تقرير: رشان أوشي
على نحو مفاجئ أعلنت حكومة جنوب السودان فجر أمس (الأربعاء) 25 مارس 2020م، من العاصمة جوبا التي تستضيف التفاوض حول ملف السلام، وفاة وزير الدفاع الفريق أول ركن “جمال الدين عمر محمد إبراهيم” إثر ذبحة صدرية لم تمهله طويلاً، وسبقت تصريحات المسئول بجنوب السودان، تدوينة القيادي بـ(قوى الحرية والتغيير) “إسماعيل التاج” على حسابه على تطبيق (تويتر) قال فيها: (انتقل إلى رحمة الله الفريق “جمال الدين عمر” وزير الدفاع السوداني في الساعات الأولى من فجر اليوم (الأربعاء) إثر تعرضه لذبحة قلبية حوالي الساعة (2) ونصف من صباح اليوم وكان الجميع حوله).
حدث مزلزل
استيقظت الخرطوم على نبأ الرحيل المفاجئ لوزير دفاعها وبدت بين مكذب ومصدق في ظل انتشار الشائعات، غير أن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد د. ركن “عامر محمد الحسن” قطع الشك باليقين في بيان مقتضب نعى فيه وزير الدفاع باسم القائد العام للقوات المسلحة ورئيس هيئة الأركان والنواب وقادة القوات ومديري الإدارات والقادة والضباط والصف والجنود وكل منسوبي القوات المسلحة الفريق أول ركن “جمال الدين عمر محمد إبراهيم” مؤكداً أن المنية وافته فجر (الأربعاء) بجوبا أثر نوبة قلبية.
وسريعاً ما احتسب رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن “عبد الفتاح البرهان”، والنائب الأول لرئيس المجلس الفريق أول “محمد حمدان دقلو” “حميدتي”، وأعضاء مجلس السيادة وزير الدفاع، مشيرين إلى أن الله اصطفاه شهيداً، وهو يدافع ويكافح من أجل استقرار السودان وسلامه وعزته.
ونعى رئيس مجلس الوزراء د. “عبد الله حمدوك” وأعضاء مجلس الوزراء بمزيد من الحزن والأسى الفريق أول ركن “جمال الدين عمر”، مبينين أنه لقي ربه وهو ينافح عن سلام الوطن واستقراره في مفاوضات السلام بجوبا، مشيرين إلى أنه بذل وقته وجهده وصحته من أجل الوطن، وأسهم من خلال موقعه كوزير للدفاع وكمفاوض عن حكومة السودان في وضع أسس الترتيبات الأمنية لسلام دائم وشامل في السودان..
وحركات الكفاح تنعي وزير الدفاع
نعت وزير الدفاع كذلك حركات الكفاح المسلح، والتحالف الحاكم، ودون وزير الصناعة والتجارة “مدني عباس مدني” على حسابه بـ”فيس بوك”، قائلاً: (شكلت الزمالة المدنية العسكرية في الحكومة الانتقالية عاملاً من عوامل التقارب والتفاهم بين مكونات الحكم، موضحاً أن وزير الدفاع كان من الذين يسعون لتوشيج هذه الآصرة).
بعد رحيله
بادر تحالف “الجبهة الثورية السودانية” بنعي الراحل، وقال رئيس الجبهة “د.الهادي إدريس يحيى” في بيان له: (أتقدم باسمي واسم المجلس الرئاسي للجبهة الثورية السودانية بخالص التعازي إلى رئيس مجلس السيادة الفريق أول “عبد الفتاح البرهان”، ونائب رئيس المجلس الفريق أول “محمد حمدان” “حميدتي”، وأعضاء المجلس، في فقيد الوطن الفريق أول “جمال الدين عمر” وزير الدفاع، التي حدثت وفاته المفاجئة في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان.
ووصفه رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، رئيس وفد الحركة لمفاوضات السلام وفريق التفاوض “مالك عقار”، بـ”شهيد الواجب وشهيد السلام”. وقال في بيان له: (وزير الدفاع الفريق أول ركن “جمال الدين عمر”، الذي كان حتى اللحظات الأخيرة من حياته باحثاً عن السلام وإنهاء الحروب وتعهد بالعمل من أجل السلام وبناء جيش وطني مهني واحد لمصلحة جميع السودانيين).
ونعاه رئيس حزب الأمة القومي “الصادق المهدي” قائلاً: (توفي وزير الدفاع وهو في خط دفاع وطني يناضل من أجل السلام، تقبله الله شهيداً في سبيل الوطن الذي يفتقده في وقت يحتاج عطاءه وخبرته، والوطن يواجه الترتيبات الأمنية المتعلقة بالسلام. رحمه الله رحمة واسعة، وأحسن عزاء أسرته الخاصة زوجه “سهام”، وابنه “محمد”، وبناته “مها”، و”ريان”، و”أنسام”، وزملائه في مجلس السيادة، وفي القوات المسلحة السودانية، وفي مجلس الوزراء).
