*مافيا الأسعار…فساد الكبار أم أطماع التجار ؟(2)
من وراء الغموض الذي يكتنف أسعار المواد الغذائية بالأسواق؟؟
فقد أكد مختصون أن تلك الزيادات التي وصفت بالجنونية غير مبررة… لماذا شاب المشهد ضبابية تامة.. وأين الحقيقة..؟ من يعبث بقوت المواطن الذي أصبح ينام ويستيقظ على ذات الأسئلة.. يطلقها دون الحصول على ردود شافية وإن كان يردد مسبقاً دون قناعة أن الإجابة تتلخص في …ارتفاع سعر الدولار !!
أرتال من الأثقال أضيفت إلى عاتق المواطن بعد أن أضحت )الأسعار( هاجساً يؤرق مضجعه، فما إن تشرق عليه شمس صباح جديد إلا وتتجدد آلامه مثلما تتبدد آماله.. الإدارة العامة للجمارك أكدت لـ(المجهر) أن ارتفاع بعض السلع غير مبرر وقطعت بأنها تعمل على حماية السلع المحلية …لماذا غاب الجهاز الرقابي عن المشهد وتوارى عن الأنظار ليبقى غول الأسعار وهي في أحيان كثيرة تتغير ما بين عشية وضحاها وبين ساعة وأخرى وعلي المواطن الإذعان والشراء بالسعر الجديد إن كان يريد أو فليفعل ما يشاء !!!
سودان الغلاء….
الحديث عن ارتفاع الأسعار…صار يتسيد جميع طاولات الحوار بلا استثناء حتى (الأغنياء)… (يشتكون) ولكن شتان ما بين شكوى وأخرى!! لم تسلم سلعة ما ـ أياً كان نوعها من (غول) الأسعار… فقد وصل الأمر حداً تخطى طاقة المواطن !! الجميع يريد أن يكسب ولو على حساب غيره والبعض يحاول الضغط على المواطن ليفرغ عصارة )جهده الشهري( بزيادة الأسعار، فما إن تشح سلعة أو تختفي من الأسواق إلا ويجزم الكثيرون أن هذه السلعة ما اختفت إلا لتزداد سعرا وهذا ما يشهده لبن بودرة (كابو) حالياً الذي سجل ارتفاعاً في السعر جعله يقفز من (92) إلى (112) جنيهاً بعد أن توقفت الشركة المنتجة عن إنتاجه حتى مارس الجاري لأسباب تتعلق بالمنشأ محققاً بذلك زيادة عالية لمنتج محلي. وقد أكد صاحب بقالة (الأنفال) “حسن فضل الله إدريس” لـ(المجهر) أن لبن (كابو) يعتبر الأكثر تداولاً دون عن غيره من الألبان الأخرى لأن سعره يعتبر الأفضل وفي متناول يد الجميع .
ومن واقع الجولة نجد أن سوق الألبان المجففة سجل ارتفاعاً شمل جميع أنواع الألبان، فقد بلغت كرتونة لبن (نيدو) سعة 6 علب كبيرة عبوة (2) كيلو ونصف بلغت (850) جنيهاً بواقع (170) جنيهاً للعلبة، فيما سجلت علبة لبن (فورموست وانكور) عبوة (2) كيلو ونصف (145) جنيهاً، وألبان الأطفال بالصيدليات أيضا سجلت زيادات عالية حيث بلغ سعر لبن (اس.تونتي سكس) (70) جنيهاً، سعر لبن (بروميل) (65) جنيهاً ولبن (صحة) (65) و(بيوميل) 54 جنيهاً.
أصحاب البقالات أرجعوا الزيادة في الأسعار منذ قرابة الأشهر الأربعة وقد طالت جميع السلع المستوردة والاستهلاكية ليرتفع سعر كرتونة الصلصلة التركية (كنتم) التي تحوي (24) علبة كبيرة سعر (180) جنيهاً بدلاً من (103) وقفز سعر العلبة إلى (8000) جنيه وأضاف بعضهم: (نضع (15%) أرباحاً على السلع الكمالية في الوقت الذي تتراوح فيه أرباحنا على السلع الأساسية ما بين (%5) إلى (7%) أما اللحوم فإننا نقوم بوضع هامش أرباح عليها).
وبحسب التاجر “حسين بلة” فإن كيس الشعيرية والمكرونة المستوردة (العلالي) بلغ سعر (12) جنيهاً بدلاً عن (5) جنيهات فيما بلغ سعر علبة تونة الوابل (9) جنيهات في الوقت الذي تشهد فيه جميع أنواع الصابون المحلية والمستوردة ارتفاعاً كبيراً في الأسعار.
ثورة إعلامية…
(ثورة إعلامية لتبصير المستهلك بحقوقه) أمر دعا إليه نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بجمعية حماية المستهلك د.”حسين القوني” إلى جانب المزيد من الحملات التفتيشية لمراعاة بطاقة السلعة حتى يتم ضبط كل ما هو منتهي الصلاحية، مرجعاً ارتفاع الأسعار إلى انعدام الرقابة اللصيقة في وقت غابت فيه الأخلاق وصار الجشع يسيطر على الجميع علي حد قوله، مضيفاً بالقول: (لابد من فرض مزيد من الضوابط على التعامل التجاري والتأكد من تنفيذ قانون التجارة وحماية المستهلك بلا مجاملة ولابد للمستهلك من معرفة حقوقه كاملة حتى لا يتنازل عنها) .
