وزير الصحة بولاية الخرطوم البروفيسور "مأمون حميدة" لـ (المجهر): "1 – 3"
منذ بروز اسمه ضمن قائمة المرشحين لتقلد منصب وزير الصحة بولاية الخرطوم، بدأ الرأي العام ينقسم عند الحديث عنه، ووقف الناس ما بين مؤيد لتقلده المنصب، ومعارض له، حتى داخل أعضاء حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وكان أول المحتجين ضد سياساته التي قِيل إنها تهدف إلى تكسير وتجفيف المستشفيات الكبيرة، هم قادة القطاع الصحي في الحزب الحاكم، لكن البروفيسور “مأمون حميدة” ظل يردّ على الاتهامات التي توجه له بهدوء، وينفي كل ما يتردد حوله من اتهامات، سواء المتعلقة برغبته في توسيع استثمارته في القطاع الصحي أو التعليمي على حساب مؤسسات الدولة الصحية، أو توجهه لإضعاف المؤسسات القائمة. ولعل التأييد الذي وجده الرجل من رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” منحه المزيد من الثقة للاستمرار في تنفيذ سياساته التي أعلن عنها. وأفلحت مجهودات (المجهر) بمساعدة طاقم المكتب الإعلامي لوزير الصحة وبولاية الخرطوم ممثلاً في الدكتور “المعز” و”جوليانا” و”نجوى”، في الوصول للوزير، وطرحت عليه العديد من القضايا والهموم المتعلقة بالقطاع الصحي والاتهامات التي تدور فيه، فكانت حصيلة اللقاء ما تطالعه – القارئ الكريم – في المساحة أدناه:
{ مستشفى جعفر ابن عوف، قضية وجدت اهتماماً كبيراً لدى الرأي العام، وأنتم طرف فيها. ما هي تفاصيل هذه القضية التي تسبب فيها قرار صادر عنكم؟
– أولا “جعفر ابن عوف” هو مستشفى، وبحسب رسالته الأولى يفترض أن يكون مرجعياً، وبدأ البناء فيه في العام 1977م ولم يكتمل إلاّ في مدة طويلة، ولم يفتتح، وظلّ غير مستغلّ إلا في عهد الإنقاذ في التسعينيات، والحكومة وفرت له كل المباني والتسيير، وافتتح وأغلق بعد سبعة أيام، وكان واضحاً أن هناك تماطلاً في أن يفتتح، وعليه افتتح بعدها بواسطة دكتور “يونس”، وكان يفترض أن يكون مرجعياً، وأضيفت له الحوادث مؤخراً، وهي كانت تتبع لمستشفى الخرطوم، وكان هنالك خلاف بين دكتور “أحمد عبد العزيز” و”جعفر ابن عوف” على أساس وفكرة أن يكون معه حوادث، لم تكن في الطور الأول لهذا المستشفى، وعندما أضيفت الحوادث قامت مستشفيات عديدة للأطفال في أم درمان ومناطق أخرى، وهناك مستشفيات ضمت أجنحة أطفال كأجنحة رئيسية، وبالتالي أصبح هناك عدد وافر من مستشفيات الأطفال، وأي حديث عن وجود نقص في أوعية علاج الأطفال غير صحيح، ثم إن مستشفى “ابن عوف” حينما قام كمستشفى مرجعي تم ابتعاث عدد من الاختصاصيين في التخصصات الدقيقة كالكلى والقلب والرئة وحديثي الولادة والدم، وهؤلاء لم يُستفَد منهم.. وحوادث المستشفى كانت تجذب أعداداً كبيرة جداً من المرضى، والناس تهاجر بأعداد كبيرة جداً إلى مستشفى جعفر ابن عوف وتترك المستشفيات الطرفية، وعليه كانت حوادثها تسع (500) شخص، والأسرّة الممتلئة كانت حوالي (70) إلى (80) شخصاً، والمستشفى كان مكتظاً بحالات العناية الصحية الأولية كالاستفراغ والحمى، وكذا، والاختصاصيون الذين صرفت عليهم الدولة كي يتخصصوا تخصصاً دقيقاً لم يستفَد منهم لأنهم أغرقوا في الحالات العامة، فكان لابدّ في إستراتيجيات الصحة أن يعاد النظر في خارطة هذه المستشفيات، وهذه بالضرورة جاءت بسبب الأيلولة التي قضت بأن يستفيد الناس من الموارد البشرية والمادية المتوفرة لصالح المواطنين، وبالتالي تقرر أن يعود مستشفى جعفر ابن عوف إلى وضعه الأول في أن يصبح مستشفى مرجعياً.
