تجارة السلاح- سماسرة الحرب- وخلايا التخريب النائمة!!
بدأت مؤخراً ظاهرة الاتجار بالسلاح بالتصاعد بشكل لافت للأنظار حتى أضحت واحدة من المهددات الأمنية الخطيرة بسبب تفشي وانتشار وامتلاك الأسلحة لدى المواطنين والمجموعات المختلفة، وأرجع كثير من المختصين هذا التصاعد إلى الحروب التي اندلعت في أطراف البلاد، مثلما كان الحال بالنسبة لـ(دارفور) و(جنوب كردفان) و(النيل الأزرق)، فضلاً عن عدم السيطرة على الحدود الشاسعة، وبدا الأمر لافتاً للنظر حينما كثرت البلاغات المدونة في الفترة الماضية حيث تم وضع أكثر من (22) بلاغاً أمام اللجنة الخاصة بالتحقيق في جرائم السلاح بإدارة التحقيقات الجنائية ببحري وهذه اللجنة تم تشكيلها بقرار من وزير العدل للتحري والتحقيق في بلاغات حيازات السلاح دون ترخيص وتهريبه إلى داخل ولاية الخرطوم والولايات الأخرى، وسعت السلطات الأمنية لتكوين تشكيلة خاصة لفك طلاسم تهريب السلاح بعد تزايد بلاغات الاتجار بالسلاح، وأكثر ما يخشاه المراقبون والجهات المختصة هو تسرب الأسلحة إلى العاصمة والمدن الآمنة في دراسة أجريت نجد أن أسعار السلاح تتراوح ما بين (2000-3000) ألف جنيه.
من ناحية أخرى هناك تساؤلات عديدة ظلت تطرح من قبل الناس من شاكلة ما مدى ارتباط الخلايا النائمة بشحنات السلاح المهرب وهل هنالك قوى تقف وراء عمليات التهريب المتكررة أم أن الأمر يتعلق بالتكسب والرغبة في امتلاك السلاح.
* السلاح خطر ومهم
وفي السياق قال القانوني “آدم بكر” لأهمية السلاح وخطورته سبق أن نظم قانون الأسلحة والذخيرة والمفرقعات لسنة 1986 الذي حل محل القانون القديم لسنة 1932 نظم عملية تداول السلاح وحيازته واستعماله على وجه الدقة ليحقق الأمن العام ويحمي المجتمع من عملية التعامل بالسلاح بصورة غير مشروعة، وأن القانون سوّغ للفرد حمل السلاح لما تقتضيه الضرورة لأغراض الحماية الشخصية أو الصيد أو الزينة، وقال “بكر”: إن تجارة السلاح بصورة رسمية موجودة في السودان ومن يمتهنونها قليلون لأن عملية ترخيص السلاح معقدة تبدأ من المباحث وتنتهي بالمباحث، لهذا يحجم الكثيرون عن الدخول في مجال هذه التجارة، وأرجع “بكر” أن انتعاش وازدهار تجارة السلاح لعدة أسباب منها توافر مصادر الحصول على السلاح عبر شبكات الإجرام المنظم حول العالم المسماة بالكارتال، الذين لا هدف لهم سوى جمع المال فقط، ولا يهمهم الشخص الذي يطلب السلاح وأهدافه، وأضاف أن مناطق النزاعات المسلحة بؤرة أخرى لمن يرغبون في شرائه بطرق غير مشروعة.
* تجارة السلاح في تزايد رغم التجريم
وقال “بكر”: على الرغم من وجود قوانين تجرم وتعاقب تجارة السلاح إلا أنها في ازدهار حيث تقوم بعض الدول ببيع السلاح لبعض الجماعات التي تجمعها بها بعض المصالح الوطنية، وأحياناً تعطي هذه الأسلحة لبعض المتمردين الذين يناهضون المجموعات الأخرى، وذلك يعتبر نوعاً من الحرب الخفية بين الدول عبر جماعات معارضة في كل من الدولتين، وقال “بكر”: بالرجوع لقانون الأسلحة والذخيرة نجد أن المادة (18) فيه تمنع حيازة السلاح من دون ترخيص أو إذن وكذلك المادة (26) من نفس القانون تمنع حيازة السلاح من دون ترخيص، وأكد “آدم” أن معظم البلاغات التي ظهرت مؤخراً بخصوص تجارة السلاح وضح أنه تم جلبه من مناطق النزاعات المسلحة وأن عملية تمريره تتم عبر السماسرة الذين يقومون بدورهم ببيعه لجماعات تقاتل أو تناضل خارج السودان، أو بيعه لبعض الأفراد لحيازته بصورة غير شرعية، وإن كل هذا جرمه القانون ودعا “آدم” كل من يمارس هذه التجارة المحرمة أن يتركها لأنه يساعد في بيع سلاح لشخص قد يقتل به نفساً.
* هذه العوامل ساعدت في تنامي الظاهرة
في ذات الاتجاه اعتبر الخبير الأمني عميد معاش “حسن بيومي” أن الاضطرابات الأمنية المستشرية في بعض ولايات البلاد وسوء الأحوال الاقتصادية وثورات الربيع العربي والحدود المفتوحة عوامل لها دور كبير في تنامي ظاهرة الاتجار بالسلاح، وأوضح بيومي أن عملية تهريب وشراء السلاح تتم بصورة معقدة إلى أن تصل إلى التاجر الذي يبيعه بهدف الربح، فإذا لم يجد له زبوناً يقوم بتخزينه بأكياس بلاستيكية ويدفنه في أماكن مجهولة في الصحراء لحين استخدامه مرة أخرى، ورجح بيومي أن يكون الهدف من تهريب الأسلحة إلى داخل العاصمة، تمليكه لخلايا نائمة مدربة على التعامل واستخدام السلاح لتنفيذ محاولات تخريبية، وأكد أن السلاح عندما يقع في أيدي هذه المجموعات تبدأ بالتحرك وتحدث فوضى قد صعب السيطرة عليها لأن هذه الجماعات لن ترضى تسليم السلاح بسهولة.
وأشار “بيومي” إلى تساهل القانون مع الشخص الذي يُضبط بحوزته سلاح فقد يصدر حكم في مواجهته بالسجن (7) سنوات وغيرها، لكن مثل هذه الجرائم يجب أن تكون عقوبتها الإعدام.
وقال “بيومي”: للخروج من هذا النفق لابد من السيطرة على الحدود واحتواء الصراعات وتحسين الأوضاع الاقتصادية لتضييق الحاجة والإغراءات، وإذا لم تحل هذه المشكلة فإن عمليات الاتجار سوف تتصاعد.