ما لمسته (المجهر) من خلال جولتها من (تلاعب) بدا واضحاً للعيان فكيف لمنتج مستورد يباع في مكان بسعر (12) جنيهاً في حين أن المنتج ذاته يتم بيعه في مكان آخر بسعر(9) جنيهات، وهذا الحديث دون شك ينطبق على سلعتي (مكرونة وشعيرية) العلالي !!! أين يكمن الفرق ؟ أليس هذا المنتج من منشأ واحد وذات الشركة هي التي تقوم بتوريده ؟ أم أن الفرق يكمن في اختلاف التجار؟
ارتفاع وانخفاض…
هناك العديد من الحقائق الغائبة التي أشرت إليها سابقاً عندما لاذ سوق الموردين (بأمدرمان) بالصمت حين ذهبت إليهم… ضبابية كثيفة واجهتني أثناء القيام بجولتي.. لم أتلمس منها ما أريد، بعض المعلومات مدَّني بها التاجر “علي عبد الله حامد” (سوق بحري) دون أن يبخل بشيء…(علي) أكد أن بعض السلع شهدت ارتفاعاً في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار سلعاً أخرى، فالجبنة إحدى السلع التي شهدت انخفاضاً حيث وصل سعر الصفيحة أو الجردل زنة (9) كيلو إلى (135) جنيه بدلاً عن (210) جنيهات ليواصل جردل الطحنية زنة (15) كيلو ارتفاعه إلى (220) جنيهاً بدلاً عن (180) جنيهاً نسبة للارتفاع الذي يشهده محصول السمسم.
يقول(علي): يعتبر الصابون بجميع أنواعه وأسمائه (المحلية).. من السلع التي تشهد ارتفاعاً في الأسعار هذه الأيام حيث سجلت بكتة صابون غسيل (أصيل) (27) قطعة سجلت مبلغ (57) جنيهاً، بدلاً عن (20) جنيهاً وصابون بودرة (الشروق) زنة (5) كيلو قفز من (24) جنيهاً إلى (30) جنيهاً وكذلك جميع البسكويتات المحلية تشهد ارتفاعاً في الأسعار ولكن يعتبر بسكويت (رويال) هو الأعلى سعراً والأفضل، وعن صلصة (كنور) أكد أن الشركة الموردة تقوم بفرضها عليهم مع منتجاتها الأخرى لأن مدتها قاربت الانتهاء ويتم بيع الكرتونة بـ (155) جنيهاً وتحوي (24) علبة بواقع (7) جنيهات للعلبة الواحدة ويضيف: (بعدا كلو ما عليها طلب)!!! أما عن عدس وأرز الفراشة فيقول: (ارتفعت قيمة كرتونة العدس عبوة (40) كيساً إلى (97) جنيهاً فيما سجلت كرتونة الأرز ارتفاعاً بقيمة (60) جنيهاً بدلاً عن (55) جنيهاً …
ارتفاع الأسعار لم تسلم منه حتى الفواكه المحلية …أما )فالمستوردة(…فكلنا يعلم أن الكثيرين أصبح لا طاقة لهم بها ورغم أن الموز والبرتقال كانا من أكثر الفواكه طلباً وإقبالاً ولكن هما الاثنان أيضا ركبا موجة الغلاء ليرتفع سعر دستة البرتقال البلدي (نمرة2) من (7) جنيهات إلى (12) جنيهاً، في الوقت الذي سجلت فيه دستة البرتقال البلدي (نمرة 1) رقما قياسياً مقداره (20) جنيهاً بدلاً عن (12) جنيهاً، هذا ما أكده البائع “محمد إبراهيم” وهو يحدثنا عن كيلو الموز الذي ارتفع سعره للضعف بعد أن أصبح بـ( 3) جنيهات بدلاً عن جنيه ونصف…
الجمارك: ننحاز إلى المواطن..
جميع السلع الاستهلاكية سجلت ارتفاعاً في أسعارها ولكن هناك سلعاً بعينها ارتبط بها الشعب السوداني ارتباطا وثيقاً يأتي العدس في مقدمتها، وارتفاع سعره يعني عزوف الناس عنه فهو وجبة غير مكلفة وفي متناول الجميع مع العلم أن العدس والأرز من السلع التي تم إعفاؤها من الرسم الجمركي لأنها تعتبر من المواد الغذائية المهمة، وذلك بحسب الإدارة العامة للجمارك. فقد أكد العميد شرطة “جلال الدين عثمان” مدير إدارة التعريفات برئاسة الجمارك أن التعريفة الجمركية تحوي خمس شرائح تبدأ بالإعفاء للسلع الرأسمالية وهي ماكينات الصناعة والمواد الغذائية المهمة مثل الدقيق والقمح والسكر فيما يتم أخذ قيمة جمركية لا تتعدي الـ(3%) للمواد الخام ومدخلات الإنتاج، أما الشريحتان الثالثة والرابعة فيتم أخذ قيمة (10%) للثالثة و(25%) للرابعة وهذه القيمتان تؤخذان على السلع الوسيطة وفي الشريحة الخامسة يتم فرض رسم جمركي قيمته (40%) على السلع الكمالية بغرض حماية السلع المحلية، مشيراً إلى أن هناك رسوماً لجهات أخرى تتحصلها الجمارك وهي ضريبة القيمة المضافة وضريبة التنمية بالإضافة إلى ضريبة الرسم التجاري وضريبة الأعمال، معتبراً أن التعريفة الجمركية منحازة للمواطن ولا يوجد مبرر للزيادة.
وبعد
لم تكن جولتي تلك إلا خيطاً أتلمس منه النور لأضيئ لمن حولي في عتمة شملت كل الأشياء فلم أجد سوى بصيص ضوء عله يتيح لنا معرفة بعض حقوقنا التي تم سلبها بسبب جشع التجار لنستيقظ على كابوس يسمي الأسعار…