بكري حسن صالح .. هل هو خليفة الرئيس البشير؟
من هو الرجل الذي سيجلس على كرسي الرئيس “عمر البشير” عندما تنتهي ولايته عام 2015م؟ ومن الذي سوف يحوز على ترشيح المؤتمر الوطني ليصبح الحاكم الجديد في المستقبل؟ وهل سيكون من العسكريين أم المدنيين الإسلاميين؟ فالصورة المقطعية تؤكد بأن “البشير” بناءً على إشاراته القاطعة والمتكررة لن يعود إلى كرسي السلطة مرة أخرى، مكتفياً بفترة حكمه التي ستقارب الـ(30) عاماً بنهاية ولايته الحالية.
منضدة الخلافة تكتظ بعدد مقدر من المرشحين الأقوياء على رأسهم الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول والدكتور “نافع علي نافع” مساعد رئيس الجمهورية والأستاذ “أسامة عبد الله” وزير الموارد المائية والكهرباء والفريق “عبد الرحمن سر الختم” سفير السودان بدولة أثيوبيا، والقائمة مليئة غير أن هنالك من يرى بأن حظوظ الأستاذ “علي عثمان” تأخذ حيزاً كبيراً من النقاط الأساسية التي تؤهله للوصول إلى الرئاسة في إطار الحيثيات الطبيعية والتقييم التلقائي للأمور !! فالقيمة البليغة تتأطر حول ضمان مشهد الجلوس على كرسي “البشير” في نهاية المطاف دون قيام الأعاصير والرياح العاتية، وأمامنا واقعة إقصاء الفريق (م) “عبد الماجد حامد خليل” بقرار من النميري في العهد المايوي، وعلى الصعيد العربي مازال التاريخ المعاصر يتحدث عن قرار العاهل الأردني الراحل الملك “حسين” بإعفاء شقيقه الأمير “الحسن” من ولاية العهد في اللحظات الأخيرة وحرمانه من الجلوس على عرش الأردن.
مهما يكن فإنه لا توجد كتلة صماء وقوالب منقوشة تحدد ثوابت الخلافة وفلسفة البقاء في مواقع التكاليف العامة من خلال أدبيات القاموس السياسي.. وها هو الفريق “بكري حسن صالح” يدخل في لحظة مواتية إلى عالم المرشحين لخلافة “البشير” من بوابة العسكريين.
فالشاهد أن ترشيح الفريق “بكري” في منصب نائب الأمين العام للحركة الإسلامية قد أدخل الرجل في دائرة الفعل السياسي الإيديولوجي وأزاح الستار حول أهمية اختياره ضمن المنافسين على كرسي الحكم خلال الفترة المقبلة.
لقد طل الفريق “بكري حسن صالح” يرتبط بحبل من الثقة والود والتجانس مع الرئيس “البشير” وهو الوحيد من أعضاء مجلس 30 يونيو 1989 الموجودين في السلطة حتى الآن، وقد أوكلت إليه في سنوات الإنقاذ العديد من الملفات الدقيقة والحساسة على نطاق الأمن والقصر وكان يمارس تلك المهام الحيوية بعيداً عن الأضواء والأنوار الساطعة.
ولا يعرف عن الفريق “بكري” أي ميول نحو الحركة الإسلامية بل إن علاقته مع الإسلاميين كانت محل جذب وشد، غير أنه لعب دوراً محورياً في انقلاب الإنقاذ ويعتقد الكثيرون أن بقاءه في الحلقة الضيقة التي تمسك بتلابيب الأمور يرجع إلى قدرته الفائقة على لمس الزر السحري في شخصية “البشير” وإلمامه بتركيبته النفسية والفكرية.
كان لافتاً للنظر ابتعاد الفريق “بكري” عن الصراعات داخل السلطة وقد كان له موقف واضح عندما وقع مع المدنيين الإسلاميين على مذكرة العشرة الشهيرة التي لعبت دوراً متعاظماً في إبعاد “الترابي” عن السلطة، وفي السياق يقول مؤيدو الفريق “بكري” بأنه رجل وفاقي قليل الكلام كثير الفعل، وأما معارضوه فإنهم يرونه بأنه شخصية غامضة وقاسية لا ترحم!!
لقد دخل الفريق “بكري” في طاولة المنافسة القوية حول خلافة “البشير” من خلال الموازنة الدقيقة بين العسكريين والمدنيين الإسلاميين وهو من دهاقنة الحكم والنفوذ في السلطة ولم يرتبط بإرهاصات الفساد والتجاوزات واستغلال الصولجان .. فهل يصبح الفريق “بكري” خليفة الرئيس “البشير”؟.
أما عن الصعيد الشخصي فقد شاهدت الفريق “بكري” عن قرب مرتين، المرة الأولى كانت في منزل الأستاذ “فتح الرحمن شيلا” خلال شهر رمضان قبل خمس سنوات، وفي المرة الثانية عندما جاء في مناسبة اجتماعية بمنزل اللواء “صادق محمد سالم” محافظ الخرطوم الأسبق وشقيقه الأستاذ “حسن محمد سالم” وقد لمست أن الرجل متواضعاً يميل للنكتة والدعابة .
لونية الفريق “بكري” تشكل مذاقاً مختلفاً وخيوطاً متينة تبحر في خضم العسكرية البحتة والنهل من الطريقة الإدريسية ومناخات منطقة النوبة، وهو مسكون بعالم (الظل والهدوء والانطواء) والانكباب المذهل في الحراك الكثيف والعمل المتواصل على الدوام .
ميزان العلاقة بين الفريق “بكري” والرئيس “البشير” يسربل في متاهات وجدانية محفوفة بخصائص الزمالة العسكرية ومزايا اللحظات المتجذرة في الفؤاد.