{ هل عاد إلى ما كان عليه أم ألغي بعضه وأصبح غير موجود من الأساس؟
– المستشفى ما زال يعمل كمستشفى مرجعي، والذي نقل منه هي الحوادث التي تخص الحالات الطارئة التي تحتاج إلى عناية تتراوح بين (24) إلى (48) ساعة، وفي هذه الحالات كلما كانت تتوفر الخدمة الصحية بقرب المريض فإن ذلك أفضل بالنسبة له، وأنا لا أجد مبرراً أن يأتي مريض من أمبدة قاطعاً كل هذه المسافة ويدفع كل تلك التكلفة ليمنح في الآخر (درب) أو ملح تروية.
{ مقاطعاً: لكن الخدمة في أمبدة والمناطق الطرفية الآن غير متوفرة، وهو ما يضطرّ الناس للوصول إلى تلك المستشفيات؟
– هذا حديث غير صحيح.
{ ومستشفى أمبدة الآن أغلقت؟
– صحيح مستشفى أمبدة أغلقت، ولكن أنشئت مستشفى جديدة في الحارة (18) تضم (أطفال) و(باطنية)، والمراكز الصحية تأخذ 75% من طاقة المواطنين، ونحن فتحنا في أمبدة أكثر من (18) مركزاً صحياً جديداً في العام والنصف الماضي، وحتى المستشفيات كلها حتى الحارة (27) و(29) فيها مراكز صحية قادرة على استيعاب تلك الحالات، وأصلاً لماذا يأتي المواطنون في حالات حادة؟! أقول: السبب يعود إلى أنهم يستبعدون المكان، ثم إن التكلفة المالية والصرف يجعله يتأخر، وطبعاً الاستعجال في الوصول بحالة الطفل إلى المركز الصحي تجعله غير محتاج لـ (درب) حتى إذا استفرغ أو أسهل، فقط يُمنح شراباً ويتعافى، ولكن لأن المكان بعيد والتكلفة سترتفع تجعل المرض يتراكم حتى يحسّ المواطن ألاّ سبيل أمامه إلاّ بالوصول بالطفل للمستشفى، فيرتفع عليه الصرف، ونحن الآن أوجدنا في المراكز الصحية خدمة متميزة، والمفهوم الذي أريد أن يعرفه الناس هو أن العلاج ليس في المستشفى، وأن وصول الإنسان أساساً للمستشفى أغلبه يكون بسبب عدم ذهابه للمراكز الصحية الأولية.
{ مقاطعاً: وهل يُغني الذهاب للمركز الصحي عن المستشفى؟
– (100%).
{ حتى في حالة المستشفيات المتخصصة؟
– نعم (100%) تُغني.
{ ومستشفى جعفر ابن عوف كان المستشفى المتخصص في علاج الأطفال، لماذا لم يترك؟
– هو لم يكن متخصصاً والآن نريد أن نجعله متخصصاً، وإذا كانت المراكز الصحية تغني عن (75%) من حالات الأطفال، وإذا كانت تلك النسبة من الحالات ذهبت للمراكز الصحية.. حينها ستصبح المستشفيات دورها (25%) من الحالات المحولة، والمراكز الصحية الآن فيها أسرّة ومعامل وموجات صوتية، ويبقى أنها كافية لتتولى نسبة (75%) من احتياجات المواطنين، وتصبح المستشفيات الأخرى للحالات التي تصعب على المراكز الصحية، أما المستشفيات الثالثة مثل (جعفر ابن عوف) و(ابن سينا) و(الصيني) و(أحمد قاسم) فهي لأقل من (10%) من احتياجات المواطنين.
{ لكن المستشفيات الأخرى مثل البان جديد غير متوفرة فيها الإمكانات التي تجعلها مؤهلة لتستجيب لاحتياجات المواطنين، وتعاني من نقص في الأجهزة والمعدات والكوادر الطبية، كما أن مستشفيات أخرى مثل أم درمان تشكو من ضغط عليها؟
– هذا الحديث غير صحيح، ومستشفى جعفر ابن عوف هو ليس الأكبر عندنا.. مستشفى أمدرمان هو الأكبر، واسمه محمد الأمين حامد، وإذا مستشفى جعفر ابن عوف يضم (250) سريراً، فإن مستشفى محمد الأمين حامد في أمدرمان يضم (325) سريراً، والكلام عن أن المستشفيات غير معدّة وكذا هي مقولة لا تقف على أرجل.
{ لكن من يقولها هم الأطباء الذين يعملون في المستشفيات أنفسهم؟
– أبداً، وأنا أقول إن أي دكتور يقول ذلك فهو لم يرَ ما يحدث أو لديه غرض، والإنسان إذا كان لديه غرض يقول مثل هذا الحديث، وأنا أقف على هذه المستشفيات.
