تقارير

محاولة الاغتيال.. روايات جنائية من مسرح الحدث

شهود عيان يروون لـ(المجهر) التفاصيل وتضارب حول مصدر التفجير ..

جارة لـ”حمدوك” تروي حجم الخسائر بمنزله وتكشف قصة العربة (الآكسنت)
كوبر ـ الشفاء أبو القاسم
المدخل إلى كبري كوبر كان مزدحماً عند العاشرة إلا ربعاً، بفعل الانفجار الذي وقع عند التاسعة صباحا، واستهدف سيارة رئيس الوزراء السوداني د. “عبد الله حمدوك” أثناء توجهه إلى مقر عمله وسط الخرطوم، لذلك كان الوصول إلى محل الانفجار السير بالأقدام، وعند الوصول إلى منطقة الانفجار التي تقع أسفل الكبرى الطائر بالشمال الغربي كانت الانتشار الشرطي كثيفاً أعلى الجسر وأسفله، إلى جانب ناقلات الجنود التي شكلت طوقاً أمنياً، حيث تجمهر المئات حول المكان مما شكل عائقاً أمام الحركة، الهتافات حاضرة (يا حمدوك الكيزان غدروك) (الصبة سنة) و(أصحى يا ترس)، وكذلك استمرار الضرب على اللوحات الإعلانية التي اعتلاها عدد من الثوار.. (المجهر) من خلال بحثها الميداني عن الحقائق التقت عدداً من شهود العيان لحظة وقوع الانفجار.
شاهد عيان يروي لحظة الانفجار
عامل البساتين “المرضي أحمد عبد الله” الذى كان يعمل لحظة وقوع الانفجار في أحدى البساتين القريبة لمحل الانفجار ذكر بأنه كان يجلس برفقة أحد السائقين عند الثامنة والنصف صباحاً استعداداً لمزاولة عمله، وفي الأثناء شاهد “كنفوي” موكب رئيس الوزراء “حمدوك”، وعند مرور الموكب سمع صوت انفجار قوي، وبعدها شاهد غباراً كثيفاً يخرج من تحت الأرض حجب عنه الرؤية، وكان ذلك أثناء جلوسه تحت إحدى الأشجار. وأضاف: (عند محاولتنا الزحف تحت الشجر للخروج من المكان سمعنا انفجاراً، وبعد ذلك شاهدنا حريقاً هائلاً وألسنة لهب وتبعها دخان كثيف). وقال “المرضي” إنه تعرض لشظية أصابت عينه بعد وقوع الانفجار بـ(10) دقائق. ورجح “المرضي” أن الشيء الذي أحدث الانفجار كان مدفوناً تحت الأرض. ووصف “المرضي” الشارع لحظة الانفجار بأنه كان خالياً من المارة فى جميع الاتجاهات. وأوضح أنه شاهد أفراداً من الحرس قاموا بتأمين “حمدوك” وإخلائه إلى سيارة أخرى. وقال إن البناية التي يعمل بها أحدها مستأجرة لوافد أجنبي، وكانت سيارته متوقفة أمام المبنى وتأثرت بفعل الانفجار، وأن الشرطة أخذت إفادته كشاهد عيان على الحادثة.
الانفجار أحدث اختلالاً في مقود القيادة..
وكشف شاهد عيان آخر ــ فضل حجب اسمه ــ تزامن وقت استقلاله للكبرى الطائر واستعداد شرطة المرور لإخلاء الشارع لفتحه أمام موكب رئيس الوزراء. وذكر أنه عند منتصف الكبري سمع دوي الانفجار الذي سبب اختلالاً في قيادته لسيارته وأنه شاهد الغبار الكثيف.
تحطيم جزئي لبناية جراء الانفجار
وقالت “ريم عبد الباسط” التي تقطن أحد المنازل المجاورة لـ”حمدوك” إنها لم تكن تتخيل أن ما حدث كان أمام البناية التي تقطنها، وحكت في حديثها لـ(لمجهر) تفاصيل ما حدث بأنها سمعت صوت انفجار قوي أثناء جلوسهم في حديقة المنزل عندما اهتز بهم المنزل والكراسي التي كانوا يجلسون عليها، وعند خروجهم لاكتشاف الأمر بالخارج وجدوا الحديقة احترقت تماماً إلى جانب سيارته الـ”سنتافي” تدمرت تماماً وعند دخولهم إلى المبنى وجدوا المنزل قد تهشم زجاجه بالكامل وسقوط أجزاء من جدران المنزل وحريق في بعض المراوح التي تلوَّت بفعل الانفجار >

