الأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم الدكتور "محمد الحسن العكد" لـ(المجهر)
أزمة الدواء وتصاعد الأسعار وفرض رسم بقيمة (1%) على استيراد الأدوية، جعل المجلس القومي للأدوية والسموم في مرمى اتهامات بالثراء الحرام، وألمح البعض إلى ثمة علاقة مصلحية بينه والمستوردين، وقيام الشركات بدفع الإيجار الشهري لمقر المجلس بعد تعثره في السداد.
وضعنا كل تلك الاتهامات وقضايا أخرى تتعلق بالدواء على منضدة الدكتور “محمد الحسن إمام العكد” وأجاب (الرجل) عن جميع أسئلتنا بصدر رحب.. فإلى مضابط الحوار.
{ دكتور “العكد”.. أثيرت خلال الفترة الماضية مشاكل تتعلق بالمجلس واتهامات طالتك شخصياً؟
– اعتقد أنها حملة تستهدف المجلس وليس شخصي، لسبب واحد فقط لا غير هو رسم نسبة الـ(1%)، ودخول موارد جديدة لخزينة الدولة، وجزء مقدر منها سيأتي لتفعيل دور المجلس في مجال الرقابة الدوائية والتحليل الدوائي وتأهيل المعمل المرجعي واستبقاء الكوادر.. وهذا هو السبب الرئيسي من وراء هذه الحملة، ولا شيء غيره.
{ ولماذا يُستهدف المجلس برأيك؟
– حقيقة أنا (ما عايز) أخوض في تفاصيل، لأن المواطن لا ناقة له ولا جمل في هذا الموضوع، وهي قصة قديمة ويمكن كل الصيدلانيين المتابعين لمسار مهنة الصيدلة يعرفون تماماً موضوع نسبة الـ(1%) التي كانت تخصم من الدواء سابقاً والآن صارت رسم الاستيراد.
{ معنى هذا أنك تتهم جهة محددة بإثارة الموضوع؟
– أنا لا أتهم أحداً بإثارة البلبلة، ولم أدخل في صراع أبداً في الماضي ولن أدخل في المستقبل مع أية جهة، وأقول إن رسم الاستيراد في المجلس كان قيمة ثابتة لأية شركة تستورد أدوية من خارج السودان ويتم أخذ لاسم استيراد بقيمة (100) جنيه للفاتورة.. إذا كانت هذه الفاتورة بمبلغ ألف دولار أو بمليون دولار يؤخذ رسم استيراد (100) جنيه فقط لا غير. الآن رسم الاستيراد بدل قيمة ثابتة بات الذي يستورد أكثر يدفع نسبة أكثر من (1%) والقيمة تكون أكثر من الذي يستورد نسبة أقل، كما أن رسم الـ(1%) يتم التحصل عليه باتفاق مع وزارة المالية وبإيصال (15) ويدخل خزينة الدولة.. وهذا الرسم هو سبب كل الحملة الدائرة الآن.
{ لكن إلا يجعلكم رسم الـ(1%) تحت تأثير وضغط الشركات الموردة للدواء وغرفة المستوردين؟
– (رد بسرعة) أبداً.. فعلاً هناك حديث دار حول علاقة المجلس بالاستيراد، وأنا أقول نحن لسنا أعداء لأحد، وليس لنا عداءات مع أحد، كما لا نحابي أو نجامل أحداً، يعني لا شيء يجعلنا نكون أعداء لأحد، ولا شيء يجعلنا نحابي أو نجامل أحداً في تطبيق القانون واللوائح الخاصة بعملنا في المجلس، ونحن نقوم بعملنا بمهنية تامة بدون تأثير حتى من الدولة نفسها ناهيك عن الشركات المستوردة أو غير المستوردة.
{ هنالك حديث يدور حول أن شركات الأدوية تقوم بدفع الإيجار الشهري لمقر المجلس؟
– أنا أمين عام للمجلس منذ سبتمبر عام 2010م، ولم تقم شركة بدفع مليم واحد للإيجار.
{ مقاطعة.. بالرغم من وجود تعثر في ميزانيات المجلس؟
– بالرغم من وجود مشكلة في التسيير، ولولا مرونة أصحاب المقر لكنا الآن في العراء.. والآن تُسدد الإيجارات شهراً بشهر ولن تكون هناك مشكلة في الإيجار.. سننشئ مقراً للمجلس من الموارد الجديدة يسع المجلس والمعمل وسيكون مقراً ثابتاً ملكاً للدولة.