{ طيب وما هي الدوافع والأغراض التي تحرك الأطباء لقول مثل ذلك الحديث؟
– أنا لا أعرف أغراضهم، ولكن أنا دائما موجود في تلك المستشفيات.
{ ومن يقولون ذلك الحديث هم موجودون داخل المستشفيات وعلى مستويات عليا في إداراتها؟
– مثل من في ادارة المستشفيات؟
{ مدير مستشفى أمدرمان السابق قبل فترة تحدث حتى عن مستشفى البقعة الحكومي الخاص ووصفه بالنبت الشيطاني.
– ومن هو المدير السابق لمستشفى أمدرمان؟
{ لا أذكر اسمه، ولكن أذكر صفته، وأنا قرأت عنه ذلك الحديث في الصحف؟
– طيب.. وحتى نتحدث حقائق، ولا ندخل في مغالطات، وقالوا ولم يقولوا.. أنا كشخص مسؤول وكشخص غير مكتبي وأقف على هذه الأشياء بنفسي.. أقدم لك أنت الدعوة لتذهب بنفسك للمستشفيات وترى في المستشفى الأكاديمي وبشائر، (السراير) والناس، والآن لدينا عدد من الناس موجودون.. وحتى المستشفيات الطرفية فيها موجات صوتية وفيها عناية مكثفة و(رقاد) وكذا، ومسألة أن نتغالط في أن فلان قال، وفلان لم يقل، تكون مجرد مضيعة للوقت ليس إلاّ، ونحن نفتكر أننا أعددنا تلك المستشفيات بصورة طيبة، ومستشفى جعفر ابن عوف لم يُوقف، وإنما أحيلت إلى مستشفى مرجعي.
{ وهل يستغني المستشفى المرجعي عن الحوادث؟
– نعم (100%)، وحينما يكون لديك طفل لديه إسهال أو (طُراش) وتأتي به للمستشفى يُركب له (الدرب)، وإذا كان لديه مرض آخر تسبب له في الإسهال و(الطُراش) ويحتاج لفحص فبذلك يُحول إلى المستشفى المرجعي. والمرجعي تحول له حالات القلب والصمام مثلاً والدهون أو الأورام في الرأس، وهذه الأشياء مرجعية، ونحن فتحنا عيادة مرجعية في( فتح الرحمن البشير) للتحويل إلى مستشفى جعفر ابن عوف.. ويومياً تؤمها (150) حالة محولة من اختصاصيي أطفال.. لتأتي لمستشفى جعفر ابن عوف، الذي يعمل الآن بعكس ما يشاع عن أنه أغلق أو جفف، وما زال عدد الاختصاصيين هو ذاته ولم يُغيروا، والناس يرونهم بطريقة أفضل، وبدلاً عن أن يكون في السرير الواحد ثلاثة مرضى الآن متوفر سرير لكل مريض.. والمستشفيات الأخرى غطت الحالات، ومثلاً في (بشائر) و(إبراهيم مالك) كانت الحالات المشغولة تشكل (20%) والآن العنابر مشغولة (80%).
{ لكن هناك ضغط كبير على مستشفى إبراهيم مالك، ويُقال إن المريض يزوره ولا يجد حتى مقعداً ليجلس عليه، ناهيك عن بقية الخدمات الصحية، وهذا ما سمعناه؟
– اذهب الى المستشفى وانظر له بنفسك ولا تسمع إلى حديث الناس.. وأنا ما عندي لك رد.
{ أنا أنقل لك أنت كمسؤول حديثهم لترد عليه؟
– أنا أقول هذا كذب، والآن ما يتناقل فيه الكثير من الكذب، وإذا كان الشخص لديه غرض سيقول الكثير من الأشياء غير الموجودة، والحياة فيها مجال، وأنت اسأل عن: ماذا كان في جعفر ابن عوف؟
{ وماذا كان في جعفر ابن عوف؟
– الحوادث كانت ناقصة، وعدد الناس ضعيف، والخدمة التي تقدم كانت ضعيفة، وكان فيها سريران للعناية المكثفة، وآخران للأطفال حديثي الولادة، ولم يكن فيها شيء.
{ مقاطعاً: ولماذا لم تطوروا الموجود واتخذتم القرارات الحالية؟
– نحن نريد أن نطوره ولكن إذا لم يفرّغ لن يتطور، وكان فيه ناس (ملمومين كدا).. وإذا (التربيزة) مردومة بالكتب، إذا لم أفرغها هل أستطيع أن أضربها بوهية؟! لن أستطيع فعل ذلك، ونحن نريد أن نفرغه حتى نعده، ونحن لدينا خطة لذلك، والآن ستأتي معدات للإعداد لنطوره ولم يكن فيه فرصة للتطوير.
