شهادتي لله

آخر سنوات “البشير” (22)

تصاعد تيار التحفظ على إعادة ترشيح الرئيس السابق “عمر البشير” لدورة جديدة في انتخابات 2020، داخل المكتب القيادي ومجلس شورى المؤتمر الوطني خلال فترة المهندس “إبراهيم محمود” الذي لم يتحمس لطرح القضية داخل الحزب. ويرى هذا التيار الذي يقف خلفه الدكتور “نافع علي نافع” أن الوقت لم يكن مناسباً في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، وتبرم الشعب من الضائقة المعيشية، وتطاول سنوات حكم “البشير” ، أن يتبنى الحزب إعادة ترشيحه .
ولأن دستور البلاد وكذا النظام الأساسي للحزب لا يسمحان بدورة إضافية للرئيس، كان لابد من تعديل الدستور والنظام الأساسي للحزب ، وهي معركة طويلة استمرت إلى ما بعد إقالة “إبراهيم محمود” من منصب نائب رئيس الحزب ، وتصعيد رئيس قطاع التنظيم الدكتور “فيصل حسن إبراهيم” ليصبح نائباً لـ”البشير” في الحزب في فبراير 2018م .
وتهمس لي بعض المصادر أن “فيصل” اقترب من الرئيس في أواخر عام 2017م بعد تعيين “حاتم حسن بخيت” مديراً لمكتب الرئيس، مفارقاً تيار الدكتور “نافع” و”إبراهيم محمود” الذي يضم أكثر من نصف أعضاء المكتب القيادي . التقى “فيصل” بالرئيس عدة مرات ، وأصبح رجله في الحزب، وظل عضواً أساسياً في كل رحلات الرئيس في الولايات باعتباره وزير ديوان الحكم الاتحادي، بينما كان الهدف الأساسي من وراء تلك الرحلات استنفار هياكل الحزب في الولايات لدعم ترشيح “البشير” في العام 2020م ، وتزعم عدد من الولاة الحملات باعتبارهم رؤساء الحزب في الولايات .
رافقتُ الرئيس السابق في العام 2017 م في عدد من الزيارات الولائية ، منها زيارته إلى “كسلا” ، “بورتسودان” و”مدني” ومحليات ولاية الجزيرة . كانت الفقرة الأساسية في اللقاء الجماهيري الحاشد في كل زيارة هي تقديم رموز الولاية ونظار القبائل وثيقة عهد وميثاق لإعادة ترشيح الرئيس لدورة جديدة في الانتخابات المقبلة .
لم يكن نائب رئيس الحزب في المركز “إبراهيم محمود” سعيداً بتلك الحملات الاستباقية التي تسعى لفرض خيار وحيد على أجهزة الحزب ، قبل أن يحين أوان الترشيح ، في آخر مؤتمر شورى قبل انعقاد المؤتمر العام في العام 2019م .
خرج “إبراهيم محمود” متحدثاً في الصحف مجدداً تأكيداته بأن حزب المؤتمر الوطني لم يحسم بعد قرار إعادة ترشيح الرئيس لدورة إضافية ، فزادت المسافة النفسية بينه و”البشير” .
إذن .. يواجه الرئيس مأزقاً في الحزب ، فكيف يمكن تخطيه ، وعدد الرافضين والمتحفظين على تجديد رئاسته ، داخل المكتب القيادي أكبر من المؤيدين؟!
وخارج الحزب تشكلت مجموعة أخرى في الجهاز التنفيذي تضم النائب الأول للرئيس الفريق أول “بكري حسن صالح” ومدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول “محمد عطا المولى عباس” وعدد من الوزراء والتنفيذيين على مستوى أدنى، مثل وزير الدولة بمجلس الوزراء” جمال محمود” الذي شغل من قبل وظيفة أمين قطاع الطلاب بالمؤتمر الوطني . هذه المجموعة أيضاً أقرب إلى الدكتور “نافع” ، وترى في “بكري” الخليفة الأنسب لـ”البشير” .
في ظل هذا المشهد المضطرب ، بدأ مدير جهاز الأمن السابق الفريق أول “صلاح قوش” الاقتراب من المسرح، انتظاراً للحظة المناسبة للوثوب على خشبته، وتمثيل دور (البطل المُخلِّص) !
اقترب “قوش” أكثر ، ودخل لعبة (2020)، وتحيّن فرصة زيارة “البشير” للولاية الشمالية لافتتاح مهرجان “البركل”، في منتصف ديسمبر 2017م ، وقدم مع أهله من أعيان الولاية، وثيقة عهد والتزام بإعادة ترشيح الرئيس لدورة جديدة ، بينما لم يكن والي الولاية المهندس “علي العوض” متحمساً لتقديم الوثيقة !! لم يعمِّر “العوض” في المنصب كثيراً ، فغادره في أول تعديلات على مواقع الولاة .
بعد أقل من شهرين ، في فبراير 2018م عاد الفريق “قوش” الذي كان متهماً بتدبير محاولة انقلابية في العام 2011م ، عاد إلى مكتبه الذي غادره في العام 2009م .. مديراً لجهاز الأمن والمخابرات الوطني !

نواصل غداً .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية