مواجهة بين الإعلام وحكومة الخرطوم .. حول ملف الصحة ..!!
مواجهات ساخنة دارت رحاها بين حكومة ولاية الخرطوم ممثلة في الوالي “عبد الرحمن الخضر”، ووزير صحته البروفيسور “مامون حميدة” وبعض الصحافيين والإعلاميين في قاعة الصداقة بالخرطوم عصر أمس، بعد أن تحول لقاء تفاكري بين الطرفين إلى شد وجذب حول قضايا رئيسية تتعلق بصحة المواطنين وتردي الخدمات الصحية والعلاجية وارتفاع تكاليفها بشكل لافت دون مبرر وتقديم الخدمة العلاجية للمواطنين، وعلى رأس تلك القضايا القرارات الأخيرة التي اتخذتها وزارة الصحة المتعلقة بنقل وترحيل وتحويل بعض أقسام المستشفيات من وسط الخرطوم الي الأطراف، من بينها حوادث مستشفى “جعفر بن عوف” للأطفال إلى مستشفى “إبراهيم مالك”، ونقل وتجفيف مشرحة مستشفى الخرطوم ونقلها إلى مستشفى بشائر، ونقل الخدمات الصحية من وسط الخرطوم إلى أطراف العاصمة. وبينما يرى بعض الصحافيين أن هنالك نية مبيتة من قبل حكومة الولاية حول بيع تلك المواقع وتحويلها إلى مواقع استثمارية على حساب المواطنين وشقائهم في البحث عن الخدمات العلاجية في الأطراف، تتمسك حكومة ولاية الخرطوم برؤيتها حول الأمر وتدافع بشدة عن قراراتها، ما أثارت تلك القضايا الصحية المعقدة ردود أفعال متباينة بين مؤيد ومعارض ومتحفظ عليها، وحالة من الشد والجذب وكادت تتحول إلى ملاسنات لولا تدخل والي الخرطوم.
وزير الإعلام : مامون حميدة ليس بدعة ولا يعزف منفرداً
وبدا وزير الثقافة والإعلام بولاية الخرطوم “محمد يوسف الدقير” الذي ابتدر الحوار وأدار اللقاء التفاكري لوالي الخرطوم “عبد الرحمن الخضر” ووزير الصحة في الولاية “مامون حميدة” مع قيادات العمل الإعلامي، واثقاً من أن حكومته تطرح على الإعلاميين كتاب (إنجازها) وتسعى لتمليك الحقائق للرأي العام، ويشير إلى أن وزارة الصحة الولائية وزارة خدمية وأن إنجازاتها لا تخطئها العين – على حد تعبير الرجل، وأن السياسات و(الإنجازات والثورة) التي تبناها وزير الصحة “مامون حميدة” هي سياسات حكومة وأن الوزير “حميدة” (ليس بدعة ولا يعزف منفرداً) وكل الذي تبناه من قرارات بشأن العمل الصحي في الخرطوم واتخذه جاء بموافقة حكومة الولاية حول تقريب الخدمة العلاجية للمواطنين في مواقعهم دون تكليفهم عناء المشقة والترحال بحثاً عن الخدمة العلاجية.
مامون حميدة: لدينا مشكلات في نقل الأرقام والمعلومات في الصحف
ويرى وزير الصحة بالخرطوم “مامون حميدة”، في مداخلته أن قضايا الصحة يجب أن يتفق الجميع على حساسيتها وأن يتم الاتفاق على التعامل معها بالدقة المطلوبة والمتناهية، بمثل ما يتم التعاطي والتعامل مع قضايا الجيش والأمن القومي، وأن زلزلة الثقة في المواطنين حول الصحة تعتبر مسؤولية أخلاقية وأن وزارته من حيث المبدأ تعمل على إيصال الخدمات الطبية إلى اطراف العاصمة الخرطوم وتعمل على تقديم الخدمات الوقائية والعلاجية وتأهيل العاملين في الحقل الصحي وتدريبهم حتى لا يحدث أي خلل وتقاطعات بين الوزارة والمؤسسات الإعلامية، ويعيب على وسائل الإعلام عدم الدقة في نقل المعلومات والأرقام ويقول: (عندنا مشكلة في نقل المعلومات) وضرب مثلاً بمسألة وفيات الأمهات في السودان ونقل معلوماتها فضلاً عن النقل الخاطئ عن أرقام الأخطاء الطبية في البلاد ويقول إن نسبة الأخطاء الطبية في البلاد لا تتجاوز ما بين (5% إلى 15%) وأن النسبة في البلاد لم تتجاوز (5%) وأن (86%) من نسبة الـ(5%) مقدور عليها وعلى تلافيها، لكن بعض الصحف نقلت أن النسبة وصلت الى (86%) من الأخطاء الطبية وأن بعضاً من الذين يدخلون مجال الصحافة ليس لديهم أدنى معلومات حول القطاع الصحي وغير مدركين لتفاصيله ويعتبر الخطوة مجرد (هلاميات من قبل الإعلاميين ما يؤدي إلى ضرب الصحة في مقتل) وليس ضرب الوزير الذي يمكن أن يتخلى عن الوزارة في أي وقت، بجانب تضخيم وسائل الإعلام لقضية نقص الأكسجين التي حدثت في مستشفى الخرطوم بحري العام الماضي وأن وزارته شكلت لجنة للتحقيق حول الحادثة وأن اللجنة أثبتت عدم وجود مشكلة في القضية، وأن الأمر تحول للقضاء وأن المحكمة برأت الجهات التي تسببت في القضية لكن وسائل الإعلام لم تتحدث عن براءة القضية وحتى كتاب الرأي الذين تبنوا القضية لم يكتبوا حول القضية بعد البراءة.