{ البعض يتساءل عن السبب وراء موافقة المستوردين على خصم (1%) علماً بأنهم كانوا يعترضون سابقاً؟
– وافقوا لسبب واحد فقط، لأنها تحصّل بإيصال (15) وتذهب لخزينة الدولة ولا تدخل في حساب الأسعار، وهو رسم كرسم التحليل والتسجيل أو أي رسم مفروض من المجلس على الشركات، يعني رسم عادي ولا يستطيع أحد أن يعارضه (وزي ما نحن نقول رسم تحليل الدواء مثلاً 300 جنيه وهو رسم مفروض من الدولة باتفاق مع وزارة المالية إذاً مافي مشكلة).
{ هل تعني أن الرسم سابقاً كان مخالفاً؟
– في ذاك الوقت كان لا يحصّل بإيصال (15) ولا يدخل خزينة الدولة، وأحدث إشكالات كبيرة، وأنا لم أكن في ذلك الحين موجوداً في المجلس ولا في السودان، ولا أعرف عنه شيئاً.
{ دكتور “العكد”.. الموارد الجديدة وضعتكم أمام مرمى اتهامات بالثراء الحرام وإدخال أدوية مغشوشة وهناك بلاغ فُتح ضدكم.. ما قولك؟
– لم يصلنا أي استفسار من أية جهة قانونية أو حكومية حول كسب حرام كما لم نتلق أي بلاغ عن دخول أدوية مغشوشة.
{ هناك أزمة طاحنة حالياً في الأدوية وارتفاع أسعارها؟
– أي كلام يدور حول وفرة دوائية لا أحد يستطيع أن يعطي إجابة عنه عدا المجلس القومي للأدوية والسموم، لأن كل الأدوية المستوردة تدخل عبره.. يعني لا يستطيع الإجابة عن السؤال إلا المجلس القومي، ولم تأت أية صحيفة في الفترة الماضية لتسأل عن الوفرة الدوائية وعن أسعار الأدوية وهل هي أسعار قانونية أم لائحية.. لم تأتنا أية صحيفة.. وكل ما أثير في الإعلام كان من جهات خارج المجلس.
{ نحن نستقي معلوماتنا من الصيدليات التي تبيع الدواء ووجدنا ارتفاعاً بنسبة (100%) و(200%) في الأدوية وأنتم تعللون دائماً ارتفاع الأسعار بارتفاع سعر الدولار.. هل ارتفع الدولار بنسب (100%) و(200%) كما ارتفعت أسعار الأدوية؟
– صحيح.. والسبب في بعض الأحيان ونحن متابعون لأزمة النقد الأجنبي منذ أن تحول سعر صرف الدولار من (2,8) إلى (5,28) جنيه حتى تصاعد ووصل (5,7)، وهذه الزيادة الكبيرة جداً التي فاقت (100%) في سعر صرف العملات الأجنبية لا شك أنها تؤثر على سعر الدواء المستورد، لأن الدواء المستورد بالكامل يُشترى بالنقد الأجنبي، وصادف أن بعض الشركات استوردت في نفس أيام التحويل وكانت الأسعار في زيادة كبيرة، لكن بعض الشركات كان لديها بعض الأصناف في مخازنها، وبعض الشركات احتفظت بأسعارها القديمة وبدأت الزيادة منذ شهر يوليو من العام 2012م.
{ ماذا عن توجيهكم للشركات ببيع الدواء بسعر (9) جنيهات للدولار؟
– نحن لا نخاطب الشركات، بل الشركة تأتي إلى قسم الأسعار بالمجلس. ولم نصدر أي قرارات لأية جهة بتحديد سعر الدولار، فهو يُعلن من بنك السودان وسعره (5,7)، وأتحدى أية جهة قالت سعر دولار الدواء (9) جنيهات. ليس هناك دولار بتسعة جنيهات، الدولار بـ(5,7) جنيه تضاف إليها كل المنصرفات وأرباح الشركات (15%) وأرباح الصيدليات (20%).. وحقيقة كثير من الشركات لم تستطع الحصول على الدولار من البنوك التجارية، ونحن لا نسعر إلا وفقاً للائحة والمستندات، وأية شركة تأتي بسعر صرف بنك السودان (5,7) جنيه ونحن نحسب مصروفات التخليص والتأمين والمصروفات البنكية من مواردها الذاتية، وهناك مستندات رسمية من البنوك بأن الشركة غطت من مواردها الذاتية بما يعرف بسعر الصرف الموازي.