شاهد عيان: (الآكسنت) تخصنا ولا علاقة لها بالانفجار ونتج عن عبوة ناسفة مزروعة بين الشجر وأدت لحرق الأشجار حولها
رواية أخرى ..
شاهد عيان تابع الحدث كشف رواية أخرى عن السيارة (الآكسنت) وأن الوكالات والمحطات اتفقت على أن القنبلة الناسفة انطلقت من السيارة (الآكسنت) التي وجدت في موقع الحدث، مما أدى لحرقها بالكامل وإتلافها، لكن الشاهد أكد أن القنبلة لا علاقة لها بالسيارة، لأنها كانت موجودة منذ يومين في المكان، وتقف أمام منزلهم وهي العمارة التي تفتح على موقع الانفجار الذي أحدث صوتاً داوياً هز أرجاء المدينة، وأن ما نتج جراء قنبله مزروعة بين الأشجار، وأدى ذلك لحرق كل الأشجار التي حولها وأن هناك من وضعها وقام بتفجيرها وأن القوات الأمنية طوقت المنطقة، وقامت بتفتيش أسطح المنازل ولكنهم لم يجدوا شيئاً لأن الشخص الذي دبر لذلك دبر له بعناية دقيقه وفائقة.
طوق أمني مكثف ..
وطوقت قوات شرطية وعسكرية كبري القوات المسلحة تجاه بحري بكل الاتجاهات وضربت طوقاً بشريط أصفر، وحضر حوالى الساعة العاشرة فريق الأدلة الجنائية برئاسة اللواء شرطة “حيدر سيد أحمد” ومدير عام الشرطة لمكان الحادثة، حيث تم رصد مكان الحادث، وأخذ عينات من شظايا الانفجار ورفعت للمختبر، حيث ظل عمل الفريق لفترة ساعة كاملة.
إصابة شرطي في موكب “حمدوك”
وكشفت الشرطة في بيان لها ــ تلقت (المجهر) نسخة منه ــ عن تعرض موكب رئيس مجلس الوزراء لانفجار أمس الساعة التاسعة صباحاً أثناء مروره أسفل كبري القوات المسلحة من ناحية الخرطوم بحري. ووصفت الشرطة العمل بالإرهابي تمثل في تفجير بالتزامن مع مرور الموكب، وأسفر التفجير عن إصابة شرطي المرور في الدراجة النارية بمقدمة الموكب بإصابات يجري حالياً إسعافه، كما تضررت عدد من المركبات بينها سيارتان من موكب رئيس مجلس الوزراء، ولم ينجم عن الحادث أي إصابات أخرى، وأن السيد رئيس مجلس الوزراء والطاقم المرافق له بخير.
وقال الناطق الرسمي اللواء حقوقي “عمر عبد الماجد” إن ما حدث عمل دخيل وخطير على البلاد، ولم يحدث على مر التاريخ الحديث، وقطعت الشرطة في بيانها بأن هذا الأمر لن يمر دون كشف أبعاده. وذكرت أن السلطات الأمنية وضعت نفسها في حالة استنفار قصوى ومتابعة دقيقة لكشف هذا المخطط الإرهابي الذي يهدف إلى جر البلاد نحو واقع خطير ومعقد، حيث تم تشكيل غرفة إدارة أزمة لهذا الغرض، وناشدت الشرطة في بيانها الممهور بتوقيع الناطق الرسمي اللواء “عمر عبد الماجد” المواطنين الحادبين على مصلحة البلاد أن يتحلوا بأقصى درجات اليقظة والتعاون مع الأجهزة المختصة وضرورة الإبلاغ عن أي مظاهر أو أنشطة تهدد أمن وسلامة استقرار البلاد.

جريمة ضد الدولة ..
وقالت النيابة العامة في تعميم صحفي إن استهداف موكب رئيس مجلس الوزراء هو استهداف لكل النظام الانتقالي الدستوري القائم بالبلاد. وترى النيابة العامة أن ذلك العمل قد تم التخطيط له بصورة احترافية سواء من حيث الزمان أو من حيث المكان، وهو بذلك يشكل جريمة ضد الدولة مكتملة الأركان بموجب نص المواد (50 و51) من القانون الجنائي لسنة 1991م وقانون الإرهاب لسنة 2001م وقانون الأسلحة والذخيرة لسنة 1986م، لقد بدأت النيابة العامة التحقيقات وكان النائب العام حضوراً في مسرح الأحداث، وتواصل إدارة الأدلة الجنائية بالشرطة وكل أجهزة الدولة المعنية إجراءات التحقيق والبحث الجنائي للقبض على الجناة، وتشير هنا إلى أنه ومنذ 18 ديسمبر 2018م وحتى سقوط النظام السابق كانت كل المسيرات سلمية ولم تشهد البلاد خلال ثلاثين عاماً أية أعمال تفجيرات ولأول مرة تبدأ هذه الظاهرة بعد سقوط النظام السابق.
وقال النائب العام “تاج السر الحبر” إن أجهزة الدولة المختلفة ستواصل التحقيقات والرصد ومواجهة أي عمل إرهابي بالحزم اللازم وفق أحكام القانون وستواصل النيابة العامة بشجاعة ومهنية عالية التحقيقات في كل قضايا رموز النظام السابق وخاصة قضايا العنف والقتل خارج نطاق القضاء، والجرائم ضد الإنسانية، وممارسة عمليات القتل والسجن والإرهاب، التي وقعت في مواجهة المتظاهرين السلمية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية