{ غالبية الناس في زماننا هذا دائماً ما يفصلون بين الإيمان بعقيدة الإسلام وبين العمل المهني أو الوظيفي الذي يساهم به الفرد منا في عمليات التنمية والعمران وزيادة الإنتاج أو توفير احتياجات الناس ومتطلباتهم المعيشية.
{ ويجب أن ينتبه الناس إلى أن العبادات لا تنفصل عن العمل، فالعمل عبادة والعبادة عمل.
{ وما يؤكد بأن الإسلام عقيدة عمل والعقيدة تتصل بوحدانية الله والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله والإيمان باليوم الآخر والإيمان بالقضاء والقدر.
{ والله سبحانه وتعالى في حكم تنزيله يخاطب الذين عملوا الصالحات.
{ وكلمة عمل ومشتقاتها من أكثر الكلمات التي وردت في القرآن الكريم.
وهذا يبرهن أن الإنسان يحاسب على قدر عمله وفي قوله تعالى (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خيراً يَرَهُ).
{ وفي هذا تأكيد على اهتمام الإسلام بالعمل الصالح وليس هذا العمل مقصوراً على العبادات فقط، إنما يشمل جميع المعاملات، وقد جعل الله العبادات طريقاً للعمل الصالح الذي ينفع الناس في الدار الآخرة والعمل ينفعهم في دنياهم والحرص على العمل والإخلاص في أدائه وتجويده من أجل زيادة الإنتاج من المطالب الإيمانية الملحة، وقد حفز الإسلام على العمل.. وكان الرسول “صلى الله عليه وسلم” قدوة لذلك خلال مسيرة حياته، حيث ضرب لنا الكثير من الأمثال التي تحث على العمل ومن بين هذه الأمثال تلك القصة التي تروى عن النبي “صلى الله عليه وسلم” عندما كان ضمن جماعة من صحابته الأبرار قاموا بذبح شاة لطعامهم، وقبل أن يشرعوا في ذبحها وزعوا العمل فيما بينهم:
فقال الأول: أنا عليّ ذبح الشاة، وقال الثاني: أنا عليّ سلخها، وقال الثالث: وأنا عليّ طبخها، وجاءت مشاركة رسولنا الحبيب بقوله وأنا عليّ جمع الحطب.. وهنا قال له الصحابة استرح يا رسول الله ونحن نكفيك هذا العمل، عندها رد المصطفى “صلى الله عليه وسلم”: (بأن العمل قسمة بين الشركاء وهو لا يحب أن يجلس بينما يعمل الآخرون).
وفي السيرة النبوية أيضاً نجد أن رسولنا الحبيب كان يحث الصحابة على الاجتهاد في العمل وتجويده وإتقانه.
وتركز بعض الأحاديث أنه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قام بتكريم ذلك الرجل الذي ظل يعمل ويتفانى ويخلص في عمله حتى خشُنت يداه، وعندما أمسك الرسول بيده وتحسسها قال (هذه يد يحبها الله)، وفي هذا تكريم وتحفيز لمن يخلصون في العمل، وفي هذا أيضاً إشارة على أن العبادة في الإسلام لا تنحصر على أداء الشعائر والعبادات، وإنما العبادة الحقة تظهر في التزام المسلم وحرصه على القيام بواجبه العملي في كل أوجه الحياة.
{ فالعمل إذن مطلب إيماني يجب أن يسعى إليه كل مسلم ويبذل قصارى جهده ويخلص في أداء المهام الموكلة له حتى يستكمل إيمانه.