{ الناس فهمت ما تم – بمن فيهم الدكتور جعفر ابن عوف – أنه هو المقصود من القرار وأن تتم إزاحته من المستشفى.
– هو لم يكن مديراً للمستشفى.
{ هو الشخص الذي ترمز له المستشفى بمسماها، ويعود له فضل تأسيسها بعد عودته من خارج السودان، وكرمته قيادة الدولة بسبب إنشاء مستشفى متخصص؟
– الدولة كرمت كثيرين، وهناك شخصيات عظيمة أسست مستشفيات، ولم يتعلقوا باسم، ومثلاً البروفيسور “زاكي الدين أحمد”، وهو مؤسس ابن سينا، بيده وضع تصور المستشفى وذهب لليابان، وبيده بنى المستشفى، حتى السور خططه بيده، ولم يصرّ على تسميتها باسمه، ونحن لا نقصد شخصاً، ولكن الأسماء تسمى لفترة من الفترات، ومثلاً “فتح الرحمن البشير” أعطى منطقة العمال لعيادات خارجية، وإذا كان هو على قيد الحياة أو مات، هل يأتي ويحدد كيفية إدارة المستشفى؟ وأنت في فترة من الفترات أسهمت وجئت ولا ننكر إسهامك لعمل في فترة، وانقطع، ولم تعد أنت موظفاً في وزارة الصحة، ولا في أي جامعة من الجامعات ولا تنتمي لمؤسسة، وإنما كرّمت ومنحت غرفة، وأنت بعد ذلك لا علاقة لك بإدارة المستشفى، وهو ليس رئيساً لمجلس الإدارة ولا رئيساً لمجلس الأمناء ولا علاقة له بالمستشفى إلا بالاسم.
{ ولكن ذلك لا يمحو حقه التاريخي في أنه من أسس المستشفى، ولماذا لا يمنح ذلك الحق؟
– نحن لم نغير اسمه ولم نذلّه، ولكنه أتى ويريد أن يقول: (أنا إدارة تنفيذية، وأنا هذه المؤسسة بنيتها وأنا أديرها)، وهو نعم أسسها، ولكنه لم يقدم لها إلا ما أتت به (save the children) والباقي كله قدمته الدولة والخيرون، وهو أسهم فيها في فترة من الفترات، ونحن لم نمحُ الاسم، وإذا هو أسهم فيها فهل يعني ذلك أنه يديرها مدى الحياة؟ وإذا أدارها هل أبناؤه يديرونها من بعده؟ وهي ليست ملكاً خاصاً، وهي قامت على أرض حكومية، ومثلاً اليوم “محمد الأمين حامد” أسس مستشفى أم درمان وبناها وأتى بمعداتها هل يتدخل في إدارتها؟ هذا شيء وذاك شيء آخر، وإدارة المستشفيات متروكة للوزارة القائمة، ومتروكة للإدارة القائمة، وكونها باسمك لا يعني أنك ملكت ذلك الأمر.
{ لكن الكثير من الأطباء وحتى المواطنين يساندونه ونظموا الكثير من الوقفات الاحتجاجية، ومنعوا حتى من التعبير عن رأيهم؟
– والله أنا لم أمنع شخصاً من التعبير عن رأيه، وإذا أنت رأيت هذه الوقفات الاحتجاجية فهي لم تتجاوز (30) شخصاً، وآخر وقفة احتجاجية كانت من (11) شخصاً. ولن تعدم (100) شخص يكونون ضد سياستك، وهؤلاء هم الأشخاص الذين يقفون في جعفر ابن عوف، والأشخاص الذين وقفوا في الزيتونة، وفي بحري، والأشخاص الذين قادتهم سياسة، والوقوف لا يعني شيئاً.
{ وهل هم الأشخاص الذين يقفون في إدارة مستشفى الخرطوم، ويقفون ضد تكسير المستشفى وتفكيكه ونقله؟
– هم الأشخاص أنفسهم، يتحولون من موقع إلى موقع.
{ وهل لديك ما تود قوله لجعفر ابن عوف؟
– نحن مع احترامنا للأخ “جعفر” ولكن نعتقد أن لا علاقة له بإدارة المستشفى، وهو ليس صاحبها، والأرض مكتوبة باسم الوزارة، وأنا أستغرب في أن بعض الصحفيين كتبوا وقالوا إن الأرض مملوكة للأخ “جعفر”. وهو ليس في إدارة المستشفى، وهو أسهم فيها في مرحلة من المراحل، ونعتقد أنه احتراما للاسم الذي أعطي للمستشفى يجب ألاّ يتدخل في إدارتها.