الشيخة "جميلة": أبونا "البرعي" كان نصيراً للمرأة!!
اختارت أن يكون تقديم المشروبات يوم الاثنين من كل أسبوع خدمتها المفضلة بمسجد (الشيخ البرعي)، ففي الاثنين ولد الرسول الكريم “صلى الله عليه وسلم” وهي ذكرى عطرة لا شك، والاحتفال بها له معنى خاص ولياليها لها أسرار بالغة، والأجواء الروحانية تنعش القلوب وتنشر مبادئ وقيم الإسلام والتسامح بين الناس والكرم، حيث الهدف واحد هو محبة الرسول “صلى الله عليه وسلم”.
{ صاحبة رسالة:
تقول الشيخة “جميلة عوض”: إنها اختارت أن تكون خادمة للخلاوى بتقديم المشروبات من (قهوة ومديدة وعصائر) مجاناً، وإنها مشروبات مباركة بإذن الله، خاصة وأنها تقدمها للذين يصلون ويسلمون على الحبيب المصطفى، وأضافت: هذا العمل يأتي انطلاقاً من حديث “زيد بن حارثة” (رضي الله عنه)، أن رسول الله “صلى الله عليه وسلم” قال (صلوا عليَّ واجتهدوا في الدعاء وقولوا: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد)، وهو دليل على محبة النبي وأداء لحقوق المصطفى علينا، وسبب لنزول البركة من الله عز وجل على المصلين على النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم.
الما عندو محبة ما عندو الحبة
وتمضي الشيخة “جميلة” قائلة: دأبنا في عملنا أن لا يهدأ لنا بال إلا بعد أن نستقبل كل ضيف ونجلسه في مكانه، ونقدم له الخيرات مثل الشربات والبلح والعصيدة وشاي اللبن باللقيمات، والقهوة وهذا يؤكد مدى ترابط المجموعة بعضهم ببعض، ودل على عظمة يوم الاثنين، يوم مولد المصطفى، كما فيها تطبيق لشعار (الما عندو محبة ما عندو الحبة) والذي ترجمناه إلى واقع ملموس بالتكافل والمشاركة الجماعية.
{ أم الهمل:
وتستطرد الحاجة “جميلة” قائلة: أطلق عليَّ لقب “أم الهمل” أخي الحاج “علي إدريس”، وهو من أحب أحباب الشيخ “البرعي” ومن المقربين له، وأذكر في بداية عملي بمجمع الشيخ “البرعي” بـ(حي المجاهدين) عام 2007م، أنه في عصر كل يوم (اثنين) كان يأتي هو وأصحابه منهم الشيخ “الريح” لشرب البركة (القهوة) التي أقدمها مجاناً في المسجد، ويقومون بتحيتي ويرددون كلمة السلام عليكم، فإذا بي أرد عليهم السلام وأنا منهمكة في تجهيز المشروبات لحفظة القرآن والصائمين والأطفال والشباب والنساء، ولا أرفع رأسي لأنظر لهم، ثم يغادرون وهم في حيرة من أمرهم، ويقولون إن هذه الحاجة لا هم لها غير إدخال الفرحة في نفوس الصغار والمشردين وأطفال الأورنيش والطبالي والدرداقات، الذين يأتون من السوق العربي والمحلي، بجانب أطفال (دار الأرقم) الذين يتغيبون عن دارهم عصر (الاثنين)، ويحضرون إلى مسجد الشيخ “البرعي”، وعندما بحثت المسؤولة الأستاذة “بدرية عبد العزيز” عن سبب تغيبهم وسر فشل برنامجها، أكدوا لها أنهم يذهبون إلى مسجد “البرعي”، يحتسون المشروبات مجاناً خاصة (القهوة)، وأضافت: يحتفظون بقهوتي عدة أيام ولا يتغير طعمها وهذه بشهادة الجميع ممنِ يحضرون إلى ذكر يوم (الاثنين) من كل أسبوع بالمجاهدين.
{ الشيخ البرعي نصير المرأة:
وعن مولانا الراحل المقيم الشيخ “البرعي” طيب الله ثراه، قالت الشيخة “جميلة عوض” إن أبانا “البرعي” كان يقف دائماً مع المرأة ويؤيد النساء ويرفع من قدرهن، ويتبادل معهن الحديث بتواضع شديد كعادة آبائنا المشايخ، وظل شيخنا يكرم المرأة لأنه يحس بعظمتها كإنسانة، وفي مدائحه يوصي بإكرامها وتعليمها أمور دينها، كما يدعو لعدم ختانها في مقطع يقول فيه:
قط لا تختنوهن والدين الحنيف علموهن
وما تلبسي الضيق وأطري القبر ضيق
والمرأة لو قرت في العين
لا بد من تعرف علوم الدين
وأضافت: الإنسان السوداني لا يحتاج للتعريف بالشيخ “البرعي” وإسهاماته الجليلة في مناصرة قضايا المرأة المسلمة، وعدم مجارة المرأة السودانية المسلمة للكافرة بتقليدها في زيها وتبييض وجهها بالكريمات الحارقة، كما قال أحد المنشدين: (الكريمات غش دائماً تحرق الوش).
كرامات الشيخة “جميلة”
أشارت الشيخة “جميلة” إلى أنه وفي بداية عملها تخوف بعض الحيران وحفظة القرآن من وجود هذه المرأة بهذه القوة وذاك الانفعال والمحبة الجياشة في خدمة القوم، منهم من قال هذه المرأة جاياكم من الدفاع الشعبي، ومنهم من قال تريد توزيع المخدرات من خلال القهوة، فعزم أحدهم وهو الآن طالب بـ(جامعة أم درمان الإسلامية) يدعى “أنس” عزم على نفسه ألا يشرب من مشروباتي، وتبسمت الشيخة “جميلة” قائلة وبعد مرور سنتين رأى “أنس” رؤيا هو وآخرين في ليلة واحدة وزمن واحد، أن الشيخ “البرعي” ومعه المصطفى صلوات الله عليه، جالسين معاً والجلسة في نفس مساحة الصلاة على النبي توضع الكوانين والمشروبات، فأصبحوا في الصباح وكل واحد منهم يحكي بالرؤيا، والآخر يوصف له المشهد كاملاً، وحضروا أمامي جميعاً يطلبون العفو.
{ أمنية لـ(المجهر):
وتقول الشيخة “جميلة” في ختام حوارنا معها إن الشيخ “البرعي”مُربٍ قدير وداعية له فنون جذب عالية، يدعو محبيه ومريديه للهمة والتجرد، حيث وظفَّ كل من حوله لدور محدد، سواء أكانوا أبناءه المباشرين، أو تلاميذه المقربين حتى يقوم البناء على أسوة حسنة وعروة وثقى. فقد كان أبونا “البرعي” لا ينكر فضل أحد من أهل العطاء، ويظهر ذلك خلال قصائده التي يذكر فيها أصحابه الشيوخ من “عباس ود الشايقي” و”فرح” وغيرهما من مشايخ الطرق الصوفية.
وفي الختام قالت الشيخة “جميلة” إنها برسالتها استفادت من الجانب الإعلامي لإيصالها للآخرين بمختلف هوياتهم، وسعت عبرها لتحريك النساء الخيرات اللاتي يقدمن الملابس وأدوات الطبخ والحلويات والوجبات المختلفة للمحتاجين، ويكرمن طلاب الخلاوى والعلم، ويعملن على محاربة (الايدز)، وتشجع زواج البركة والتخلي عن العادات الضارة والتصدي للثقافات الأجنبية.