{ إذن ماذا عن إلغاء (9) دولارات للدواء بتصويت بالإجماع في آخر اجتماع للمجلس؟
– الاجتماع ناقش أسعار الأدوية بما دار في الإعلام، ولم يكن هناك تصويت أصلاً ولم يكن هناك شاذ في الاجتماع، وكل الذين كانوا موجودين في الاجتماع هم أعضاء بالمجلس ولم يجر التصويت داخل الاجتماع، وكل ما قيل إن بنك السودان تعهد بتوفير النقد الأجنبي لكل فاتورة استيراد الأدوية، وهذا يعني أن كل الشركات ستأتي باعتماداتها مباشرة للبنوك التجارية ويغطيها بنك السودان، وهذا سيؤدي إلى انخفاض سعر الدولار.. هذا ما دار تماماً في الاجتماع، ولم يكن هناك تصويت ولا إلغاء لتسعيرة.
{ هل يعني هذا أن الدولار لا يزال بسعر (9) جنيهات؟
– الذي حدث أن الشركات الآن تأتي بموارد ذاتية، هذا هو الجديد في الأمر، وإذا تعهد بنك السودان بتوفير النقد الأجنبي إذاً لا داعي لأية شركة أن توفر دولاراً من مواردها الذاتية (إذا وجدت سعراً مناسباً لماذا توفر من مواردها الذاتية؟).. هذا ما سيجعل توفير الدولار بالسعر الجاري حسب سياسة بنك السودان الحالية، وسيساهم في انخفاض أسعار الأدوية.
{ برأيك.. متى ستنخفض أسعار الأدوية؟
– إذا التزم بنك السودان بتعهداته تجاه فاتورة استيراد الدواء سيكون هناك انخفاض واضح في سعر الأدوية في السوق.
{ هناك تعقيد في إجراءات تسجيل الأدوية مثلاً مصنع (أزال) ظل ينتظر شهوراً متطاولة وهو استثمار يمني؟
– كثير من الناس تحدثوا عن مصنع (أزال)، وهو مصنع تم التسجيل له الآن في العام 2013م ضمن المصانع الوطنية لكي يصنع الأدوية، ولم يستطع تصنيع كل الأدوية المسجلة، والتأخير في التسجيل كان بسبب شح الموارد بالمجلس وقلة العاملين، وهذا ما ستتم معالجته بالموارد الجديدة وسنستنفر عدداً كبيراً من الصيدلانيين العاملين في القطاع الخاص.. التسجيل عملية معقدة، والتأخير لا يكون على المجلس فقط بل هو شأن مشترك بين المجلس والشركة والمصنع، لكن للأسف كثير من الشركات والمصانع غير مستوفية كل الشروط، كما أن المتطلبات ناقصة ويوجد نقص في الملفات، ونجد مستندات فيها إشكالات يجب تصحيحها ومراجعتها، لذلك يكون التأخير. كما أن معمل التحليل يعاني من نقص كبير جداً في الأجهزة والمعدات، ونحن نعالج هذه المشكلة الآن بزيادة العاملين لمراجعة الكم الهائل من الملفات المتراكمة. وهنالك لجنة شُكلت من مجلس الوزراء لتخفيض الأسعار، واللجنة ما زالت تبحث عن أسباب وعوامل تساهم في تطوير الصناعة الوطنية. وقد اتخذ القطاع الاقتصادي قراراً بإلغاء رسوم القيمة المضافة لمواد تغليف الأدوية (17%)، ورسم الاستيراد والمواد الخام (3%)، ما يعادل (20%)، وهذا يعدّ إضافة حقيقية للصناعة الوطنية، وعاملاً مهماً لجذب استثمارات جديدة في السودان. والآن لدينا (4) مصانع جديدة منها (3) استثمارات جديدة، وعندما يتم تشجيعهم بإلغاء الرسوم يكون لديهم دافع كبير لإنتاج أكبر كمية من الأدوية، وهذا هو المخرج الحقيقي لقضية الأسعار في السودان.