لا يستطيع أحد أن ينكر أن الجو العام في السودان هذه الأيام معكر، وهناك حالة من عدم الارتياح والقلق، وهي مشاعر طبيعية في ظل حالة الغموض التي تلف المشهد السياسي وحالة التوجس التي تسود المشهد الاقتصادي وموجة الغلاء الطاحن التي أصبحت فوق طاقة المواطن، وزاد عليها وضغط على الجرح بشكل مؤلم الأوضاع الصحية التي نعيشها بسبب جائحة كورونا والأرواح الغالية التي نفقدها صباح مساء، وأسر سودانية فقدت أعزاء لها بسبب الجائحة وبسبب القصور الإداري الكبير الذي يعرفه ويعلمه المتعاملون والمتعاطون مع المشهد الصحي في البلاد، وهي حقيقه لا ينكرها إلا مكابر أو شخص لا يخاف الله في شعبنا ويجامل الأشخاص على حساب ضميره ومبادئه، وفي ظل حالة الجذب والشد والخصومة السياسية بين الحكومة والمعارضين لها وهي خصومة تجاوزت الخطوط ووصلت حداً من الغلو لن يتأذى منه إلا الوطن والمواطن، والجميع يلعب لصالح ورقه مستخدما ساترا له مصلحة الشعب أو تحقيق قضاياه العادلة.
أقول، في عز هذه الأزمات ونحن نبحث عن نقطة ضوء في العتمة أو زفرة هواء نظيف في عز الكتمة أو بارقة أمل في حالة التشاؤم التي تظلل علينا كسحابة بلونها الأسود، يطل علينا فجر السلام والفريق حميدتي يبشر باقتراب توقيع اتفاقية السلام الشامل والمستدام، حيث صرح الرجل عقب انتهاء جلسة التفاوض حول القضايا القومية مع الحركات المسلحة عبر تقنية (الفيديو كونفرنس) بفندق السلام روتانا أن وفدي التفاوض تمكنا من معالجة قضايا الحرب والسلام بطريقة تقود إلى سلام شامل وعادل يجري فيه الترتيب بتجاوز النقاط الأخيرة فيما يلي المشاركة في السلطة ومن ثم الاتجاه لمصفوفة التنفيذ وصياغة الاتفاق.
ودعوني أقول إن هذا الحديث من الفريق حميدتي هو واحد من الأحاديث التي تطرب الحريصين على مصلحة بلادنا والخائفين عليها من أن ينعق فيها بوم الخراب فتتحول إلى بلاد مسعورة يوجه فيها الأخ السلاح لصدر أخيه ويقتله بدم بارد فتضيع علينا مواسم الحصاد الأخضر وتصبح أيامنا نحيباً وبكاءً على وطن ضيعناه بأيدينا.
لذلك تستحق هذه المفاوضات أن تجد الدعم الشعبي والإعلامي الذي يحرض على إتمامها ويحرض ويحض الذين لازالوا يقدمون (كراعا) ويؤخرونها كعبد الواحد محمد نور أو عبد العزيز الحلو للانصياع لرغبة الغبش والهامش المطحون، لأن الشعب يستحق أن يتنازل له من وضعتهم الأقدار في قيادته، أن يتنازلوا عن المطالب التعجيزية أو المتاريس التي تؤخر إتمام السلام ولا تعجل به، والسلام هو الضمانة الحقيقية لخروج شعبنا من أزماته ومشاكله المتشابكة وتحقيق العدالة والتنمية لكل ولاياته ومدنه وقراه.
فالتحية للجالسين الآن على مقاعد التفاوض، لأنهم مسؤولون عن مستقبل أمة تنظر إليهم بكل الأمل والعشم لكتابة سطر جديد في تاريخ السودان، والمسؤولية كبيرة والتحدي أكبر.
كلمة عزيزة
(حنقعد لمتين) في سباق القط والفأر بين أنصار نظام البشير ومؤيدي حكومة (قحت) وحرب الاتهامات وتبادل التهم والسجال السياسي العقيم؟
يا اخوانا الوطن يضيع من بين أيادينا، وعندها لن تجدوا وطناً تتعاركون على حكمه.
كلمة أعز
غداً أحدثكم عن الفيلم الأمريكي (بريف هارت) أو قلب قوي الذي صور ملحمة البطل وليام والاس الذي قاد حرب تحرير اسكتلندا من الإنجليز، لأننا نحتاج لهذه القصص، لعل الضمائر الميتة تنبض فيها الحياة.