لم يدرك كنهها المساعد الطبي إلا بعد إصابته بالشلل، آخذاً من الإنكار وسيلة يدافع بها عن نفسه ليظهر الحق عز وجل الحقيقة على لسان المساعد الذي لم يكن أمامه خيار سوى التنصل من التكفل بنفقات الطفل بعد إصابة الأول بالشلل الأمر الذي مكنه من دفع (7) آلاف جنيه كان نصيب “حماد” منها (2) ألف جنيه.
أمرك مقضي…
رحلة طويلة ومضنية للبحث عمن يتكفل بالعلاج والمساعدة معاً، فالموعد المحدد للسفر تخطى أوانه الذي كان من المقرر أن يكون في الثالث والعشرين من مارس الماضي…حتى رئيس الجمهورية أحد الجهات التي لم يتوانَ “حماد” في الوصول إليها بعد أن ضاقت به السبل وأصابه الملل لكثرة الوعود، بعد أن قضت له وزارة المالية بمبلغ (2000) يورو يتم تحويلها عبر وزارة الخارجية، ومن ثم إلى إدارة المستشفى في باريس لتؤكد وزارة الخارجية عدم تحويل المبلغ لحسابها !! أما ديوان الزكاة الذي صدق بمبلغ (1000) دولار يحتاج إلى بعض المستندات لإكمال الإجراءات، والرجل يحتاج إلى المزيد، فالتكلفة عالية جداً رغم تقليصها عبر القمسيون الطبي إلى (5) آلاف يورو و”حماد” لا يستطيع أن يتكفل بنصفها دعك منها كلها.
امرك مقضي عبارة قطع بها رئيس الجمهورية بعد أن استمع لحماد في نهار رمضان من العام 2011 آخذاً منه أوراقه وجوازاته، واعداً إياه بانتهاء مشكلته لتتجدد الأحلام وتكبر الآمال في نفس الرجل مرة ثانية، إلا أنه ظل ينتظر أن يتصل به مكتب الرئيس ويبشره بمواعيد سفر ابنه وإكمال إجراءاته، ولكن الانتظار لأيام أمر أدخل الشك إلى قلبه فما كان منه سوى الذهاب الى القصر الجمهوري عله يأتي بخبر يقين، ولكنه لم يجد من يجيب على تساؤله ليتوجه إلى سكن الرئيس آملا منه في إيجاد ما يطفئ النار المشتعلة داخله على ابنه، وبإجراء بعض الاتصالات ما بين الحرس وداخل المنزل جاء إليه من يحمل أوراقه وجوازاته قائلاً له: (ما في حاجة اتعملت)!
حتى حين….
إلى حين كتابة هذه الأسطر ظل وضع “حماد” وابنه على ما هو عليه، رغم لجوئه إلى القضاء، فالختان أدخلهم جميعاً في غياهب جب عميق، فهو لازال يحمل أوراقه وصور ابنه التي تبين الضرر الذي لحق به ويطلق مناشداته هنا وهناك عسى أن يجد إجابة ونحن أيضا نطلق مناشداتنا من أجل مساعدة الطفل لإكمال إجراءات سفره فهل من مجيب؟!!…