تقارير

” آلية إدارة الأزمة “.. البحث عن حلول طارئة للأزمات الاقتصادية

تكونت نتيجة لاجتماع المجلس السيادي ومجلس الوزراء وقحت

الخرطوم : نجاة إدريس
نتيجة للوضع الاقتصادي المأزوم الذي يعاني منه المواطن الآن مع عودة صفوف الخبز والوقود والانخفاض المريع للعملة السودانية مقابل العملات الأجنبية قرر مجلسا السيادة والوزراء إضافة لقوى الحرية والتغيير مساء (الخميس) الماضي تشكيل آلية عليا لإدارة الأزمة الاقتصادية ، وناقش المؤتمرون – إثر الاجتماع الطارئ الذي أقيم بالقصر الجمهوري – تنويراً من مجلس الوزراء حول الوضع الاقتصادي الراهن وموقف السلع الإستراتجية بالإضافة لتدهور العملة الوطنية ، وانخرط المؤتمرون في مناقشة أسباب هذه الأزمات وجذورها وإيجاد حلول عاجلة ومتوسطة وطويلة الأجل ومن ثم تم تشكيل قرار بتكوين ” آلية اقتصادية لإدارة الأزمة” وذلك لمعالجة الأزمة الاقتصادية الراهنة .
نقاش
وقبيل تشكيل الآلية حذر رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن “عبدالفتاح البرهان” كل من مجلسي السيادة والوزراء وقوى الحرية والتغيير من استفحال الأزمة، مشيراً إلى أن استفحالها سيفتح الباب أمام المتربصين بالسودان حاثاً الجميع بضرورة التحلي بالشجاعة في اتخاذ القرارات.
وفي السياق، لفت رئيس الوزراء د.”عبدالله حمدوك” إلى أنه سبق وشكل لجان أزمة منوهاً لضرورة اتخاذ قرارات صعبة .
وفي ذات السياق أكد وزير المالية د.”إبراهيم البدوي” بأن الاقتصاد السوداني يعاني من تشوهات عميقة مشدداً على ضرورة أن تتوفر الإرادة السياسية لإنفاذ الخطوات التي يكمن فيها الحل ، من جانبها قدمت قوى الحرية والتغيير خطة إسعافية من (12) بنداً تضمنت مقترحات إسعافية لمعالجة الأزمة الراهنة.
تشكيل
وتشكلت ” آلية إدارة الأزمة” برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول “محمد حمدان دقلو حميدتي” وعضوية كل من عضو مجلس السيادة “محمد الفكي سليمان” بجانب عدد من الوزراء منهم وزير المالية ، وزير التجارة والصناعة ، وزير الزراعة ، وزير الصحة ، وزير الطاقة والتعدين ، وزير الري والثروة الحيوانية بالإضافة لوكيل وزارة العدل ، وضمت الآلية من قوى الحرية والتغيير د.”مريم الصادق” والتي تقرر أن تكون مقرراً لآلية كما ضمت كلاً من “علي الريح السنهوري” ،”إبراهيم الشيخ” ، “أيمن خالد” ، “فيصل شبو” بالإضافة إلى د.”شوقي” ،ود.”شيخون” .
مساعدات مستترة
وسبق أن كشف نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول “محمد حمدان دقلو “حميدتي “- إبان اشتعال أزمة الوقود في فبراير الماضي –عن منع بعض مكونات قوى الحرية والتغيير المكون العسكري من تقديم المساعدة، كاشفاً عن أنه سبق أن دفع بتحذيرات خلال اجتماع مشترك للمجلس السيادي ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير ، من حدوث أزمات، مشيراً إلى أن أزمات الخبز والوقود والسيولة هي التي أطاحت بالرئيس المعزول “عمر البشير” موضحاً بأن –هذه الأزمات – يمكن حلها إذا وضعنا أيدينا في أيادي البعض وجعلنا الهم هو الخروج من الأزمة ،ولفت “حميدتي” –خلال حواره مع قناة سودانية 24 – إلى أنهم لا يستطيعون تقديم مساعدات لكل هذه الأزمات إلا من “تحت التربيزة “.
فلاش باك