ويمضي الوزير في أن وزارته في هذا اللقاء قصدت طرح أربع قضايا رئيسية أثيرت في وسائل الإعلام خلال الفترة القليلة الماضية تتمثل في مشكلة نقل أقسام من مستشفى “جعفر بن عوف للأطفال”، ومشكلة نقل مشرحة مستشفى الخرطوم، وتجفيف وتفكيك أقسام من مستشفى الخرطوم، فضلاً عن نقل الخدمات الطبية والعلاجية من مركز الخرطوم إلى أطراف العاصمة، وأن البعض فسر عدداً من التفسيرات حول تلك القضايا، ويقول إنه فور تسلمه لمنصب الوزارة يرى أن قرار أيلولة المستشفيات من الوزارة الاتحادية إلى حكومة ولاية الخرطوم من القرارات الإيجابية باعتبار أن الأمر سيؤول إلى إدارة واحدة بدلاً عن إدارتين، وأن نقل المشرحة ليس أمراً جديداً وأن المشرحة تم إنشاؤها في العام (1952) باعتبار أن الخرطوم وقتها كانت تسع (500) ألف نسمة وأنها حالياً تسع ما يزيد عن (6.14) ملايين شخص، وأن خرطوم اليوم ليست خرطوم الأمس، ويدافع الوزير بشدة عن قراراته حول ترحيل عدد من الأقسام في المستشفيات المركزية إلى أطراف العاصمة ويقول إن هنالك (أناس تمت ولادتهم داخل الدفارات والحافلات) وهم في طريقهم إلى وسط الخرطوم لتلقي العلاج، ويؤكد أن الغرض من تلك القرارات هو نقل وتقديم الخدمات الطبية المميزة بأقل ثمن وفي أقرب موقع.
.. مواجهات وانتقادات للصحة
وأثار طرح وزارة الصحة لعدد من القضايا الصحية ردود أفعال متباينة بين عدد من المداخلات من الصحافيين الذين عابوا على الوزارة الخدمية عدم تعاونها في تمليك المعلومات للصحافة أول بأول ونظرتها من (علٍ) للصحافة والصحافيين وأن البعض يرى أن نقل الأقسام من المستشفيات المركزية فيه تكسير وبيع لتلك المستشفيات، مشيرين إلى أنه يتعين على الحكومة لو أنها حريصة على تغذية الأطراف أن تغذي الأطراف وتغذي المركز في ذات المغزى. بينما تساءل البعض حول ما هي الخطوات التي ستلي ترحيل تلك الأقسام وكيف يستفاد من أراضيها وإلى من تؤول تلك الأرضي فضلاً عن الارتفاع الجنوني في أسعار وتكلفة العلاج. ويقول رئيس تحرير صحيفة (الخرطوم) “عادل الباز” إنه مع فكرة تقطيع وتكسير مستشفى الخرطوم لما تجلبه من أمراض في حد ذاتها الأمر الذي أثار حفيظة عدد من الصحافيين الذي اعترضوا على طرحه ما أدى إلى تدخل والي الخرطوم الذي رفض فكرة التدخل عند المداخلات. ويرى الإعلامي واختصاصي التخدير الدكتور “سيد قنات” أن نقل الخدمات إلى الريف ليس عليه اعتراض وأن الاعتراض يكمن في هل المستشفيات الريفية مؤهلة حتى تستقبل مرض المستشفيات المركزية؟.
والي الخرطوم : غير راض عن أداء المؤسسات الصحية
ويقر والي الخرطوم الدكتور “عبد الرحمن الخضر” في تعقيبه على حديث الصحافيين بأنه غير راض عن أداء المؤسسات الصحية في ولاية الخرطوم، ويقول إن سياسات وزير صحته “مامون حميدة” قابلة للأخذ والرد وأن معظم القرارات التي اتخذها الرجل لم يتخذها منفرداً وأن طاقم الوزارة هو الذي يدرس القرارات التي بالطبع ستمر عبر مجلس وزراء حكومة الولاية الذي يوافق على الصحيح منها ويعترض على الخطأ. ويطالب الوالي بعدم شخصنة القضايا مع الوزير “مامون حميدة” من خلافه، ويدافع الوالي بشدة عن سياسات وزير صحته وعن المستشفيات التي تم ترحيل بعض الأقسام إليها.