ونعاه حزب المؤتمر السوداني في بيان له جاء فيه: (بذل الراحل جهوداً وطنية كبيرة من خلال موقعه في قيادة القوات المسلحة، والمجلس العسكري الانتقالي السابق لتاسيس الشراكة الانتقالية، عقب الإطاحة بنظام “البشير” البائد، وشارك في مؤسسات الحكم الانتقالي وزيراً للدفاع وعضواً قيادياً بوفد التفاوض، ورحيله خسارة كبيرة لمشروع السلام والانتقال الديمقراطي بالبلاد، تعازينا لأسرته ولحكومة السودان وزملائه بالقوات المسلحة ولوفود التفاوض بجوبا وحكومة جنوب السودان ونسأل الله له المغفرة والرحمة).
حياته ومسيرته:
ينحدر الراحل الفريق أول “جمال عمر” من مدينة حجر العسل بولاية نهر النيل التي ولد فيها عام 1960م، وتلقى تعليمه الأولي بمدرسة القضارف الابتدائية الشرقية بنين، ثم انتقل لمرحلة الثانوية العامة بود بانقا حجر العسل، ثم الثانوية العليا بمدرسة القضارف القديمة، وبعدها للكلية الحربية الدفعة (31) متزوج وأب لثلاث بنات وولد.
نال الفريق أول جمال عدداً من الدورات العسكرية أبرزها دورات الاستخبارات الأساسية والمتقدمة، ويحمل درجات علمية أهمها ماجستير علوم عسكرية من كلية القيادة والأركان المشتركة السودانية، ودبلوم الدراسات الدولية ـ جامعة نيروبي، ودراسات في اللغة الإنجليزية من المجلس البريطاني بنيروبي (كينيا)، وزمالة كلية الدفاع الوطني ـ السودان، وزمالة كلية الدفاع الوطني ـ الجمهورية العربية السورية. كما حاز خلال فترة عمله بالقوات المسلحة الطويلة عدداً من الأوسمة والأنواط، أبرزها (نوط الواجب، ونوط الخدمة الطويلة الممتازة، ووسام الصمود، ووسام الدفاع الذهبي، ووسام النيلين الطبقة الأولى، كما عمل بعدد من وحدات الجيش السوداني (اللواء العاشر الشمالية شندي)، اللواء عشرون (مدني)، حامية الجنينة (غرب دارفور)، معهد الشئون الإدارية ، المنطقة العسكرية الاستوائية (فترتان)، وشعبة الاستخبارات، المنطقة العسكرية الاستوائية 2000، منطقة البحر الأحمر العسكرية، هيئة الاستخبارات العسكرية، رئاسة أركان القوات البرية وزارة الدفاع”. وتقلد عدداً من المواقع الإدارية في القوات المسلحة، أبرزها (معلم بمعهد الشئون الإدارية، معلم بمعهد الاستخبارات العسكرية، رئيس شعبة الاستخبارات بعدد من المناطق العسكرية، مدير مركز المعلومات بهيئة الاستخبارات العسكرية ، مدير إدارة الاستخبارات برية، مدير إدارة الاستخبارات العامة، مدير الإدارة العامة للمعلومات، مدير الإدارة العامة للعلاقات الدولية بوزارة الدفاع، رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، وتمت إحالته الى المعاش، بيد أن وزير السابق “عوض ابنعوف” أعاده للخدمة وعينه أميناً عاماً لوزارة الدفاع، ومن ثم أصبح عضواً بالمجلس العسكري الانتقالي، وترأس لجنة الأمن والدفاع بالمجلس العسكري الانتقالي، وكلف بمهام مختلفة في فترات متباعدة أهمها ملحق عسكري بدولة كينيا، وممثل ووزارة الدفاع في معظم اجتماعات المنظمة الإقليمية لقوة طوارئ شرق إفريقيا وقوات القدرة الإفريقية الجاهزة للتصدي للأزمات.
وداع جوبا
ودعت حكومة جنوب السودان جثمان الراحل، بجنازة عسكرية رسمية تقدمها نائب رئيس جمهورية جنوب السودان “حسين عبد الباقي”، ومستشار الرئيس للشؤون الأمنية الفريق “توت قلواك” رئيس فريق الوساطة الجنوب سودانية، فضلاً عن وزيرة الدفاع بدولة جنوب السودان “أنجيلينا تينج”، ورئيس هيئة أركان الجيش الشعبي لجنوب السودان، وعزفت الموسيقى العسكرية المارشات، ورافق جثمان الفقيد الناطق الرسمي باسم الوفد الحكومي لمفاوضات جوبا “محمد حسن عثمان التعايشي”، وعضوية الوفد، بجانب مشاركة ممثلي دولة جنوب السودان والجبهة الثورية السودانية.