وسبق لحكومة “النظام البائد ” في حكومة “معتز موسى” –عندما اشتدت عليها الأزمات الاقتصادية وتطاولت عليها صفوف “الخبز والوقود والسيولة ” أن صنعت “آلية صناع السوق ” – وهي جسم مستقل تكون مهمته إعلان سعر صرف الدولار بصورة يومية من مقره باتحاد المصارف السوداني. وتتكون الآلية من (11) عضواً يمثلون خبراء ومديري بنوك وصرافات لا علاقة لهم بالحكومة- وكان سعر الجنيه مقابل الدولار وقت تكوين الآلية (29) جنيهاً ولكن الآلية كانت قد خفضته ليصبح(47.5) جنيه ثم توالى الانخفاض المريع لعملتنا الوطنية بعدها .
توقعات
توقعت مصادر اقتصادية هبوط الدولار إلى أدنى مستوياته في الأيام القادمة بسبب ضخ ملايين الدولارات إلى بنك السودان وذلك بإشراف من نائب رئيس مجلس السيادة “حميدتي ” بعد إعادة تنشيط المنحة السعودية – الإماراتية بالإضافة للإجراءات الصارمة التي ستمارس تجاه كبار تجار العملة .
حرث في البحر
وأشار الأكاديمي والاقتصادي د.”عبدالله الرمادي” إلى أن ” آلية إدارة الأزمة”هي لجنة سياسية وليس لها علاقة بالاقتصاد معتبراً بأن مثل هذه الخطوة لا تحل أزمات البلاد الاقتصادية بل هي حرث في البحر، ولفت د.”الرمادي” في حديثه لـ(المجهر) أمس إلى أن المقصود من تكوين هذه الآلية دفع “حميدتي” لتوظيف إمكانياته المالية والاستفادة من علاقاته بدول الإمارات ومصر حتى تمدان للسودان يد العون بعد أن تخلى “أصدقاء السودان” عنه ، وعلق “الرمادي” على تعيين د.”مريم الصادق” كمقرر لآلية بأن الحكومة الانتقالية عينتها في هذا الموقع لكسب الدعم الجماهيري، لافتاً إلى أنها طبيبة وليست اقتصادية مضيفاً بأن الحكومة الانتقالية تمارس ذات التفكير وطريقة المعالجة التي كانت تمارسه حكومة النظام البائد مضيفاً بأن أي وصفة اقتصادية يجب أن توصف على حسب الداء مشدداً على ضرورة أن توكل أي لجنة تتكون لذوي الاختصاص وذلك حتى تحترم المهنية والعلم .
تأخر وربكة
أشار الدبلوماسي والمحلل السياسي د.”الرشيد أبوشامة” إلى أن خطوة الحكومة الانتقالية هذه تأخرت كثيراً فهم الآن لديهم ستة أشهر منذ توليهم لمناصبهم ، ولفت “أبوشامة” في حديثه لـ(المجهر) أمس إلى أن المسؤولين بالحكومة الانتقالية سعوا من أجل رفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب بالإضافة لطلبهم مساعدات من الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية حتى يتم تمويل الميزانية مؤكداً بأن الحكومة الانتقالية بمسعاها ذاك نسيت أن الدول الأوربية وأمريكا سبق أن وعدت السودان قبيل توقيع اتفاقية نيفاشا، ولكنهم لم يفوا بوعودهم .وأضاف “أبوشامة” بأن مسؤولي الحكومة الانتقالية لم يعملوا في الجانب الداخلي لتنمية مواردهم الطبيعية من زراعة وإنتاج حيواني ومعادن وبترول، مضيفاً بأنه كان عليهم أن يكونوا الآلية لرفع منتجاتنا هذه وليسير هذا المسار جنباً إلى جنب مع توجههم الخارجي، مضيفاً بأنه لو كانت هذه الآلية المتخصصة بعمل الداخل موجودة لما عطش القمح ، وانتقد “أبوشامة” أن تضم الآلية سياسيين، لافتاً لأهمية أن تكون لفنيين متخصصين وضرورة أن يكون رئيس الآلية نائباً لرئيس الوزراء ، مؤكداً ضرورة أن يعمل بدراية في تنمية مواردنا الطبيعية ، وأضاف “أبوشامة” بأن عمل الآلية جاء مربكاً ومتأخراً . وأكد “أبوشامة” بأن تعيين “حميدتي” كرئيس للآلية شيء جيد باعتبار أنه رجل كريم وله مال، ولكنه لم يتوقع بأن الرجل يستطيع بماله هذا حل الضائقة الاقتصادية للسودان وأزمته المالية ،أما إذا تم تعيينه من أجل علاقاته بدول السعودية والإمارات فتوقع “أبوشامة” إلا تعطي –هذه الدول – السودان شيئاً في المستقبل القريب لأنه سبق وأعطته، لافتاً إلى ضرورة أن يعتمد السودان على موارده الطبيعية وألا يعول كثيراً على المنح والمساعدات الخارجية .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية